وجدت البحوث أنّ فشلنا في علاقة غرامية قد يجعلنا ننظر إلى أنفسنا وإلى الآخرين بطريقة أكثر سلبية. لكنّ بعض الأشخاص يبقون أقوى في النهوض مجدّداً وترك الماضي وراءهم، بالمقارنة مع آخرين ربّما يعانون لأشهر أو لأعوام، وهو الأمر الذي يقلّص فرص بدء علاقة جديدة.
وتزداد الضغوط النفسية بحسب نظرتنا إلى الأمور وطريقة تفكيرنا بها وقدرتنا على التكيّف، بحسب ما تؤكّد الباحثتان لورين هوي وكارول ديوك من جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة الأميركية. وتكملان أنّ الأشخاص بمعظمهم يحاولون فهم ما حدث وأسبابه، ومن الأسئلة البديهية التي يطرحها هؤلاء: هل فشلت العلاقة نتيجة خطأ منّا؟ ما هي فرص نجاح علاقة في المستقبل؟ وتبقى الطريقة التي يجيبون فيها على الأسئلة الوسيلة التي تساعدهم في التصدي لمعاناتهم أو تفاقم حالهم وامتداد الضرر النفسي.
ونحن ننظر بحسب البحوث إلى الآخرين، كمصادر للمعلومات عن أنفسنا. لذلك، حين يرفضنا شخص، نظنّ أنّه يعرفنا تمام المعرفة، فيكون الأمر مدمّراً للغاية. إلى ذلك، ثمّة أشخاص لا تتبدّل شخصياتهم وهم غير قابلين للتغيّر، يطلَق عليهم "العقلية الثابتة". هم أكثر عرضة للألم، عقب فشل علاقاتهم وينظرون بسلبية إلى أنفسهم. والقصص التي نرويها لأنفسنا عن فشل علاقتنا تسلّط الضوء على عجزنا، فنبدو غير جذابين ومملين ومحتاجين. في المقابل، الذين يرون أنّ سماتهم قابلة للتغيير والذين يُطلَق عليها "عقلية النمو"، يميلون إلى قصص أقل ضرراً عن فشل علاقتهم. وأحياناً يجدون فيها فرصة للتعلّم ويتوّقعون علاقات مستقبلية أفضل، وذلك يمنحهم مزيداً من الأمل.
"بتّ أكرّر ثلاث كلمات يومياً"، تقول دانيا (40 عاماً) وهي مدرّسة لـ "العربي الجديد". وتخبر أنّها قرأت كتاب "السرّ" وغيره من المؤلفات التي تناولت طريقة تفكير الإنسان ومدى تأثيرها على حياته. "وقد تعلّمت أنّ التفكير بإيجابية وتكرار كلمات واضحة تحقّق للإنسان أمانيه". في البداية لم تكن تصدّق ذلك، "لكنّ فشلي في علاقتي الأخيرة كاد أن يدمّرني نفسياً. وأردت الخلاص من ذلك العذاب الذي كان يحرمني النوم أو القدرة على التركيز". حاولت دانيا مواجهة تلك الحالة بأي طريقة، "فالصلاة كانت روتيناً، وقرّرت خوض تجربة جذب الطاقة الإيجابية". وراحت تكرّر كلما طرأت الفكرة على بالها كلماتها الثلاث: "سعيدة. ناجحة. محبوبة". وتشير إلى أنّه "وفق ما قرأت، ينبغي أن تكون الكلمات واضحة لا عبارات طويلة. والغريب في الأمر أنّني كنت أشعر بالارتياح كلّما نطقت تلك الكلمات. وساعدت ذاتي على النظر إلى نفسي بأنّني امرأة سعيدة وناجحة ومحبوبة. مجرّد التفكير بذلك خفّف من حزني ومدّني بالقوّة".
لم تكن حال نهلا (42 عاماً) بالسهولة ذاتها. تقول لـ "العربي الجديد" إنّها تعجز عن فهم سبب تخلّي زوجها عنها، "وأحياناً ألقي اللوم على نفسي وأبرّر ما قام به. وفي أوقات أخرى، أتساءل عن سبب هجرانه". وقد وصل بها الأمر إلى تناول أدوية للاكتئاب وما زالت تعيش الألم وتعجز عن النوم أو التقدّم في حياتها، على الرغم من مرور ما يزيد عن عام. وعن التفكير بإيجابية، تقول نهلا: "أنجح بذلك لفترة قصيرة، سرعان ما تزول في غضون أيّام. وأعود إلى دوّامة الحزن".
وتشير البحوث إلى أنّ خطوات بسيطة قد تساعد على تخطّي علاقة فاشلة، ومنها النظر بصدق إلى أسباب فشلها من دون إلقاء لوم غير ضروري على الذات، والتذكّر بأنّ ما حدث أمر شائع وليس استثنائياً.