لم تواجه حملة في أفغانستان عقبات كالتي تواجه الحملة الأخيرة ضد المخدرات والخمر والحبوب المحظورة في العاصمة كابول. عُرقلت الحملة بعدما أسقطت قتلى وجرحى، بالإضافة إلى إحراق وتدمير سيارات للشرطة، وتظاهرات أدت إلى إغلاق الطرقات لساعات طويلة.
تقول الداخلية الأفغانية إنّها قررت إطلاق حملة، في منطقة بناي في شرق كابول، ضد الأسواق التي تباع فيها أنواع مختلفة من المخدرات لعامة الناس وتلاميذ المدارس والشباب عموماً، بالإضافة إلى المواد الكحولية. وعندما وصلت قوات الأمن إلى وسط سوق بناي لإطلاق الحملة، اجتمع محتجون حولها وبدأوا في رشق عناصرها بالحجارة. وبعد فترة وجيزة، تحولت الحملة إلى مواجهات مسلحة بين الطرفين أدت إلى مقتل أحد المحتجين، ثم أقدم المتظاهرون وسكان المنطقة على حرق سيارات للشرطة.
عُرقلت الحملة بالكامل بعد تفجير وقع أثناء جدال بين المتظاهرين وقوات الأمن، إذ خرج انتحاري من وسط المحتجين وفجّر حزامه الناسف بين قوات الأمن، ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات من رجال الأمن، ثم توقفت الحملة.
الرواية وادعاء الحكومة يختلفان تماماً عما يقوله المحتجون وأصحاب المحال التجارية والدكاكين التي تزعم السلطات أنّها تبيع الخمر والمخدرات. يقول هؤلاء إنّهم كانوا يدفعون الأموال بشكل منتظم لرجال الأمن والشرطة والموظفين، وعندما رفضوا هذه المرة إعطاء المال انطلقت الحملة ضدهم، وبالتالي تظاهروا ووقفوا في وجهها، متوعدين بمواصلة التظاهرات حتى تتوقف الحملة بالكامل وإطلاق سراح من اعتقل منهم.
اقــرأ أيضاً
يقول زاهد الله، وهو صاحب محل هناك: "نحن شريحة فقيرة من سكان كابول، لا نبيع المخدرات والكحول. المعضلة الأساسية هي أنّ الشرطة تأخذ منا الأموال، وعندما رفضنا دفع المال اتهمونا ببيعها وفعلوا بنا ما فعلوا، لكنّنا لن نتوقف عن العمل، إذ كيف نكسب رزق أولادنا؟". يضيف زاهد الله أنّه لا شك في أنّ "بعض المخربين موجودون في كلّ مكان، وبالتالي لا ننكر أن يكون هناك من يبيع المخدرات والخمر، لكنّ هذا لا يعني أنّنا جميعاً بائعو مخدرات".
في خضم تبادل الاتهامات بين الطرفين، يزعم سكان المنطقة أنّ هذه الأسواق جامعة لأنواع عدة من الفساد. فهناك بيع غير شرعي للخمور وبيع للمخدرات من هيروين وحبوب مخدرة وكذلك عقاقير محظورة، بالإضافة إلى القمار. يقول محمد غني، وهو أحد سكان المنطقة: "نحن نطلب من الحكومة ألاّ تحرم الأبرياء من العمل، لكن يجب أن تشدد في الوقت نفسه إجراءاتها الأمنية على المنطقة وتعاقب بائعي المخدرات، خصوصاً أنّ الشباب من تلاميذ المدارس يأتون إلى هنا ويحصلون بسهولة على الحبوب المخدرة". يزعم غني أنّ السوق يضمّ دكاكين صغيرة ليس فيها ما يحتاجه الناس، وهو ما يثير الشكوك. ويؤكد أنّ الدكاكين تلك مخصصة لبيع المحظورات.
من المشاكل الأساسية في سبيل مكافحة المخدرات في كابول ضلوع رجال الأمن والشرطة فيها، كما يدّعي غني. يقول: "لا يمكن بيع هذه الأشياء المحظورة إلا بالتواطؤ معهم، وهم يأخذون نصيبهم. وما يدعيه أصحاب المحال أنّهم كانوا يدفعون المال لرجال الشرطة هو صحيح، لكنّ الحملة ضدهم جاءت بأوامر من السلطات العليا".
