هدى حافظ، ناشطة عن حراك مدينة صيدا وواحدة من الساهرات على نجاح هذه المبادرة، تقول لـ"العربي الجديد": "في ليلة رأس السنة أعددنا كميات أكبر من الطعام، التزاماً ببرنامج وضعناه سلفاً، بحيث وزعنا المهام بيننا لتسير العملية كما خططنا لها، بهدف إدخال الفرحة على قلوب الفقراء ولو بهذه الأشياء البسيطة".
وتضيف: "شارك في هذه المبادرة الإنسانية شباب ونساء عُهد إليهن بإعداد الطعام مجاناً، فيما تولى الباقون تدبير مستلزمات الطبخ، إلى جانب تقديم الفواكه والحلويات".
وتوضح الناشطة أنّ "هذه المبادرة جزء من مشروع انطلق في 18 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من خلال تقديم وجبة فطور للمعتصمين، وتحديداً الذين كانوا ينامون في الخيام، ثم صار الطعام يوجه إلى من هم بحاجته، إلى أن كبر المشروع".
وتتابع: "شكّلنا هيئة نسائية، وصرنا نتواصل مع سيدات لا يشاركن في ساحة الانتفاضة، يتبرعن من أجل إعداد الطعام وتقديمه، وهكذا كبر المشروع أكثر".
وتضيف: "بعد انتقالنا إلى الحديقة لم يتوقف المشروع، بل ظل مستمراً، وطبعاً صار موجهاً إلى الشباب الموجودين في الساحة، وإلى العائلات المحتاجة"، مشيرة إلى أن وجبة الطعام الساخنة تقدم ما بين الخامسة والنصف والسادسة مساءً، ويتوافد المحتاجون في هذا الوقت لأخذ حصتهم، فإما يتناولون الطعام في الحديقة، أو يأخذونه لمن تعذّر عليهم الحضور بسبب المرض أو ما شابه".
وتقول إنّ "نحو 25 شاباً ممن يبيتون في الخيام يستفيدون من وجبات الطعام المسائية، كذلك هناك نحو 50 عائلة تستفيد أيضاً من الوجبات المقدمة، ونحن نعمل على تأمين التبرعات من أجل ذلك، وهذا الأسبوع حصلنا على تبرعات إضافية، وسنستمر في تأمين الطبخ ما دمنا قادرين على الحصول على التبرعات".
السيدة نظيرة، وهي في العقد السابع من العمر، واحدة من المستفيدات من هذه المبادرة، إذ أصبحت حريصة على الحضور إلى المكان للحصول على الطعام، خاصة أن لديها ابنة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وليس لديها من يعيلها.
تقول لـ"العربي الجديد": "أعيش مع أسرتي المؤلفة من أربعة أشخاص في بيت صغير بمنطقة حي البعاصيري، بمدينة صيدا، وليس لدي معيل، أعيش على كفوف الخيّرين، وبعض المؤسسات التي تقدم لنا الرعاية، وخاصة في تأمين إيجار منزلي الذي يبلغ 200 دولار شهرياً، فزوجي أقعده المرض، وابنتي من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا منظمة التحرير ولا الأونروا تقدمان لنا المساعدات، حاولت كثيراً، لكنني لم أستطع الحصول حتى على ثمن الدواء الذي يحتاجه زوجي وابنتي".
تتابع: "عندما علمت بموضوع توزيع وجبات الطعام من طريق بعض الأشخاص الذين يعرفون وضعنا المعيشي، صرت أحضر إلى الحديقة في إيليا، وأحصل على حصتي اليومية منه، وآخذ ما أستطيع لزوجي وابنتي".
ولا يختلف الواقع المر في شيء لدى اللبنانية سناء الشوّا، وهي من مدينة زحلة، وتعيش في صيدا، تقول: "لديّ ولدان، وزوجي الذي يحمل الجنسية الفلسطينية ويبلغ من العمر 65 سنة، مريض لا يقوى على العمل، وهو بحاجة إلى دواء دائم يبلغ ثمنه 40 ألف ليرة لبنانية (نحو 26.33 دولاراً أميركياً)".
وتكمل بمرارة: "صرنا نحضر إلى الحديقة للحصول على لقمة طعام، أو لباس، أو حتى على الدواء".
وتتابع: "يبلغ ابني من العمر 21 سنة، لكنه عاطل من العمل، وإن أتيحت له فرصة، فربما يكفينا ويؤمن لنا احتياجاتنا، لكن هيهات، فقد بات ذلك أشبه بحلم بعد أن طال انتظاره وقوبلت كل طلباته إما بالرفض المباشر أو التجاهل، إذ لا يريدون لنا الحياة الكريمة، فلتفتح لنا الدول أبواب الهجرة والخروج من لبنان. لقد كنت ضد هذه الخطوة، لكنني اليوم أريد أن أترك بلدي للهجرة مع أولادي إلى مكان يحفظ لنا إنسانيتنا ويوفر لنا لقمة عيشنا".