أزمة البطالة التي يعاني منها التونسيون، وخصوصاً الشباب، أسست لكثيرٍ من شركات التوظيف الوهمية وإعلاناتها التي تغري المواطنين بالعمل في الخارج، ما أوقع كثيرين في شباكها.
من جهته، تابع محمد أمين بن رابح (33 عاماً) مثل هذه الإعلانات والعروض طوال عامين. وفي أواخر 2013 وجد ضالته في الحصول على عقد عمل في الإمارات العربية المتحدة كبائع في متجر. وعلى الرغم من حمله الماجستير في التاريخ، قبل العرض بسبب الأجر المرتفع الذي يبلغ 1500 دولار أميركي. لكن شركة التوظيف طلبت منه قبل توقيع العقد دفع مبلغ 4 آلاف دولار، استطاع تأمينه بعد الاستدانة من الأهل والأصحاب.
يقول بن رابح، إنّه بعد دفع المبلغ عاد إلى الشركة بعد أسبوع، لكن وجدها قد تحوّلت إلى شقة سكنية. حتى أنّ صاحب الشركة لم يرد على اتصالاته منذ تسلّم الأموال. اكتشف في ما بعد، أنّه ليس الوحيد الذي يرتاد المكان، يومياً، علّه يقابل من أوهمه بالعمل، بل وقع عشرات الشباب ضحية احتيال الشخص نفسه.
عام 2012 حصلت حادثة مؤلمة. فقد مات الشاب وليد منصوري في دولة خليجية بحادث مروري. كان منصوري في الثلاثين من العمر، سافر إلى تلك الدولة للعمل بعد أن دفع مبلغاً مالياً إلى أحد وسطاء الهجرة والعمل في الخليج. تحصّل وليد حينها على عقد عمل وإقامة، إلاّ أنّه فوجئ بعد الوصول أن لا عمل ينتظره، وكلّ ما لديه تأشيرة سياحية مدّة 15 يوماً، وغرفة مؤجرة سيقيم فيها مع عشرة تونسيين آخرين، تحصلوا كذلك على عقود عمل وهمية بالطريقة نفسها، بحسب والده أحمد المنصوري.
انتشرت ظاهرة الشركات الوهمية بشكل لافت في السنوات الأخيرة. وتتراوح قيمة العقد الواحد بين ألفي دولار أميركي و4 آلاف. يتكفل بموجبها صاحب شركة التوظيف بضمان العمل والإقامة للعامل. لكن الحقيقة مخالفة تماماً.
في أبريل/ نيسان الماضي أوقفت الوحدات الأمنية في مطار تونس نحو 60 شاباً من حاملي الشهادات العليا يستعدون للسفر إلى عاصمة خليجية أخرى، للالتحاق بمراكز عملهم، بعد حصولهم على عقود عمل كحرّاس وباعة في المتاجر. لكن، ثبت للسلطات الرسمية أنّها عقود وهمية. وتمّ التحفظ على الشباب فترةً قصيرة قبل أن يفرج عنهم بعد التأكد من تعرّضهم إلى عملية احتيال كبرى من شركة توظيف وهمية.
كما ينتشر في تونس عدد من السماسرة وأصحاب وكالات السفر الذين يبيعون عقود عمل وهمية. ويلجأ معظم الشباب إلى استدانة المبالغ المطلوبة للشركات من الأهل والأقارب الذين لا يتأخرون عن تلبية طلبهم، خصوصاً أنّ العقود تمتد إلى خمس سنوات بأجر شهري يصل إلى 1500 دولار.
وعلى الرغم من وجود عشرات المكاتب والشركات التي تدعي التوظيف، تؤكد وزارة التكوين المهني والتشغيل وجود 5 مكاتب توظيف مرخص لها من الوزارة فقط. وقد حذّرت وزارة الداخلية، أيضاً، من انتشار شبكات تحايل إلكترونية، لا سيما بعد القبض على عدد من المتهمين بالتحايل الإلكتروني وإيهام الناس بإدارتهم شركات توظيف.
شركات أخرى تمارس احتيالاً من نوع مختلف. وهي ليست بشركات توظيف بل شركات صناعية وتجارية وخدمية متنوعة. تلجأ هذه الشركات إلى إبرام عقود مع "الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل" (رسمية) بهدف تشغيل حاملي الشهادات العليا. لكن ما إن تحصل على الدعم المالي من الدولة عن كلّ موظف تضمه إليها، تطرده.
ويقول المحامي، مروان بن محمد، لـ "العربي الجديد" إنّ عدداً كبيراً من المحامين فطنوا لمثل هذه الممارسات ورفعوا شكاوى لدى السلطات القضائية، بعد أن عمد العديد من هذه المؤسسات إلى طرد الموظفين الجدد إثر المطالبة بحقوقهم المهنية والمادية. ويبيّن أنّ عدداً كبيراً من الأشخاص ينشئون مؤسسات وهمية للحصول على أموال من الدولة تحت غطاء التوظيف.
من جهته، يقول رئيس "اتحاد المعطلين عن العمل" لـ "العربي الجديد": "جاءنا العديد من الشكاوى لعاطلين عن العمل وقعوا ضحية سهلة لشركات تدعي توفيرها عقودَ عمل خارج الوطن. كما تفطن الاتحاد إلى تسفير عدد من الشباب إلى جهات مشبوهة". ويضيف: "تمّ تنظيم وقفات احتجاجية عدة للمطالبة بفتح تحقيق ضد المتورطين في الفساد المالي، والتستر على تجاوزات هذه الشركات ومراجعة العقود الهشة بحسب القوانين التشريعية. كما طلب الاتحاد من منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان مساندتهم والضغط لمحاسبة المتورطين".
