أُدرِج قرار وزارة التجارة في الجزائر، القاضي بالاختلاط في محلات الحلاقة والتجميل، على قائمة المواضيع المؤججة للنقاش. البعض يتفهم الإجراء "المنسجم مع التحولات المختلفة"، وبعض آخر يرفضه وقد عدّه "مدخلاً لتمييع الأخلاق العامة"
تتجاوز بعض الفضاءات في الشارع الجزائري، أو "الحومة" باللغة الشعبية، صفتها التجارية لتصبح ذات روح عائلية تجمع الأصدقاء لـ"قتل الوقت" وتبادل الجديد في النكات وأخبار الرياضة. في مقدّمة تلك الفضاءات، محلات الحلاقة حيث يُعدّ الحلاق صديق الجميع والعارف - ليس بطبيعة تسريحاتهم فقط - بل بأسرارهم أيضاً. هل الوضع نفسه بالنسبة إلى محلات تصفيف الشعر النسائية؟
هذه المحلات في الجزائر بعيدة عن الرصد، إذ تبقى أبوابها مغلقة دائماً ولا تفتح إلا عند طرقها من قبل إحداهن. أما الأحاديث والأحداث التي قد تتسرّب منها، فمحدودة الانتشار. السائد هو أنّ توجّه المرأة إلى الحمامات ومحلات تصفيف الشعر مربوط بمناسبات عائلية مثل الزواج. وهو الأمر الذي يجعل الحديث عن محلات حلاقة مختلطة، ما عدا في أحياء معينة في الجزائر العاصمة وبعض المدن الكبرى، من دواعي الاستنكار الاجتماعي.
لعلّ خوف وزارة التجارة من استنكار عام، خصوصاً أنها اختبرت عواقب حالة استنكار قبل شهور، عندما طرحت قانوناً يسمح ببيع الخمور في أي محل تجاري، هو ما جعلها تطرح وبصمت، قانوناً يسمح لأول مرة بالاختلاط في محلات الحلاقة والتجميل. نُشر القانون على مدونة النشاطات الاقتصادية التي يعتمدها المركز الوطني للسجل التجاري، وجاء فيها أنه يسمح فتح محلات مختلطة للحلاقة للراغبين، بالإضافة إلى القيام بنشاطات مرافقة من قبيل بيع مواد التجميل والنظافة الجسدية وتنقية البشرة والرعاية الصحية للشعر وبيع المجوهرات غير الثمينة.
اقــرأ أيضاً
تتجاوز بعض الفضاءات في الشارع الجزائري، أو "الحومة" باللغة الشعبية، صفتها التجارية لتصبح ذات روح عائلية تجمع الأصدقاء لـ"قتل الوقت" وتبادل الجديد في النكات وأخبار الرياضة. في مقدّمة تلك الفضاءات، محلات الحلاقة حيث يُعدّ الحلاق صديق الجميع والعارف - ليس بطبيعة تسريحاتهم فقط - بل بأسرارهم أيضاً. هل الوضع نفسه بالنسبة إلى محلات تصفيف الشعر النسائية؟
هذه المحلات في الجزائر بعيدة عن الرصد، إذ تبقى أبوابها مغلقة دائماً ولا تفتح إلا عند طرقها من قبل إحداهن. أما الأحاديث والأحداث التي قد تتسرّب منها، فمحدودة الانتشار. السائد هو أنّ توجّه المرأة إلى الحمامات ومحلات تصفيف الشعر مربوط بمناسبات عائلية مثل الزواج. وهو الأمر الذي يجعل الحديث عن محلات حلاقة مختلطة، ما عدا في أحياء معينة في الجزائر العاصمة وبعض المدن الكبرى، من دواعي الاستنكار الاجتماعي.
لعلّ خوف وزارة التجارة من استنكار عام، خصوصاً أنها اختبرت عواقب حالة استنكار قبل شهور، عندما طرحت قانوناً يسمح ببيع الخمور في أي محل تجاري، هو ما جعلها تطرح وبصمت، قانوناً يسمح لأول مرة بالاختلاط في محلات الحلاقة والتجميل. نُشر القانون على مدونة النشاطات الاقتصادية التي يعتمدها المركز الوطني للسجل التجاري، وجاء فيها أنه يسمح فتح محلات مختلطة للحلاقة للراغبين، بالإضافة إلى القيام بنشاطات مرافقة من قبيل بيع مواد التجميل والنظافة الجسدية وتنقية البشرة والرعاية الصحية للشعر وبيع المجوهرات غير الثمينة.
حاولت "العربي الجديد" الاطلاع على رأي الفدرالية الوطنية للحلاقة والتجميل حول الأمر، فكان ثمة رفض للتعليق المباشر على هذا الإجراء، بحجة أنّ المنظمات ذات الصلة مطالبة بتنقية المهنة أصلاً من النقائص التي تشوبها. يقول أحد أعضاء الفدرالية الذي فضّل عدم الكشف عن هويته: "نحصي أكثر من ثلاثين ألف حلاق في الجزائر، منهم ما لا يقل عن الثلث لا يخضعون للشروط المطلوبة، ومثلهم لا يعملون وفق شروط صحية. دورنا هو مراقبة الموجود من هذه الفضاءات، قبل التعليق على فضاءات جديدة". يضيف أنّ بعض الرجال المتخصصين في الحلاقة النسائية أثبتوا مهارتهم في الميدان، وقد باتوا نجوماً. ويؤمن العضو في الفدرالية بأنّ "النساء الجزائريات، لو كنّ حرّات في خياراتهن، فإنهنّ يخترن بنسبة كبيرة، حلاقين لا حلاقات. وذلك نظراً لإبداعهم في مهنتهم التي اختاروها عن حب. والدليل أنهم تحدوا النظرة الاجتماعية العامة".
