انتصر المجلس الدستوري الفرنسي، اليوم الجمعة، لمناصري المهاجرين، الذين يغامرون، أحيانا، بتقديم المساعدة لهم، فتطاردهم الشرطة ويحالون على القضاء الفرنسي. وأعاد الاعتبار، مرة أخرى، "لمبدأ الأخوّة"، باعتباره ثابتا ولا لبس فيه.
وأكد المجلس أن تقديم مساعدة لأي مهاجر في وضعية غير قانونية، لا يعتبر مخالفاً للقانون، ولا يستوجب، بالطبع، أي عقوبة. وارتكز في قراره إلى "مبدأ الأخوة". وكان من نتائج هذا القرار "وقف إجراءات قانون دخول وإقامة الأجانب".
وقد جاء هذا القرار الصادر من أعلى هيئة قضائية في فرنسا، في سياق سياسي أوروبي ضاغط على المهاجرين، وفي وقت يتنافس فيه اليمين الحاكم في العديد من البلدان الأوروبية على التشدد وعلى ابتزاز المواقف المتصالحة في هذا البلد أو ذاك، ولعل مثالي وزيري الداخلية المتطرفين في إيطاليا وألمانيا خير دليل على المستقبل الصعب الذي ينتظره المهاجرون في أوروبا.
وللتذكير فإن هذا القرار الذي كان منتظرا للحسم في مسألة ما سمي بـ"جنحة التضامن" (التي يطالب الكثيرون، من مناضلين وجمعيات حقوقية وإغاثية، بإلغائها، باعتبارها تمثل عاراً وانتقاصا من إنسانية الإنسان)، جاء بعد شكاية تقدم بها المزارع الفرنسي سيدريك هيرّو، أحد النشطاء من وادي "رويا". وقد اشتهر هيرّو في العالَم بتقديم المساعدة للمهاجرين القادمين من الحدود الإيطالية، وتصفه صحف عالمية بـ"روبن هود" الفرنسي، والذي كُرّس عنه فيلم وثائقي "حرّ"، من إخراج ميشيل تويسكا، وعُرِضَ في المسابقة الرسمية في مهرجان كان السينمائي الأخير.
ولأول مرة، يكرّس المجلس الدستوري "مبدأ الأخوة"، ويذكّر بأن شعار الجمهورية الفرنسية هو: "الحرية، المساواة، الأخوة"، كما يذكّر بأن القانون الأساسي يحتكم إلى هذا "المثال المشترك".
ويشدد نص قرار المجلس الدستوري على حرية تقديم المساعدة للآخرين بهدف إنساني، دون أي اعتبار لقانونية إقامة المهاجر الأجنبي على الأراضي الوطنية. ويمنح المجلس الدستوري مهلة زمنية (إلى الأول من شهر ديسمبر/كانون الأول 2018)، لإلغاء كل الإجراءات القضائية السابقة.
وتجدر الإشارة إلى أنه سبق أن صدر حكم على سيدريك هيرو بـ"جنحة التضامن". وتنص المادة 622-1 على معاقبة كل من يساعد أجنبيا على دخول فرنسا أو على التحرك فيها أو على الإقامة غير القانونية فيها بـالسجن 5 سنوات وبغرامة مالية تصل إلى 30 ألف يورو.
ويعتبر هذا القرار الهامّ للمجلس الدستوري داعما نفسيا وقانونيا لكل الأفراد والجمعيات التي تقدم العون للمهاجرين، كما أنه قد يؤثر إيجابا، بعض الشيء، على النص النهائي لقانون "اللجوء والهجرة"، الذي يعرف تجاذبا حادا بين مجلسي الشيوخ والنواب.