إقرأ أيضاً: يعملون في الصيف للاستمتاع
من جهته، تابع محمد أمين بن رابح (33 عاماً) مثل هذه الإعلانات والعروض طوال عامين. وفي أواخر 2013 وجد ضالته في الحصول على عقد عمل في الإمارات العربية المتحدة كبائع في متجر. وعلى الرغم من حمله الماجستير في التاريخ، قبل العرض بسبب الأجر المرتفع الذي يبلغ 1500 دولار أميركي. لكن شركة التوظيف طلبت منه قبل توقيع العقد دفع مبلغ 4 آلاف دولار، استطاع تأمينه بعد الاستدانة من الأهل والأصحاب.
يقول بن رابح، إنّه بعد دفع المبلغ عاد إلى الشركة بعد أسبوع، لكن وجدها قد تحوّلت إلى شقة سكنية. حتى أنّ صاحب الشركة لم يرد على اتصالاته منذ تسلّم الأموال. اكتشف في ما بعد، أنّه ليس الوحيد الذي يرتاد المكان، يومياً، علّه يقابل من أوهمه بالعمل، بل وقع عشرات الشباب ضحية احتيال الشخص نفسه.
عام 2012 حصلت حادثة مؤلمة. فقد مات الشاب وليد منصوري في دولة خليجية بحادث مروري. كان منصوري في الثلاثين من العمر، سافر إلى تلك الدولة للعمل بعد أن دفع مبلغاً مالياً إلى أحد وسطاء الهجرة والعمل في الخليج. تحصّل وليد حينها على عقد عمل وإقامة، إلاّ أنّه فوجئ بعد الوصول أن لا عمل ينتظره، وكلّ ما لديه تأشيرة سياحية مدّة 15 يوماً، وغرفة مؤجرة سيقيم فيها مع عشرة تونسيين آخرين، تحصلوا كذلك على عقود عمل وهمية بالطريقة نفسها، بحسب والده أحمد المنصوري.
انتشرت ظاهرة الشركات الوهمية بشكل لافت في السنوات الأخيرة. وتتراوح قيمة العقد الواحد بين ألفي دولار أميركي و4 آلاف. يتكفل بموجبها صاحب شركة التوظيف بضمان العمل والإقامة للعامل. لكن الحقيقة مخالفة تماماً.
في أبريل/ نيسان الماضي أوقفت الوحدات الأمنية في مطار تونس نحو 60 شاباً من حاملي الشهادات العليا يستعدون للسفر إلى عاصمة خليجية أخرى، للالتحاق بمراكز عملهم، بعد حصولهم على عقود عمل كحرّاس وباعة في المتاجر. لكن، ثبت للسلطات الرسمية أنّها عقود وهمية. وتمّ التحفظ على الشباب فترةً قصيرة قبل أن يفرج عنهم بعد التأكد من تعرّضهم إلى عملية احتيال كبرى من شركة توظيف وهمية.
كما ينتشر في تونس عدد من السماسرة وأصحاب وكالات السفر الذين يبيعون عقود عمل وهمية. ويلجأ معظم الشباب إلى استدانة المبالغ المطلوبة للشركات من الأهل والأقارب الذين لا يتأخرون عن تلبية طلبهم، خصوصاً أنّ العقود تمتد إلى خمس سنوات بأجر شهري يصل إلى 1500 دولار.
وعلى الرغم من وجود عشرات المكاتب والشركات التي تدعي التوظيف، تؤكد وزارة التكوين المهني والتشغيل وجود 5 مكاتب توظيف مرخص لها من الوزارة فقط. وقد حذّرت وزارة الداخلية، أيضاً، من انتشار شبكات تحايل إلكترونية، لا سيما بعد القبض على عدد من المتهمين بالتحايل الإلكتروني وإيهام الناس بإدارتهم شركات توظيف.
شركات أخرى تمارس احتيالاً من نوع مختلف. وهي ليست بشركات توظيف بل شركات صناعية وتجارية وخدمية متنوعة. تلجأ هذه الشركات إلى إبرام عقود مع "الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل" (رسمية) بهدف تشغيل حاملي الشهادات العليا. لكن ما إن تحصل على الدعم المالي من الدولة عن كلّ موظف تضمه إليها، تطرده.
ويقول المحامي، مروان بن محمد، لـ "العربي الجديد" إنّ عدداً كبيراً من المحامين فطنوا لمثل هذه الممارسات ورفعوا شكاوى لدى السلطات القضائية، بعد أن عمد العديد من هذه المؤسسات إلى طرد الموظفين الجدد إثر المطالبة بحقوقهم المهنية والمادية. ويبيّن أنّ عدداً كبيراً من الأشخاص ينشئون مؤسسات وهمية للحصول على أموال من الدولة تحت غطاء التوظيف.
من جهته، يقول رئيس "اتحاد المعطلين عن العمل" لـ "العربي الجديد": "جاءنا العديد من الشكاوى لعاطلين عن العمل وقعوا ضحية سهلة لشركات تدعي توفيرها عقودَ عمل خارج الوطن. كما تفطن الاتحاد إلى تسفير عدد من الشباب إلى جهات مشبوهة". ويضيف: "تمّ تنظيم وقفات احتجاجية عدة للمطالبة بفتح تحقيق ضد المتورطين في الفساد المالي، والتستر على تجاوزات هذه الشركات ومراجعة العقود الهشة بحسب القوانين التشريعية. كما طلب الاتحاد من منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان مساندتهم والضغط لمحاسبة المتورطين".
إقرأ أيضاً: يعملون في الصيف للاستمتاع