عبثاً، تبحث في هذه الإدارة أو تلك عن شخص معوّق يجيز له القانونُ أن يشغل وظيفة من كلّ مائة وظيفة يشغلها من لا يعانون من إعاقات.
منذ أكثر من ثلاث سنوات، تنشط الأحزاب السياسيّة في تونس لطرح برامج رياديّة حول العدالة الانتقاليّة والمساواة بين الجنسَين وغيرهما، لكن الأشخاص ذوي الإعاقة سقطوا من رزنامة الأحزاب وبرامجها. فبقوا من دون حقوق تحفظ كرامتهم.
محمد بن كريم يعاني إعاقة في قدمَيه، أقعدته منذ عشر سنوات. وهو عاطل عن العمل، يعيش فقط على مساعدات يقدّمها له الأهالي والأقارب.
وبعدما حاول بن كريم البحث عن عمل في أحد المصانع، مع الإشارة إلى إتقانه القراءة والكتابة ورغبته في تعلّم حرفة تحفظ له كرامته، رأى نفسه كآلاف الأشخاص المعوّقين، مضطراً إلى أن يقتات على المساعدات التي ترده.
ويبلغ عدد ذوي الإعاقة في تونس 20 ألفاً و800 شخص وفق بيانات وزارة الشؤون الاجتماعيّة، فيما يناهز عدد الجمعيات المهتمّة بهم 366 جمعيّة. أمّا المراكز المتخصّصة، فعددها 295 مركزاً. لكن على الرغم من عدد الجمعيّات الكبير، إلاّ أنّها لم تقدّم أي جديد لهؤلاء وظلت بعيدة عن الصعوبات التي يواجهونها في حياتهم اليوميّة.
منجية، تعاني هي أيضاً إعاقة بعد تعرّضها لحادث مرور وهي صغيرة، فلم تعد قادرة على المشي. مع ذلك، تعلمت الخياطة والتطريز، لكنها لم تظفر بعمل في أي مصنع خياطة على الرغم من بحثها الطويل. تقول إن "الأغلبيّة لا تثق في مؤهلات ذوي الإعاقة وقدرتهم على الإنتاج. وهو أمر مغلوط. فمعظمنا تغلّبنا على عجزنا وبتنا نتقن حرفاً عدّة. لكن حقوقنا في الشغل تبقى مهضومة، ويتواصل إقصاؤنا من سوق العمل".
ينصّ القانون التونسي على أنّه "لا يمكن أن تكون الإعاقة سبباً في حرمان مواطنٍ من الحصول على شغل في القطاع العام أو الخاص، إذا توفّرت لديه المؤهلات الملائمة للقيام به".
ويشير النصّ أيضاً إلى أنّه "لا يجوز إقصاء أي مترشح بسبب إعاقته من إجراء المناظرات أو الاختيارات المهنية للانتداب للعمل بالوظيفة العمومية والمنشآت والمؤسسات العمومية والمؤسسات الخاصة (…)". لكن ذلك لم يُعزز نصيب الأشخاص المعوّقين في العمل.
وحتى بعدما نصّ القانون على وجوب "تخصيص نسبة لا تقل عن 1% من الانتدابات السنويّة بالوظيفة العموميّة لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصّة"، لم يتغيّر الكثير. وما زالت معظم المؤسّسات لا تطبّق القانون ولا تشغّلهم ولا تجد من يحاسبها، خصوصاً وأنّ القانون السابق يتضمن قطبة مخفيّة تتمثل باستثنائه "للمؤسسات المشغّلة لأقلّ من 100 شخص". وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ النسيج الاقتصادي في تونس يتكوّن من عدد هام من المؤسّسات الصغرى والمتوسّطة التي لا يفوق عدد عمالها 100 شخص.
ويوضح مدير التضامن والتنمية الاجتماعيّة أحمد بلعزي في حديث لـ "العربي الجديد"، أنّه في عام 2006 تمّ تطبيق نسبة تشغيل 1% من الأشخاص المعوّقين في الوظيفة العموميّة حتى عام 2010. لكن بعد ذلك، تم التغاضي عن هذه النسبة التي تهتمّ بها الحكومة في الأساس.
وفي عام 2012، صدر في قانون الانتدابات فصل يخصّ "تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة"، بالإضافة إلى قرار من وزارة الشؤون الاجتماعيّة ينصّ على "أن تقوم الوزارة بانتدابهم في الوظيفة العموميّة في دورات الانتدابات التي أجريت في عام 2012، إذ خُصّصت 217 وظيفة لهم في مختلف الوزارات والمنشآت العامة.
لكن وعلى الرغم من التشريعات والقوانين المنظمة لفئة الأشخاص ذوي الإعاقة، وعلى الرغم من الفصل 48 من الدستور الجديد الذي نصّ على "واجب احترام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وحرياتهم وضمانها لهم بما يمكّن من تحقيق المشاركة الفعليّة لهذه الفئة من المجتمع في كنف المساواة والإنصاف وتكافؤ الفرص"، إلا أنّها ما زالت تعاني من التهميش واللامبالاة.
من جهته، يشدّد رئيس بعثة منظمة الإعاقة الدوليّة في تونس سامي بن جمعة، على "ضرورة إيجاد دراسات معمّقة وإحصائيات دقيقة عن الأشخاص ذوي الإعاقة في تونس، لفهم واقعهم ووضعياتهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة والصحيّة وغيرها. وذلك، بسبب عدم توفّر إحصائيات دقيقة عنهم". وكانت إحصائيات المنظمة قد بيّنت أنّ نحو 7% من سكان تونس يحملون بطاقة إعاقة، في حين أشارت منظمة الصحة العالميّة إلى أنّ نحو 13% من سكان تونس يعانون الإعاقة، وهو ما يفسّر غياب إحصائيات دقيقة، خصوصاً في ما يتعلق بوضعياتهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة.
