يعاني تلاميذ المناطق النائية في جنوب أفغانستان بسبب عدم توفر الكتب المدرسية، ما يجعلهم عاجزين عن التحضير للامتحانات التي باتت على الأبواب. المشكلة قديمة، واللافت أن الجهات المعنية لم تتمكن من حلها حتى اليوم.
في جنوب أفغانستان، بات العام الدراسي على وشك الانتهاء من دون أن تحصل المدارس على الكتب اللازمة لتلاميذها. وما زالت قضية الكتب المدرسية إحدى المشاكل الأساسية التي تشغل أذهان التلاميذ والمدرّسين على حد سواء. والمشكلة تنسحب على كثير من مدارس الجنوب الأفغاني وتحديداً في المناطق النائية والبعيدة، التي لا تنعم بوضع أمني مستقر، لا سيما مناطق في أقاليم قندهار وزابل وهلمند وأورزجان وغيرها.
في إقليم هلمند كثير من المدارس التي تعاني بسبب عدم توفر كتب كافية، علماً أن الامتحانات النهائية باتت على الأبواب، كونها من المناطق المعروفة بـ "غرم سير"، أي التي تكون فيها الإجازة السنوية خلال فصل الصيف. وتعتمد هذه المدارس على الكتب القديمة، وإن كانت ناقصة، إضافة إلى بعض الكتب التي استطاع تلاميذ تأمينها من الأسواق.
ويقول فريد أحمد، وهو تلميذ في مدرسة روحاني في مدينة لشكر كاه مركز إقليم هلمند، لـ "العربي الجديد": "الامتحانات النهائية على الأبواب، ومعظم تلاميذ المدرسة محرومون من الكتب". ويوضح أن بعض التلاميذ اشتروا كتباً من السوق في وقت ما زال آخرون من دون كتب، لأن المدرسة لم تحصل على حصتها من الحكومة المركزية. وفي ظل الأوضاع المعيشية الصعبة، لا يستطيع التلاميذ الفقراء شراء الكتب من السوق. يضيف فريد أن تلاميذ المرحلة الثانوية حصلوا على بعض الكتب، وبات يمكنهم التحضير للامتحانات على الرغم من بعض المشاكل. لكن في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، لم يحصل معظم التلاميذ على كتب جديدة.
غياب الكتب يجعل المدرسين يعانون خلال شرح الدروس، أو إذا ما طلبوا من التلاميذ أداء واجبات منزلية والتحضير للامتحانات. ولأن معظم الأهل عاجزون عن تدريس أولادهم، يبقى الكتاب مرجعاً رئيسياً، لكنه غير متوفر. في هذا السياق، يقول أحد المدرسين في مدرسة ملالي في مدينة لشكر كاه، فصيح الله: "في كثير من الأحيان، نواجه مشكلة كبيرة مع التلاميذ لأنهم لا يملكون أية كتب. وعندما نطلب منهم مراجعة الدروس، يقولون إنهم لا يملكون الكتب. نعتمد على الكتابة وهذا أمر شاق"، مؤكداً أن الكتب مرجع رئيسي لمراجعة الدروس، لكنها غير متوفرة لدى معظم التلاميذ. ويخشى فصيح حرمان كثير من التلاميذ من التعليم في حال استمرت الأمور على ما هي عليه، مشيراً إلى أن كثيراً من الآباء يحتاجون إلى أبنائهم في أعمالهم اليومية كالزراعة والتجارة وغيرهما. وعندما يرسلون أولادهم إلى المدارس، يكون هدفهم نجاح أبنائهم في العلم وبالتالي تغيير واقعهم. لكن حين يجدون أنهم لا يملكون الكتب، قد يمنعوهم من الذهاب إلى المدرسة.
وكان مسؤول إدارة التعليم المحلية في هلمند محمد داوود صفاري، قد أعلن في وقت سابق لوسائل إعلام محلية أن المشكلة موجودة والحكومة المحلية بالتنسيق مع الحكومة المركزية وتحديداً وزارة التعليم تعمل على حلّها، مؤكداً أن الحكومة المركزية بدأت تولي اهتماماً للقضية، وقد أرسلت قبل فترة نحو 114 ألف كتاب لمرحلة الثانوية، وزعت على المدارس الموجودة في الإقليم وحلت المشكلة نوعاً ما. لكنها ما زالت موجودة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، إذ لم تصل الكتب إلى الإدارة المحلية من دون معرفة السبب، على الرغم من تواصل الحكومة المحلية المستمر مع وزارة التعليم. ويعرب عن أمله في أن تستمع الوزارة إلى مطلبهم، وترسل إليهم الكتب قبل موعد الانتخابات النهائية، أي بعد أقل من شهر.
ولا تقتصر المشكلة على إقليم واحد، بل تمتد إلى كثير من الأقاليم وتحديداً في المناطق النائية. ويضاف إلى عدم إرسال الحكومة المركزية الكتب، مشكلة الفساد الموجودة في بعض المناطق. ويقول عزيز الرحمن، الأستاذ المتقاعد من مدرسة حكومية في قندهار، لـ "العربي الجديد": "الكتب المدرسية تباع في السوق من قبل بعض المسؤولين في المدارس وإدارة التعليم، ويقال للتلاميذ إنها غير موجودة".
تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة المحلية في إقليم بكتيكا جنوب البلاد كانت قد أعلنت إحراق 500 ألف كتاب من المنهاج الباكستاني كانت في خزانة إدارة التعليم منذ خمسة أعوام، بعدما منحت لها من قبل منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف". لكن لم تستطع الاستفادة منها وأقدمت على إحراقها. وقال مسؤول إدارة التعليم في الإقليم محرب الدين شفق، إن تلك الكتب لم يكن فيها ما ينفع التلاميذ، ما أدى إلى إحراقها. يُذكر أنّ وجود الكتب الباكستانية باللغة الأردية أثار استياء الأفغان بعد إثارة القضية في وسائل الإعلام، الأمر الذي قد يكون تسبب في إحراقها.