خلال فصل الصيف، تُسجّل حالات غرق عدّة في المغرب، لا سيّما طنجة. تختلف الأسباب فيما يطالب المعنيّون بتأمين فرق إنقاذ بحري للحدّ من الخسائر في أرواح المصطافين.
منذ مطلع الصيف الجاري، قضى سبعة أشخاص غرقاً عند شواطئ محميّة وغير محميّة في طنجة شماليّ المغرب، على أقلّ تقدير. وآخر الوفيات تعود لشابّين في أوائل العشرينيات من عمرهما، لقيا مصرعهما في بحر الغابة الديبلوماسية بعدما جرفتهما الأمواج إلى عرض البحر في الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى حادثة غرق مأساوية راحت ضحيّتها شقيقتان في مقتبل العمر فيما جرى إنقاذ ثالثة وهي في حالة خطرة من على شاطئ غير محميّ. فقد جرف تيار بحري إحدى الفتيات الثلاث، قبل أن تتدخّل شقيقتاها لإنقاذها، لكنّ قوة التيار سحبت الفتاتين الأمر الذي أدّى إلى وفاتهما.
وكانت شواطئ طنجة قد أودت بحياة خمسة أشخاص آخرين مع بداية الصيف عند شاطئَي الجبيلة والمريسات. وتُعدّ الشواطئ المطلة على المحيط الأطلسي أكثر خطورة من تلك المطلة على البحر الأبيض المتوسط حيث تكثر التيارات والوديان في حين تأتي مياهه عميقة غير واضحة المعالم. كذلك فإنّ الشواطئ الواقعة على البحر المتوسط لا تحصل على حماية كافية من قبل الجمعيات أو من الوقاية المدنية (الدفاع المدني) في طنجة.
تعود أسباب الغرق بالدرجة الأولى إلى سلوكيات فردية، إذ إنّ الأفراد لا يكونون دائماً سبّاحين ماهرين، في حين يُسجَّل عدم اهتمام من قبل الأهل بأطفالهم على الشواطئ. وثمّة أطفال وقاصرون لا يرافقون ذويهم إلى البحر، بل يقصدونه مع مجموعات من الرفاق. كذلك فإنّ عدم التقيّد بنصائح المنقذين البحريين يؤدّي إلى الغرق، لا سيّما وأنّ شباباً كثيرين يتحدّون بعضهم بعضاً في السباحة إلى عمق عرض البحر.
يقول مدرّب للمنقذين البحريين تابع للوقاية المدنية إنّ "عناصر الوقاية المدنية من السباحين المنقذين يحاولون العمل على الحدّ من حالات الغرق على شاطئ البلدية الذي أصبح وجهة لكثيرين". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ 16 منقذاً بحرياً يتوزعون على طول ذلك الشاطئ، فيما يُزوّدون بقوارب سريعة ومزالج مائية. كذلك ثمّة جمعيات مدنية تساهم في الإنقاذ وتساعدنا في مهامنا". ويشرح: "نحدد أماكن الخطر داخل البحر من خلال إشارات واضحة وبارزة، فدورنا كوقاية مدنية معرفة مواقيت المدّ والجزر والاطلاع على سرعة الرياح بهدف توجيه السباحين بالإضافة إلى التأكد من خلّو المياه من قناديل البحر". وينفي المدرب الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، "وجود قناديل حالياً لانخفاض درجات الحرارة التي في طنجة هذا الصيف". ويشير إلى "خطورة السباحة في المحيط الأطلسي حيث تكثر الوديان في قاعه"، موضحاً أنّ "ثمّة 11 شاطئاً محمياً في طنجة وصولاً إلى القصر الصغير".
ويتابع المدرّب أنّهم يحصون حالات الغرق مرّة كل أسبوعين، وخلال الأيام الخمسة عشر الأخيرة تعرّض أكثر من سبعة أشخاص للغرق، لكنّه جرى إنقاذهم وإسعافهم مباشرة. وهؤلاء بغالبيتهم من الشباب". أمّا السبب بالنسبة إليه، فهو "العناد. يظنّ الشباب أنّه كلّما صفرّت لهم تحاول منعهم من السباحة، فيتحدّون ذلك ويدخلون منطقة الخطر. والمنافسة في السباحة أمر شائع. إلى ذلك، قد يُصاب البعض بأزمات من قبيل صعوبة التنفّس الناتجة عن امتلاء المعدة بالطعام أو تجلّط في القلب عند الدخول الماء مباشرة، إذ تختلف درجة حرارة الجسم عن درجات حرارة المياه".
في السياق، تسعى جمعية "السلام للإسعافات الأولية والرياضة والبيئة" إلى توعية المواطنين حول سباحة الإنقاذ، ويقول رئيسها سعيد كنفي لـ "العربي الجديد" إنّه "لدينا 25 متطوعاً على شاطئ طنجة لأداء عمليات الإنقاذ وتوعية الناس حولها بهدف القضاء على أميّة السباحة والتدريب على الإسعافات الأولية لمعالجة غريق". ويأمل أن تساعدهم الجهات الرسمية في نقل تجربتهم إلى أماكن أخرى بعدما زادت حالات الغرق. ويعيد كنفي لجوء الناس إلى مناطق سباحة غير محمية إلى "عدم إدراكهم الخطر، ودافعهم الأول الابتعاد عن الشواطئ المزدحمة". يضيف أنّ "الشواطئ كلها خطرة، لكنّ الأمر يختلف بوجود أفراد الوقاية المدنية والجمعيات المتطوّعة". ويشير إلى أنّ "ثمّة أهل يرسلون أولادهم الصغار وحدهم من دون رعاية إلى البحر، كذلك فإنّ مصطافين كثيرين يأتون من أحياء شعبية ولا يعرفون السباحة في غالبيتهم". من جهة أخرى، يتحدّث كنفي عن "تعرّض البعض لضربة شمس أو لسعة سامة أو يعاني من فوبيا الماء، وكلها حالات تؤدّي إلى صدمة وتتطلب إسعافاً سريعاً من قبلنا".
تجدر الإشارة إلى أنّ جمعيات قليلة تنشط في مجال الإنقاذ البحري في شمال المغرب إلى جانب الوقاية المدنية. والأخيرة تزوّد الجمعيات بحسب كنفي "بمعدات للإنقاذ والإسعاف على الشواطئ المحمية. وتنظّم جمعيتنا سنوياً في هذا الإطار دورات تدريبية في الإسعاف والإنقاذ البحري لصالح الأطفال بهدف نشرها بين الأسر المغربية".