ليست هذه الاتهامات غريبة، ففي بعض المناطق يبيع رجال الشرطة المخدرات بأنفسهم. على سبيل المثال، في منطقة شهر نو، حول حديقتها المشهورة مئات المدمنين على المخدرات. كذلك، تجد الشباب داخلها يلعبون القمار ويشربون الخمر. هؤلاء يحصلون على موادهم من رجال الشرطة وأمن الحديقة، أو على أقل تقدير هم شركاء لأناس آخرين يسمحون لهم بالبيع.
في هذا الصدد، يقول رمز الله، العامل في أحد الفنادق بالقرب من الحديقة وهو نفسه مدمن حشيش (قنب هندي)، إنّ الحصول على المخدرات ليس بالأمر الصعب، بل يمكن ذلك باتصال هاتفي لا أكثر، فيصل ما تريده إليك. يشدد على أنّ ذلك يحصل إما بواسطة رجال الشرطة أنفسهم الذين يحضرون المطلوب وهم في زي مدني، أو عبر آخرين ممن يقدمون لرجال الأمن حصتهم، وهو ما يحصل منذ سنوات.
أيضاً، هناك مناطق سكنية في كابول معروفة ببيع المخدرات والخمر، وهي مشهورة بين سائقي سيارات الأجرة. على سبيل المثال، يقع بالقرب من مطار كابول شارع مشهور بـ "شارع المخدرات" يأتي إليه المدمنون من مناطق قريبة. ولا خوف لدى البائعين، إذ يدفعون ضريبة لمسؤولي الأمن، ويعطونهم الحشيش، كما يدّعي محمد زمان، وهو أحد سائقي الأجرة.
اقــرأ أيضاً
اعتراف بتواطؤ الشرطة
لا تنكر وزارة الداخلية الأفغانية ضلوع رجال الأمن في ترويج المخدرات، بل تدّعي اعتقال عشرات منهم. وعلى الرغم من أنّها تتحدث، منذ أشهر عديدة، حول الاعتقالات في صفوف الشرطة على هذه الخلفية، فإنّها لم تتحدث حتى الآن عن محاكمة أحدهم، وهو ما يجعل المواطن في شكّ من تلك التصريحات التي يجدها بلا معنى.
تقول الداخلية الأفغانية إنّها قررت إطلاق حملة، في منطقة بناي في شرق كابول، ضد الأسواق التي تباع فيها أنواع مختلفة من المخدرات لعامة الناس وتلاميذ المدارس والشباب عموماً، بالإضافة إلى المواد الكحولية. وعندما وصلت قوات الأمن إلى وسط سوق بناي لإطلاق الحملة، اجتمع محتجون حولها وبدأوا في رشق عناصرها بالحجارة. وبعد فترة وجيزة، تحولت الحملة إلى مواجهات مسلحة بين الطرفين أدت إلى مقتل أحد المحتجين، ثم أقدم المتظاهرون وسكان المنطقة على حرق سيارات للشرطة.
عُرقلت الحملة بالكامل بعد تفجير وقع أثناء جدال بين المتظاهرين وقوات الأمن، إذ خرج انتحاري من وسط المحتجين وفجّر حزامه الناسف بين قوات الأمن، ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات من رجال الأمن، ثم توقفت الحملة.
الرواية وادعاء الحكومة يختلفان تماماً عما يقوله المحتجون وأصحاب المحال التجارية والدكاكين التي تزعم السلطات أنّها تبيع الخمر والمخدرات. يقول هؤلاء إنّهم كانوا يدفعون الأموال بشكل منتظم لرجال الأمن والشرطة والموظفين، وعندما رفضوا هذه المرة إعطاء المال انطلقت الحملة ضدهم، وبالتالي تظاهروا ووقفوا في وجهها، متوعدين بمواصلة التظاهرات حتى تتوقف الحملة بالكامل وإطلاق سراح من اعتقل منهم.
