تعهدت الحكومة الجزائرية بالعمل على استرجاع جماجم 36 من شهداء المقاومة الشعبية الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، يحتفظ بها في متحف في فرنسا.
وقال وزير المجاهدين (قدماء المحاربين)، الطيب زيتوني، في مؤتمر صحافي أمس السبت، إن "الحكومة الجزائرية لن تسكت ولن تتخلى عن قضية استرجاع جماجم الجزائريين الموجودة لدى فرنسا، وعن عدد من الملفات المتعلقة بالتاريخ والذاكرة مطروحة لدى الجانب الفرنسي".
وكشف المسؤول الجزائري عن أن "قضية استرجاع رفات ثوار الجزائر ليست متوقفة بل هي مجمدة إلى حين انتهاء الانتخابات الرئاسية الفرنسية"، مشيرا إلى أن الحكومة الجزائرية اختارت تجميد هذا الملف إلى ما بعد الانتخابات الفرنسية حتى لا يتلاعب الساسة الفرنسيون به".
واتفقت الحكومتان الجزائرية والفرنسية على تشكيل لجنة مشتركة لمناقشة ملفات جادة ذات صلة بقضايا الذاكرة وحرب تحرير الجزائر، أبرزها المطالبة باستعادة الأرشيف الجزائري والتعويضات الخاصة بالجنوب الجزائري، وتلك المتعلقة بالمفقودين، واسترجاع جماجم ثوار المقاومة الوطنية.
وأكد أن الجزائر "لن تنسى ولن تتقاعس في الحصول على مطالبها من الجانب الفرنسي، والممثلية الدبلوماسية الجزائرية بفرنسا تتابع هذه الملفات بالتنسيق مع الحكومة ووزارة الخارجية".
ومنذ أكثر من قرن يحتفظ متحف فرنسي بـ36 جمجمة لعدد من قيادات المقاومة الشعبية الجزائية ضد الاستعمار الفرنسي مباشرة بعد الغزو الفرنسي، أبرزهم محمد لمجد بن عبد المالك المعروف باسم شريف بوبغلة، ولشيخ بوزيان قائد مقاومة الزعاطشة في منطقة بسكرة، جنوبي الجزائر، في عام 1849، وموسى الدرقاوي، وسي مختار بن قديودر الطيطراوي، والرأس المحنط لعيسى الحمادي الذي كان ضابطا لدى شريف بوبغلة، والقالب الكامل لرأس محمد بن علال بن مبارك الضابط والذراع الأيمن للأمير عبد القادر.
وتعد هذه الجماجم عبارة عن هبات من أطباء عسكريين خلال الحقبة الاستعمارية في علب من الورق المقوى وضعت في خزانة حديدية مغلقة الإحكام.
وفي عام 2011، أشار المؤرخ الجزائري علي فريد بلقاضي إلى العثور على بقايا جثث جزائريين قاوموا الاستعمار الفرنسي في القرن الـ19 في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي. وأوضح أن بعض عظام الجثث محتفظ بها في هذا المتحف الموجود بباريس منذ عام 1880، وهو التاريخ الذي دخلت فيها هذه الرفات إلى المجموعة العرقية.
ومنذ فترة تطالب جمعيات مدنية جزائرية السلطات الفرنسية باستعادة هذه الجماجم ودفنها تكريما لأرواح المقاومين، كما طالبت السلطات الجزائرية بالقيام بخطوات في هذا السياق.
وأطلق ناشطون منذ عام 2011 لائحة شملت 1600 توقيع للمطالبة باستعادة هذه الجماجم وإرجاعها إلى أرض الوطن وضمان دفنها اللائق.
وفي أغسطس/آب الماضي أعلن مدير متحف الإنسان والتاريخ الطبيعي بباريس ميشال غيرو، عن استعداده لدراسة طلب إعادة 36 جمجمة لشهداء جزائريين جديا، والتي قال إنها محفوظة في علب باهظة الثمن لتفادي تلفها، علما أن جميع الرفات محفوظة بالطريقة ذاتها.
وأعلن غيرو أن تسليم هذه الجماجم التي تحمل أرقاما تسلسلية يمكن تسليمها بقرار سياسي. وقال: "نحن ننتظر فقط القرارات السياسية، والطلب يجب أن يكون بالطرق الدبلوماسية وليس من خلال جمعية ليس لها حق خاص بتلك الرفات، كما أننا نعترف بحق العائلة والأحفاد".