لم تعد بغداد الرشيد، تلك الحاضرة التي عرفها العالم عبر مكتباتها وأسواقها وشوارعها الزاهية التي يفوح منها عبق التاريخ والتراث من كل زاوية، بل أصبحت مقصداً للقوارض والحشرات التي تبحث عن الزوايا المظلمة والنفايات التي تنتشر هنا وهناك.
وغزت في الآونة الأخيرة الحشرات والقوارض بغداد بشكل لافت، ما أثار استياء سكان العاصمة الذين طالبوا الجهات الحكومية بوضع خطة للتخلّص منها بأسرع وقت. وأعلنت أمانة بغداد، الخميس، إطلاق حملة واسعة بالتعاون مع ناشطين ومواطنين لمكافحة القوارض والحشرات، التي تتخذ من مكبات النفايات والأماكن الرطبة أماكن للتكاثر.
وأضاف "الحملة لم تتوقف عند مكافحة القوارض والحشرات فحسب، بل شملت إزالة عدد من اللوحات الإعلانية المروجة للتدخين، إلى جانب كشف ميداني لأكثر من 20 موقعاً، منها مرائب غسل وتشحيم السيارات وبعض المطاعم".
كما أشار إلى أن "الكشف الميداني تضمن معرفة كيفية غسل الأواني في المطاعم، وطريقة تصريف المياه الناتجة عن غسل وتشحيم السيارات. وتم توزيع منشورات تثقيفية على عدد من المراكز الطبية لتعريف المواطنين بأضرار النفايات وتسببها في نشر الأمراض والأوبئة".
ويشتكي أهالي العاصمة بغداد منذ شهرين من انتشار كثيف للذباب والبعوض بشكل غير مسبوق في أغلب الأحياء السكنية. وكانت حملة واسعة انطلقت حينها في بغداد عبر رش المبيدات الحشرية ونقل النفايات خارج الأحياء السكنية.
ويعزو متخصصون سبب غزو القوارض والحشرات في بغداد خلال السنوات الأخيرة بشكل لافت، إلى انتشار مكبات النفايات بشكل عشوائي وغير منظم، ووجود مناطق موبوءة في العاصمة، وعشوائيات سكنية.
وفي هذا الصدد، قال المهندس البيئي عثمان السلماني، إن "العاصمة بغداد تضم عددا من المناطق الموبوءة بمكبات النفايات والعشوائيات السكنية والمستنقعات الآسنة التي تجمع الذباب والبعوض والقوارض والحشرات الضارة التي تؤذي المواطنين".
ويقول البغداديون إنهم لا يستطيعون تحمّل ما يجري في عاصمتهم التي تحولت إلى أسوأ عاصمة في العالم من حيث الأمن والخدمات والواقع البيئي والصحي.
وكان مؤشر "ميرسر" العالمي صنّف العاصمة بغداد عام 2012 كأسوأ عاصمة في العالم من حيث المعيشة والخدمات والواقع البيئي والصحي للعام الثاني على التوالي. وأظهر المؤشر نفسه العاصمة بغداد مطلع 2016 بأنها أسوأ مدينة من حيث المعيشة في العالم.
كما كشفت دراسة بريطانية نشرت في فبراير/شباط الماضي، أن بغداد أسوأ مكان للعيش على الأرض، ويأتي ذلك بعد أن عرفت بغداد قبل نحو 1250 عاماً في العصر العباسي بأنها أفضل مدينة في العالم، من حيث المعيشة والتعليم والنظافة والواقع الخدمي والصحي والبيئي والاجتماعي والسياسي.