قرّرت بعض المنظّمات الدولية إغلاق عدد من مراكزها المخصصة لعلاج الكوليرا في اليمن، بعد تراجع حالات الإصابة بالمرض، لكنّها شددت على ضرورة الاستمرار في المراقبة الدقيقة للحالات المشتبه بها، حتى لا ينتشر المرض مجدداً. وأعلنت منظّمة أطباء بلا حدود أنها ستخفّض دعمها لـمكافحة الكوليرا بنسبة كبيرة في المستشفيات التي تدعمها في البلاد، بعدما انحسر عدد المصابين بنسبة 95 في المائة.
وأكدت المنظّمة، في بيان، تراجع عدد الحالات المسجّلة أسبوعياً في مراكز علاج الكوليرا التابعة للمنظمة في اليمن من 11 ألفاً و139 في الأسبوع الثالث من يونيو/ حزيران الماضي إلى 567 حالة في الأسبوع الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. أوضحت أن الكوليرا لم ينته بعد، لكنّه لم يعد يشكّل الأولوية الطبية بالنسبة للمنظمة في اليمن.
تقول أم نوران، وهي عاملة في مجال الصحة، في أحد مراكز علاج الكوليرا في صنعاء، إن أعداد المصابين بالكوليرا تراجعت بشكل كبير بالمقارنة مع ما كانت عليه في السابق. تضيف لـ"العربي الجديد"، أن غالبيّة الحالات التي تصل إلى المركز تعاني من إسهال أو "ألاميبيا" وغيرها، والتي لا تُصنّف ضمن الكوليرا، مشيرة إلى أن بعض القائمين على مراكز العلاج يسجلون تلك الحالات على أنها كوليرا حرصاً على استمرار الدعم المقدم من المنظمات.
من جهته، يقول الموظّف الإداري في مركز صحّي آخر في صنعاء، عدنان عبده، لـ"العربي الجديد"، إنّ الجهات المعنية تحاول إخفاء التراجع في نسبة مرضى الكوليرا. ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن "القائمين على المراكز مستفيدون من دعم المنظمات، وهناك محاولات لعدم الإفصاح عن تراجع الكوليرا". ويرى أنّه يتوجّب على المنظّمات "توفير بعض العلاجات غير المتوفّرة للأمراض المزمنة، مثل السكري وأمراض الكلى ودعم مراكز السرطان وغيرها من الأمراض".
إلى ذلك، قرّرت منظّمات دولية ومحليّة أخرى تقليص عملها في ما خص الكوليرا بعد انحسار انتشاره في اليمن. يقول مدير مكتب الصحة في محافظة تعز، الواقعة جنوب العاصمة صنعاء، عبد الرحيم السامعي: "حالات الإصابة بالكوليرا تراجعت بشكل كبير في اليمن عموماً وفي المحافظة خصوصاً"، عازياً السبب إلى "تدخّل المنظمات الذي ساهم في الحد من انتشار المرض ورفع الوعي لدى المواطنين حول كيفية الوقاية منه". يضيف أن المنظمة الوطنية للتنمية الصحية، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، ومنظمة سجايا، ومنظمة "كير" العالمية، وجمعية الإصلاح، ومبادرة همة شباب، ومنظمة أجيال بلا قات، ومنظمة سول، قررت تقليص نشاطها حالياً.
ويؤكّد مصدر طبي في وزارة الصحة العامة في صنعاء، الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين)، أن إجمالي حالات الاشتباه بالكوليرا التي سجلها الترصد الوبائي بلغت أكثر من 892 ألف حالة، فيما وصل عدد الوفيات إلى 2185، وذلك منذ 27 إبريل/ نيسان وحتى 3 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2017. وأظهر إحصاء في إطار التقرير أن عدد الحالات المشتبه بها انخفض من 4200 حالة في 14 أكتوبر/ تشرين الأول إلى 3000 حالة في 25 من الشهر نفسه، ثم إلى العشرات في التاسع والعشرين منه. ولم يبرر التقرير المرفق أي أسباب لهذا الانحسار الحاد خلال أيام.
السلطات الصحيّة في صنعاء اعترفت بتراجع نسبي في حالات الإصابة بالكوليرا وحالات الوفيات، لكنّها اعتبرت قرار بعض المنظمات إغلاق مراكز علاج الحالات مخالفاً ومن جانب واحد، وقد جاء من دون موافقه السلطات المعنية، بحسب مدير عام الترصد الوبائي في وزارة الصحة العامة في صنعاء عبد الحكيم الكحلاني، الذي يؤكد لـ"العربي الجديد": "نسجّل يومياً 6 إلى 7 آلاف حالة اشتباه من كل محافظات الجمهورية. وفي الوقت الحالي، نسجّل من 3 إلى 4 آلاف حالة". يضيف: "بعض المنظمات تكفلت بدفع نفقات التشغيل للكادر الذي يعمل في مراكز معالجة الحالات، الأمر الذي اعتبرته المنظمات مكلفاً، فقررت إغلاق عدد من المراكز".
إلى ذلك، أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة في الحكومة الشرعية محمد السعدي، أن نسبة الشفاء من الكوليرا بلغت 99.5 في المائة، مؤكداً أنّ تراجع حالات مرض الكوليرا دفع عدداً من المنظمات إلى إغلاق مراكزها لعلاج الكوليرا، مثل منظمة الصحة العالمية، واليونيسف، والهيئة الطبية العالمية، ومنظمة "أطباء بلا حدود". من جهتها، أعلنت منظمة الصحة العالمية في حسابها على "تويتر"، أن حالات الوفيات بالكوليرا ارتفعت إلى 2188، إضافة إلى أكثر من 900 ألف حالة إصابة، بعد 6 أشهر من تفشي المرض.