من جهته، يقول عضو المنتدى الجزائري للتطوع والمواطنة، وليد بورزاح، إنّ حرية الاختيار يجب أن تكون المعيار الوحيد الذي ينبغي أن نحتكم إليه في تعاملنا مع هذه الفضاءات، التي هي ثمرة طبيعية لاحتكاك الجزائريين باللحظة العالمية المعاصرة. ويضيف: "لنحرص على احترام تلك المحلات للقانون وشروط الصحة وأصول المهنة، والباقي متروك لحرية الناس". بالنسبة إليه، من حق كل جزائري وجزائرية اختيار إما المختلط أو المفصول. ويشير بورزاح إلى تحوّلات في المجتمع خلال العقد الأخير، على الجزائريين مراعاتها. ويتابع: "كل جديد صادم بالضرورة، في بيئة تعودت على الاستكانة إلى القديم. لكنّ هذا النقاش لن يطول أكثر من سنة".
أما السينمائي، حمزة الجزايري، فيقول لـ"لعربي الجديد" إنّ هذا الطرح لا يصمد أمام جملة من الأسئلة منها: "هل هو من المطالب، التي إن تحققت، سوف تُعدّ مكسباً في مجال حقوق الإنسان؟ هل استصدار هذا القرار يشكل أولوية من أولويات الشارع الجزائري اليوم؟". ويوضح موقفه حتى لا يبدو محافظاً خارج تحولات العصر، أنّ ثمّة قوانين تصبّ في صالح تحسين الواقع المهني والتجاري في البلاد، ما زالت حلم مجموعات واسعة من الجزائريين، بينما قفز هذا القانون إلى مقام الأولوية، وهو ليس كذلك.
إسماهان ش. طالبة في جامعة مصطفى اسطنبولي في مدينة معسكر (شمال غرب)، تخبر أنها زارت زميلاتها في جامعة وهران، وقصدن معاً محلاً للحلاقة المختلطة، من دون أن ترى ما يثير الشبهة أو يسيء إلى سمعة الطرفين. تقول: "إلى متى نستمر في الحكم المسبق على نوايا الناس؟ لماذا نغض الطرف عن المزابل التي باتت تهدد الصحة العامة، ونلتفت إلى محل مختلط للحلاقة؟". في المقابل، ترى الطالبة وحيدة ب. أنّ الخبرة في الحلاقة ليست حكراً على جنس معيّن، وأنّ الادعاء بالاستفادة من هذه الخبرة عند الجنس الآخر، ما هو في نظرها إلا تبرير للاختلاط. تسأل: "ما الذي يمنع بالمطالبة بتوفير الخبرة والشروط اللائقة في محلات الحلاقة، النسائية والرجالية، مع الإبقاء على الفصل بين الجنسَين؟".
اقــرأ أيضاً
من جهته، يقول عضو المنتدى الجزائري للتطوع والمواطنة، وليد بورزاح، إنّ حرية الاختيار يجب أن تكون المعيار الوحيد الذي ينبغي أن نحتكم إليه في تعاملنا مع هذه الفضاءات، التي هي ثمرة طبيعية لاحتكاك الجزائريين باللحظة العالمية المعاصرة. ويضيف: "لنحرص على احترام تلك المحلات للقانون وشروط الصحة وأصول المهنة، والباقي متروك لحرية الناس". بالنسبة إليه، من حق كل جزائري وجزائرية اختيار إما المختلط أو المفصول. ويشير بورزاح إلى تحوّلات في المجتمع خلال العقد الأخير، على الجزائريين مراعاتها. ويتابع: "كل جديد صادم بالضرورة، في بيئة تعودت على الاستكانة إلى القديم. لكنّ هذا النقاش لن يطول أكثر من سنة".
أما السينمائي، حمزة الجزايري، فيقول لـ"لعربي الجديد" إنّ هذا الطرح لا يصمد أمام جملة من الأسئلة منها: "هل هو من المطالب، التي إن تحققت، سوف تُعدّ مكسباً في مجال حقوق الإنسان؟ هل استصدار هذا القرار يشكل أولوية من أولويات الشارع الجزائري اليوم؟". ويوضح موقفه حتى لا يبدو محافظاً خارج تحولات العصر، أنّ ثمّة قوانين تصبّ في صالح تحسين الواقع المهني والتجاري في البلاد، ما زالت حلم مجموعات واسعة من الجزائريين، بينما قفز هذا القانون إلى مقام الأولوية، وهو ليس كذلك.
إسماهان ش. طالبة في جامعة مصطفى اسطنبولي في مدينة معسكر (شمال غرب)، تخبر أنها زارت زميلاتها في جامعة وهران، وقصدن معاً محلاً للحلاقة المختلطة، من دون أن ترى ما يثير الشبهة أو يسيء إلى سمعة الطرفين. تقول: "إلى متى نستمر في الحكم المسبق على نوايا الناس؟ لماذا نغض الطرف عن المزابل التي باتت تهدد الصحة العامة، ونلتفت إلى محل مختلط للحلاقة؟". في المقابل، ترى الطالبة وحيدة ب. أنّ الخبرة في الحلاقة ليست حكراً على جنس معيّن، وأنّ الادعاء بالاستفادة من هذه الخبرة عند الجنس الآخر، ما هو في نظرها إلا تبرير للاختلاط. تسأل: "ما الذي يمنع بالمطالبة بتوفير الخبرة والشروط اللائقة في محلات الحلاقة، النسائية والرجالية، مع الإبقاء على الفصل بين الجنسَين؟".