يقول زاهد الله، وهو صاحب محل هناك: "نحن شريحة فقيرة من سكان كابول، لا نبيع المخدرات والكحول. المعضلة الأساسية هي أنّ الشرطة تأخذ منا الأموال، وعندما رفضنا دفع المال اتهمونا ببيعها وفعلوا بنا ما فعلوا، لكنّنا لن نتوقف عن العمل، إذ كيف نكسب رزق أولادنا؟". يضيف زاهد الله أنّه لا شك في أنّ "بعض المخربين موجودون في كلّ مكان، وبالتالي لا ننكر أن يكون هناك من يبيع المخدرات والخمر، لكنّ هذا لا يعني أنّنا جميعاً بائعو مخدرات".
في خضم تبادل الاتهامات بين الطرفين، يزعم سكان المنطقة أنّ هذه الأسواق جامعة لأنواع عدة من الفساد. فهناك بيع غير شرعي للخمور وبيع للمخدرات من هيروين وحبوب مخدرة وكذلك عقاقير محظورة، بالإضافة إلى القمار. يقول محمد غني، وهو أحد سكان المنطقة: "نحن نطلب من الحكومة ألاّ تحرم الأبرياء من العمل، لكن يجب أن تشدد في الوقت نفسه إجراءاتها الأمنية على المنطقة وتعاقب بائعي المخدرات، خصوصاً أنّ الشباب من تلاميذ المدارس يأتون إلى هنا ويحصلون بسهولة على الحبوب المخدرة". يزعم غني أنّ السوق يضمّ دكاكين صغيرة ليس فيها ما يحتاجه الناس، وهو ما يثير الشكوك. ويؤكد أنّ الدكاكين تلك مخصصة لبيع المحظورات.
من المشاكل الأساسية في سبيل مكافحة المخدرات في كابول ضلوع رجال الأمن والشرطة فيها، كما يدّعي غني. يقول: "لا يمكن بيع هذه الأشياء المحظورة إلا بالتواطؤ معهم، وهم يأخذون نصيبهم. وما يدعيه أصحاب المحال أنّهم كانوا يدفعون المال لرجال الشرطة هو صحيح، لكنّ الحملة ضدهم جاءت بأوامر من السلطات العليا".
ليست هذه الاتهامات غريبة، ففي بعض المناطق يبيع رجال الشرطة المخدرات بأنفسهم. على سبيل المثال، في منطقة شهر نو، حول حديقتها المشهورة مئات المدمنين على المخدرات. كذلك، تجد الشباب داخلها يلعبون القمار ويشربون الخمر. هؤلاء يحصلون على موادهم من رجال الشرطة وأمن الحديقة، أو على أقل تقدير هم شركاء لأناس آخرين يسمحون لهم بالبيع.
في هذا الصدد، يقول رمز الله، العامل في أحد الفنادق بالقرب من الحديقة وهو نفسه مدمن حشيش (قنب هندي)، إنّ الحصول على المخدرات ليس بالأمر الصعب، بل يمكن ذلك باتصال هاتفي لا أكثر، فيصل ما تريده إليك. يشدد على أنّ ذلك يحصل إما بواسطة رجال الشرطة أنفسهم الذين يحضرون المطلوب وهم في زي مدني، أو عبر آخرين ممن يقدمون لرجال الأمن حصتهم، وهو ما يحصل منذ سنوات.
أيضاً، هناك مناطق سكنية في كابول معروفة ببيع المخدرات والخمر، وهي مشهورة بين سائقي سيارات الأجرة. على سبيل المثال، يقع بالقرب من مطار كابول شارع مشهور بـ "شارع المخدرات" يأتي إليه المدمنون من مناطق قريبة. ولا خوف لدى البائعين، إذ يدفعون ضريبة لمسؤولي الأمن، ويعطونهم الحشيش، كما يدّعي محمد زمان، وهو أحد سائقي الأجرة.
اعتراف بتواطؤ الشرطة
لا تنكر وزارة الداخلية الأفغانية ضلوع رجال الأمن في ترويج المخدرات، بل تدّعي اعتقال عشرات منهم. وعلى الرغم من أنّها تتحدث، منذ أشهر عديدة، حول الاعتقالات في صفوف الشرطة على هذه الخلفية، فإنّها لم تتحدث حتى الآن عن محاكمة أحدهم، وهو ما يجعل المواطن في شكّ من تلك التصريحات التي يجدها بلا معنى.