ثلاث عشرة دقيقة فقط فصلت بين اتصال ضابط المخابرات الإسرائيلي بالعائلة، وقيام الطائرات بقصف المبنى الذي كان يعيش فيه نحو 40 فلسطينيا بعدة صواريخ، ولم تكن الدقائق كافية سوى لخروج ساكنيه على عَجل دون متعلقاتهم.
لم يصب أي من أفراد عائلة الغزالي بأذى، إلا الأذى النفسي من مشاهدة أنقاض منزلهم الذي بات حطاما فجأة. نوافذ وأبواب البيت المهشمة كانت قبل ساعات فقط شاهدة على تفاصيل الحياة اليومية. دفاتر وألعاب الأطفال الممزقة، ومستلزمات المطبخ والطعام، وخزانات المياه المحطمة. تحولت معالم البيت الذي كان يضج بالحياة إلى رماد في دقائق معدودة.
وقال زهير الغزالي (37 سنة)، والذي تلقى اتصال المخابرات الإسرائيلية خلال تحضير عائلته الصائمة وجبة فطورها: "اتصل بي رقم خاص، وسألني هل أنت زهير الغزالي، فقلت نعم، فسألني مجدداً هل أنت أبو تيسير، فعاودت إجابته قائلا نعم، فقام بتعريفي بنفسه، وقال: احنا المخابرات الإسرائيلية".
وأضاف الغزالي لـ"العربي الجديد": "تمالكت نفسي لأسمع بقية كلام الضابط، الذي طلب مني إخلاء البيت خلال 10 دقائق، وحذرني من إغلاق الخط، وقال حرفيا: إذا قمت بإغلاق الهاتف سنقصف المبنى على رؤوسكم فوراً".
وأشار الغزالي إلى أنه "تم تشتيت العائلة التي لا تملك أي مأوى آخر. ندعو الجميع إلى تأمين مأوى سريع يضمنا بعد أن أصبحنا بلا مسكن في لحظة. نحن في أوضاع إنسانية غاية في السوء".
شاركه القهر عمه الستيني رجب الغزالي، صاحب المبنى، والذي يعيل أسرة مكونة من 5 بنات و3 أولاد، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "المبنى يضم 5 أسر، أي قرابة 40 فردا، ويعمل معيلو تلك الأسر في بيع الحلويات والملابس".
وأوضح الغزالي أن "العائلة عاشت لحظات من الجحيم الحقيقي بعد تلقي اتصال ضابط المخابرات الإسرائيلية، والذي انتهى بقصف المبنى بشكل مروع. كان القصف أشبه بالزلزال، وحول المبنى إلى رماد خلال أقل من ربع ساعة. كان شغلنا الشاغل في اللحظة الأولى إجلاء زوجتي مريضة السرطان بمساعدة الجيران والأقارب".
وبين أن العائلة صاحبة دخل محدود، والقصف أفقدها المأوى الوحيد، كما تم تدمير البضائع و"بسطات" وعربات الحلويات التي يتم تخزينها داخل البيت، داعياً الجهات المختصة إلى الإسراع بتأمين مأوى للأسرة.
وقال خميس الغزالي (33 سنة)، الذي يعمل على عربة لبيع الحلويات، لـ"العربي الجديد"، إن "ليلة القصف كانت قاسية علي وعلى زوجتي وأبنائي الثلاثة. اضطررنا للمبيت عند أهل زوجتي. كانت لحظات مخيفة. لقد أصبحنا بلا مأوى".