ومع اقتراب المواعيد الانتخابية تتزايد مخاوف الأحزاب السياسية من توظيف المنابر الدينية لرسوخ قناعة لدى الطبقة السياسية بتأثير المساجد ودور العبادة كأكبر خزان انتخابي في توجيه الناخبين، رغم تأكيدات سابقة لوزارة الشؤون الدينية بلزوم تحييد دور العبادة من خلال بيان صدر خلال الانتخابات البلدية السابقة، والتي تم بعدها إعفاء ثلاثة خطباء من مهامهم لقيامهم بالدعاية.
وقررت الوزارة إصدار ميثاق وتعميمه على مختلف الجهات والمحافظات، وعقد لقاءات مع الأئمة والخطباء لتأمين حيادية المساجد. إذ ينص البند السادس من الدستور على أن " الدّولة راعية للدّين. كافلة لحريّة المعتقد والضّمير وممارسة الشّعائر الدّينيّة. ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التّوظيف الحزبي".
ويبلغ عدد المساجد في تونس 4480 مسجدا، حسب إحصائيات رسمية عام 2017، ويشرف على تسييرها أكثر من 18 ألف إطار ديني، من بينهم أكثر من 2400 إمام، ويتعهد بمهمة مراقبة الخطاب الديني وخاصة خطب الجمعة، سلك الوعاظ الذين يبلغ عددهم 600 واعظ موزعين في أنحاء البلاد.
وشدد رئيس لجنة التربية والشؤون الثقافية والشباب بالبرلمان التونسي القيادي بحزب الجبهة الشعبية المعارض، هيكل بلقاسم، على أن ما أعلنه وزير الشؤون الدينية هو مطلب ملح من غالبية الأحزاب قبل انطلاق الفترة الانتخابية، مشيرا إلى أن "الميثاق يجب أن يكون ملزما لجميع الأطراف التي تستغل المساجد واجهة للتوظيف الحزبي والترويج السياسي لحملاتها الانتخابية، ولشيطنة منافسيها وتهديدهم".
وأضاف بلقاسم لـ"العربي الجديد"، أن "الانتخابات تتطلب توفير مناخ منافسة سليم تتوفر فيه شروط النزاهة والموضوعية، ومن بينها حياد الإدارة، والمساجد"، مشيرا إلى أن "هناك أئمة في مراكز قيادية في أحزاب سياسية، ما يطرح تساؤلات حول جدوى الميثاق الذي تتحدث عنه وزارة الشؤون الدينية في غياب ردع قضائي لضمان الحياد التام".
من جانبه، شدد النائب زهير المغزاوي، أمين عام حركة الشعب، على أن "شبهات استغلال الإدارة، وتوظيف المساجد قائمة، إذ يعمد رئيس الحكومة لتوظيف الإدارة، من محافظين ومعتمدين وإدارات مركزية لخدمة أجندته الحزبية ومشروعه السياسي، فكيف يمكن تحييد المساجد"؟
وأوضح المغزاوي لـ"العربي الجديد"، أن "رئيس الوزراء برهن خلال الانتخابات البلدية الماضية على تداخل الحزب مع الدولة، وجند وزراءه لخدمة حملة (نداء تونس) عندما كان عضوا فيه، واليوم يواصل على نفس الدرب مع حزبه الجديد، وعلى شاكلته تستغل أحزاب أخرى المنابر الدينية في حملاتها الانتخابية".