في الجزائر لكل صاحب سيارة تاكسي سعره، ولأن مطار الجزائر لا يرتبط بالمدينة بأي خط نقل آخر، عدا حافلة للنقل العام تتوقف مبكرا عن العمل، فإنك ستكون مجبرا على قبول أحد العرضين.
حين وصل التونسي أنيس عيادي إلى مطار الجزائر الدولي قادما من مطار فرانكفورت، لم يكن بينه وبين الفندق الذي حجز فيه غرفته أكثر من 4 كيلومترات، ورغم ذلك كان عليه أن يدفع 4 آلاف دينار جزائري (نحو 30 دولارا أميركيا) ليصل إلى الفندق.
كان أنيس يعتقد أنه، كما في أغلب مدن العالم، فإن هناك مدونة أسعار مطبقة على سيارات التاكسي. ليس الأمر كذلك في الجزائر، فمعاناة المسافرين والمواطنين وزوار العاصمة الجزائرية لا تنتهي منذ سنوات مع سيارات الأجرة.
قد تنتظر ساعة لتحصل على سيارة أجرة في العاصمة الجزائرية، خاصة في أوقات الذروة التي تتزامن مع دخول أو خروج الموظفين. وحده سائق التاكسي من يحدد وجهته في الجزائر وليس الزبون، حين يطلب المواطن من سيارة أجرة التوقف، لا يكون الأمر دائما موفقا، وعندما يطلب الزبون من صاحب التاكسي نقله إلى وجهة معينة لا يكون الموقف إيجابيا دائما.
كثيرة هي العوامل التي تدفع صاحب سيارة الأجرة إلى القبول أو الرفض، أو الزعم أن المقصد ليس اتجاهه، وفي أحيان أخرى يفتح باب التفاوض مع الزبون حول مبلغ التوصيل إذا كان المقصد بعيدا عن الشوارع الرئيسية لوسط العاصمة أو ضواحيها.
يختار أصحاب سيارات الأجرة وجهتهم إلى المناطق التي تدر مقابلا معقولا، وخاصة أنهم يستفيدون من إمكانية حمل أكثر من زبون في التوصيلة الواحدة.
لم يكن الوضع بهذا السوء سابقا، بحسب العم محمد قاسم، الذي يعمل كسائق أجرة منذ 32 سنة في العاصمة. يقول "كان لدينا لباس موحد وقبعة نرتديها إجباريا، كنا في السبعينيات والثمانينيات كما سيارات الأجرة في لندن، وفي تلك الفترة لم يكن أي شخص يسمح له أن يكون (طاكيسيور)، كان عليه أن يجتاز امتحانات في القيادة ومعرفة المدينة واللباقة والتعامل مع الزبائن قبل أن يمنح رخصة".
ويضيف "كنا مسجلين في قوائم لدى الشرطة، وكل يوم هناك مناوب يمكن أن يستدعيك في أي وقت لنقل أشخاص، لكن الوقت تغير واختلط الحابل بالنابل، وها نحن في فوضى، لم يعد هناك من سائقي الأجرة من يحترم الزبون أو يأخذه إلى وجهته بالعداد".
لا يحترم أغلب أصحاب سيارات الأجرة في العاصمة الجزائرية والمدن الأخرى نظام العداد، عدا في شوارع وسط العاصمة، والتي ما زال بها عدد محدود من سيارات الأجرة التي تعمل بنظام "المقعد الواحد"، حيث تقوم بالنقل على خط واحد بثمن محدد لكل مقعد، ما يقارب 2 دولار لكل مسافر، لكنها سيارات أشبه ما تكون بالنقل الجماعي، حيث تحمل السيارة أربعة مسافرين ويحسب الثمن على كل منهم، كما أن خطوط النقل هذه لا تتعدى قلب العاصمة.
ويبرر أصحاب سيارات الأجرة عدم احترامهم لتعرفة النقل بالزيادات الكبيرة في أسعار المعيشة، والزيادات في أسعار الوقود وقطع الغيار. يقول أبو بكر، وهو صاحب سيارة أجرة يقيم في حي المدنية في أعالي العاصمة الجزائرية: "كل شيء زاد سعره، فكيف يمكن لنا أن نقبل العمل بالأسعار الزهيدة التي تفرضها الحكومة؟ هذا يفرض علينا أن نعمل مع الزبائن الذين ينتقلون إلى خارج العاصمة، بدلا من وسط العاصمة حيث الزحام المروري الخانق، لنحصل على مقابل معقول".
ويطالب أصحاب سيارات الأجرة بزيادة تعرفة النقل التي كانت 15 دينارا جزائريا للوحدة، ما يعادل نحو دولار أميركي، بسبب ما يعتبرونه عدم كفاية هذه التعرفة، وخاضوا أكثر من مرة إضرابات وحركات احتجاجية للمطالبة بزيادة التعرفة، حتى خضعت الحكومة الجزائرية لمطالبهم وأقرت تعرفة جديدة تعادل ثلاثة دولارات للوحدة، لكن المشكلة ما زالت باقية بسبب قلة عدد السيارات.
وحاولت السلطات الجزائرية حل المشكلة، وفتحت باب منح التراخيص الجديدة، لكن الأمر لم يتغير، خاصة مع الإخفاقات في تنظيم حركة النقل العام وسط العاصمة، رغم وجود خط الأنفاق والترامواي، لعدة أسباب، منها زيادة عدد سكان العاصمة بشكل كبير وتمركز الإدارات العامة في العاصمة.