عاد كثير من النازحين إلى المدن والمناطق المحررة بعد رحلة طويلة من العذاب والمآسي فقدوا خلالها كل ما يملكون، ودمرت مدنهم ومنازلهم وأحرقت ممتلكاتهم أو نهبت خلال الحرب، ما جعلهم يخرجون بملابسهم فقط ويعودون إليها بالحال ذاته.
وبسبب الدمار الكبير في تلك المدن، توقفت الأعمال وانتشرت البطالة، وارتفعت نسبة الفقر بشكل غير مسبوق، خاصة بين الأسر التي فقدت معيلها الوحيد في حرب أحرقت الأخضر واليابس.
وأخذ ناشطون شباب على عاتقهم جمع التبرعات من الميسورين ومن الأهالي، ضمن حملات منظمة لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين وأسر ضحايا الحرب.
الناشط حامد الجميلي، من مدينة الفلوجة قال: "نتيجة الظروف المعيشية القاسية في المدن المحررة لم يبق للأسر التي فقدت المعيل، والأسر الفقيرة التي خسرت ممتلكاتها وأعمالها أي مصدر للدخل، فقررنا تنظيم حملات شبابية لجمع التبرعات لهم، خاصة في شهر رمضان".
وبيّن الجميلي لـ"العربي الجديد" أن "هذه التبرعات تشمل على الأغلب مواد غذائية منها الأرز والدقيق وزيت الطعام وبعض البقوليات والمواد الغذائية الأخرى، نجمعها ثم نقسمها في سلال غذائية صغيرة، ونوزعها على الأسر المعوزة جداً في الفلوجة وضواحيها".
ويبدأ الشباب حملاتهم بمجموعات صغيرة في المدن والقرى والمناطق المحررة التي شهدت حروباً طاحنة، وعاد إليها كثير من النازحين، ويوزعون المساعدات وفق جداول أعدت مسبقاً.
وأوضح حازم التكريتي لـ"العربي الجديد" أن "هذه الحملات تبدأ بعملية مسح ميداني للأسر الفقيرة والمعدمة، إذ نسجل أسماء تلك الأسر وعناوينها في سجلات خاصة، ثم تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة جمع التبرعات".
وتابع التكريتي "بعد جمع التبرعات تعمل مجموعات شبابية أخرى على تقسيم المواد الغذائية العينية على شكل حصص متساوية، وتوضبها في علب كرتونية أو أكياس من البلاستك وتوزع على المحتاجين".
وشملت الحملات الجوامع والمدارس أيضا، بحسب الناشط يحيى العبيدي، والذي لفت إلى أن "عدداً من المساجد والجوامع في المدن والمناطق المحررة أخذت على عاتقها جمع التبرعات التي يودعها الناس هناك في صندوق خاص، وخصّص بعضها مخزناً خاصاً للمواد الغذائية المتبرع بها تمهيداً لتوزيعها على مراحل على المحتاجين والفقراء".
وأوضح أن "المدارس هي الأخرى شملتها حملات مماثلة لناشطين شباب، سجلوا الطلبة المحتاجين لمساعدتهم بلوازم الدراسة والملابس وما إلى ذلك من احتياجاتهم المدرسية".
وتحاول هذه الحملات الشبابية سدّ الضعف في الدعم الحكومي لتلك المدن. ورأى الناشط الحقوقي عبد الواحد الجبوري أن "شح الدعم الحكومي وعدم صرف تعويضات لأهالي تلك المدن العائدين من رحلة نزوح استمرت نحو ثلاث سنوات، رغم تعطل الأعمال وانتشار البطالة والفقر الشديد، يجعلنا نبحث عن بدائل".
وأضاف الجبوري لـ"العربي الجديد"، "كانت تلك البدائل عبارة عن حملات شبابية تطوعية لجمع التبرعات، وإيصالها إلى المحتاجين والفقراء لمساعدتهم على الاستمرار وتذليل مصاعب العيش أمامهم في مدن الموصل والفلوجة والرمادي وتكريت وهيت ومناطق أخرى".
ولم تتوقف الحملات الشبابية الإنسانية التطوعية منذ بدء المعارك في المدن الساخنة مطلع ومنتصف عام 2014، وازدادت انتشاراً خلال موجات النزوح الكبيرة التي شهدتها تلك المناطق، واتسعت أكثر بعد استعادة السيطرة على تلك المدن من قبل القوات العراقية.