لقي السوري المصاب بالسرطان، بسام قزاق، حتفه أول من أمس السبت، ليضاف اسمه إلى قائمة طويلة من ضحايا المرض القاتل المحاصرين في غوطة دمشق، والمحرومين من العلاج.
ووفقاً لأحد أطباء المكتب الطبي لمنطقة المرج، كان قزاق، المنحدر من بلدة حران العواميد بريف دمشق، يعاني من سرطان غدة الكظر، وتردت حالته الصحية بسبب عدم حصوله على الدواء، وفشل الجهود لنقله خارج الغوطة المحاصرة.
وأوضح الطبيب محمد كتوب، من الجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز)، لـ"العربي الجديد"، أن "الأمم المتحدة تمتلك قائمة بالحالات الحرجة المفروض علاجها، كما أن طلباً لإخراج بسام قزاق، رفع قبل شهرين عن طريق شعبة الهلال الأحمر في دوما، إلى فرع دمشق للهلال الأحمر، والذي رفعه بدوره إلى وزارة الخارجية التابعة للنظام، والتي من المفترض أن تمنح الموافقة، لكنه لم يلق أي تجاوب، علماً أنه المريض الحادي عشر الذي يلقى حتفه بينما اسمه مدون في لوائح الإجلاء".
ويتابع الطبيب: "مرضى السرطان لا يمكن علاجهم في الغوطة، كل ما نملكه هو أدوية لتخفيف الأعراض، في الحالات الاضطرارية يتم إجراء جراحات بدون الصور الشعاعية أو الرنين المغناطيسي لتحديد مكان السرطان وحجمه، وفريق العمل المتخصص يعمل بإمكانيات بسيطة، ومن المفروض إجلاء جميع المرضى إلى الخارج".
ويصف كتوب، عمليات الإجلاء بالهزيلة، قائلاً "خلال الأشهر الماضية تم إجلاء 8 حالات فقط. لم نترك جهة دولية إلا وتواصلنا معها، إضافة لمسؤولين من الولايات المتحدة وروسيا، دون نتيجة. ملف المرضى يستخدم كورقة سياسية، والهلال الأحمر السوري هو واسطة فقط، ويبدو أن مكتب الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية غير مهتمة لوفاة المدنيين".
مركز علاج وحيد
وتضم غوطة دمشق مركزاً وحيداً لعلاج أمراض الأورام والدم في مدينة دوما، لديه قرابة 1200 مريضا مسجلا، لكن منع قوات النظام للقوافل الإغاثية، حرم المرضى من العلاج، ما أدى إلى تدهور صحتهم، رغم سريان اتفاق خفض التصعيد الذي ينص في أحد بنوده على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة.
ويعاني المركز من غياب الأدوية والجرعات الكيماوية الضرورية للعلاج، إضافة إلى صعوبات إجراء التحاليل الطبية الدورية، التي كانت تستغرق سابقاً يومين للحصول على النتائج، أما في ظل الحصار المطبق قد تستغرق حوالي الشهر.
يقول تامر، وهو أخ أحد مرضى السرطان في الغوطة "نقطع 25 كم للوصول إلى مركز العلاج، تستغرق ساعة بالسيارة، كنا سابقاً نصل لدوما خلال 20 دقيقة، نقضي ليلة في المركز ثم نعود في اليوم التالي".
ويؤدي الحصار لانتكاس الكثير من مرضى السرطان بسبب الواقع الصعب الذي يعيشونه، وعدم إمكانية إجراء الفحوص الطبية الدورية اللازمة لمراقبة المرض لضمان عدم عودته مجدداً.
ووصف المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، زيد بن رعد الحسين، الوضع في الغوطة الشرقية بريف دمشق جنوبي سورية بـ"الصادم"، وطالب بالسماح بإدخال المواد الغذائية والأدوية إلى ما لا يقل عن 350 ألف محاصر.
وأصدرت الأمم المتحدة تقريرا أوضحت فيه أن أهالي الغوطة الشرقية يعانون نقصاً شديداً في الغذاء لدرجة أنهم يتناوبون على أكل الطعام، بسبب حصار قوات النظام السوري، معترفة أن الناس يموتون كل يوم أو يتعرضون لخطر الموت، لأسباب يمكن الوقاية منها، بما في ذلك أكثر من 500 من الرجال والنساء والأطفال المرضى، الذين تحاول الأمم المتحدة إخراجهم من الغوطة الشرقية منذ نحو شهرين.