منذ أكثر من ثلاث سنوات، تنشط الأحزاب السياسيّة في تونس لطرح برامج رياديّة حول العدالة الانتقاليّة والمساواة بين الجنسَين وغيرهما، لكن الأشخاص ذوي الإعاقة سقطوا من رزنامة الأحزاب وبرامجها. فبقوا من دون حقوق تحفظ كرامتهم.
محمد بن كريم يعاني إعاقة في قدمَيه، أقعدته منذ عشر سنوات. وهو عاطل عن العمل، يعيش فقط على مساعدات يقدّمها له الأهالي والأقارب.
وبعدما حاول بن كريم البحث عن عمل في أحد المصانع، مع الإشارة إلى إتقانه القراءة والكتابة ورغبته في تعلّم حرفة تحفظ له كرامته، رأى نفسه كآلاف الأشخاص المعوّقين، مضطراً إلى أن يقتات على المساعدات التي ترده.
ويبلغ عدد ذوي الإعاقة في تونس 20 ألفاً و800 شخص وفق بيانات وزارة الشؤون الاجتماعيّة، فيما يناهز عدد الجمعيات المهتمّة بهم 366 جمعيّة. أمّا المراكز المتخصّصة، فعددها 295 مركزاً. لكن على الرغم من عدد الجمعيّات الكبير، إلاّ أنّها لم تقدّم أي جديد لهؤلاء وظلت بعيدة عن الصعوبات التي يواجهونها في حياتهم اليوميّة.
منجية، تعاني هي أيضاً إعاقة بعد تعرّضها لحادث مرور وهي صغيرة، فلم تعد قادرة على المشي. مع ذلك، تعلمت الخياطة والتطريز، لكنها لم تظفر بعمل في أي مصنع خياطة على الرغم من بحثها الطويل. تقول إن "الأغلبيّة لا تثق في مؤهلات ذوي الإعاقة وقدرتهم على الإنتاج. وهو أمر مغلوط. فمعظمنا تغلّبنا على عجزنا وبتنا نتقن حرفاً عدّة. لكن حقوقنا في الشغل تبقى مهضومة، ويتواصل إقصاؤنا من سوق العمل".
ينصّ القانون التونسي على أنّه "لا يمكن أن تكون الإعاقة سبباً في حرمان مواطنٍ من الحصول على شغل في القطاع العام أو الخاص، إذا توفّرت لديه المؤهلات الملائمة للقيام به".
ويشير النصّ أيضاً إلى أنّه "لا يجوز إقصاء أي مترشح بسبب إعاقته من إجراء المناظرات أو الاختيارات المهنية للانتداب للعمل بالوظيفة العمومية والمنشآت والمؤسسات العمومية والمؤسسات الخاصة (…)". لكن ذلك لم يُعزز نصيب الأشخاص المعوّقين في العمل.
وحتى بعدما نصّ القانون على وجوب "تخصيص نسبة لا تقل عن 1% من الانتدابات السنويّة بالوظيفة العموميّة لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصّة"، لم يتغيّر الكثير. وما زالت معظم المؤسّسات لا تطبّق القانون ولا تشغّلهم ولا تجد من يحاسبها، خصوصاً وأنّ القانون السابق يتضمن قطبة مخفيّة تتمثل باستثنائه "للمؤسسات المشغّلة لأقلّ من 100 شخص". وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ النسيج الاقتصادي في تونس يتكوّن من عدد هام من المؤسّسات الصغرى والمتوسّطة التي لا يفوق عدد عمالها 100 شخص.
ويوضح مدير التضامن والتنمية الاجتماعيّة أحمد بلعزي في حديث لـ "العربي الجديد"، أنّه في عام 2006 تمّ تطبيق نسبة تشغيل 1% من الأشخاص المعوّقين في الوظيفة العموميّة حتى عام 2010. لكن بعد ذلك، تم التغاضي عن هذه النسبة التي تهتمّ بها الحكومة في الأساس.
وفي عام 2012، صدر في قانون الانتدابات فصل يخصّ "تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة"، بالإضافة إلى قرار من وزارة الشؤون الاجتماعيّة ينصّ على "أن تقوم الوزارة بانتدابهم في الوظيفة العموميّة في دورات الانتدابات التي أجريت في عام 2012، إذ خُصّصت 217 وظيفة لهم في مختلف الوزارات والمنشآت العامة.
لكن وعلى الرغم من التشريعات والقوانين المنظمة لفئة الأشخاص ذوي الإعاقة، وعلى الرغم من الفصل 48 من الدستور الجديد الذي نصّ على "واجب احترام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وحرياتهم وضمانها لهم بما يمكّن من تحقيق المشاركة الفعليّة لهذه الفئة من المجتمع في كنف المساواة والإنصاف وتكافؤ الفرص"، إلا أنّها ما زالت تعاني من التهميش واللامبالاة.
من جهته، يشدّد رئيس بعثة منظمة الإعاقة الدوليّة في تونس سامي بن جمعة، على "ضرورة إيجاد دراسات معمّقة وإحصائيات دقيقة عن الأشخاص ذوي الإعاقة في تونس، لفهم واقعهم ووضعياتهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة والصحيّة وغيرها. وذلك، بسبب عدم توفّر إحصائيات دقيقة عنهم". وكانت إحصائيات المنظمة قد بيّنت أنّ نحو 7% من سكان تونس يحملون بطاقة إعاقة، في حين أشارت منظمة الصحة العالميّة إلى أنّ نحو 13% من سكان تونس يعانون الإعاقة، وهو ما يفسّر غياب إحصائيات دقيقة، خصوصاً في ما يتعلق بوضعياتهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة.