ما يُميّز شهر رمضان في قطر، هو تسابق الجمعيات الخيريّة لإقامة موائد إفطار جماعية في العاصمة الدوحة وغيرها من المناطق. يُنافسها رجال الأعمال الذين يرصدون سنوياً مبالغ ماليّة لإقامة موائد الإفطار الرمضانيّة، وخصوصاً للعمال الوافدين.
تعدّ نسبة الوافدين إلى قطر الأعلى في العالم بحسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشريّة. ووصلت إلى نحو 82 في المائة بالمقارنة مع عدد سكان البلد البالغ عددهم نحو مليونَين ومائتَي ألف نسمة. ويفوق الذكور الإناث بنحو أربعة أضعاف، وذلك بسبب العمالة الوافدة، وخصوصاً من القارة الآسيوية. وتعدّ الخيام الرمضانية إحدى علامات التكافل الاجتماعي، ويمكن أن تجدها في كل مكان، وقد تحولت إلى مشهد مألوف خلال شهر رمضان.
في كل عام، ينتظر كثير من الناس هذه الخيام لقضاء وقت ممتع واستعادة الطقوس الرمضانية في بلادهم. ويحرصُ القيّمون على تلبية أذواق الصائمين من خلال توفير مأكولات متنوعة. ولا يقتصر تجهيز الخيام على اختيار المكان المناسب فقط. عادة ما تكون الخيمة واسعة، وفيها أجهزة تكييف، وتشرف عليها مجموعة من الأشخاص الذين يتولون إعداد الوجبات قبل حلول موعد الإفطار. وتُقام الخيام على مقربة من المساجد، حتى يتمكن الصائمون من أداء صلاة المغرب.
هذا العام، أطلق الهلال الأحمر القطري مشروع إفطار الصائم في أربعة أماكن. أما مؤسسة عيد الخيرية، فجهزت 60 موقعاً يتسع لـ 12 ألف صائم يومياً، مع مراعاة شروط الأمن والسلامة والصحة العامة. على هامشها، تنظم فعاليات دينية يقيمها مركز الشيخ عيد الثقافي ومركز ضيوف قطر.
بدورها، تستقبل جمعية "راف" تسعة آلاف صائم يومياً في 22 موقعاً، بالإضافة إلى استضافة أكثر من سبعة آلاف مقيم من الجالية الآسيوية ضمن مشروع إفطار وإخاء، وتوزيع 1500 سلة تموينية على الأسر المحتاجة ضمن مشروع "مونة رمضان".
أما قطر الخيرية، فأعلنت عن نيتها استقبال نحو 159 ألف صائم من خلال مشروعها السنوي "إفطار صائم".
إلى ذلك، عرفت الدوحة "مدفع رمضان" لأوّل مرّة في ستينيات القرن الماضي. ومنذ ذلك الوقت، يعدّ المدفع أحد أبرز وأهمّ سمات رمضان في الدوحة. واعتاد القطريون والمقيمون الإفطار بعد إطلاقه. وكعادتهم في كلّ عام، يفرح الكبار والصغار برؤية المدفع. قبل نحو نصف ساعة من حلول موعد الإفطار، يتوجه الأهل والأطفال إلى موقع المدفع، علماً أن العدد يبلغ ذروته قبل إطلاق المدفع بدقائق. ويحرصُ كثيرون على التقاط صور تذكارية على مقربة منه.
لم تنتهِ الطقوس والنشاطات. هناك أيضاً ليلة "القرنقعوه" في منتصف الشهر. يغني الأطفال: "قرنقعوه قرقاعوه.. عطونا الله يعطيكم.. بيت مكّة يودّيكم.. يا مكّة يا المعمورة.. يا أمّ السلاسل والذهب يا نورة"، علماً أن الأمر ليس محصوراً في قطر وحدها. بعد صلاة المغرب، يسير الأطفال في الشارع ويطرقون أبواب الجيران في الحي، حاملين في أيديهم أكياساً فارغة من القماش، ليعودوا إلى منازلهم وقد جمعوا المكسّرات والحلوى.
وليلة "القرنقعوه" هي بمثابة عادة اجتماعية في قطر. في هذه الليلة، يخرج الأطفال في أبهى حلة، يرتدون الملابس التقليدية الزاهية، وتضع الفتيات "البخنق" لتغطية رؤوسهن، وتزيّن بخيوط ذهبية على الأطراف، ولا ينسين الحلي. أما الصبيان، فعادة ما يرتدون ثياباً جديدة، ويضعون على رؤوسهم "القحفية" المطرزة.
وكان الاحتفال بهذه الليلة يتّسم بالبساطة، وتكتفي الأسر بشراء المكسّرات والحلويات اللازمة لتوزيعها على الأطفال، وخياطة الملابس والأكياس. أما اليوم، فتنظم مؤسسات تجارية وجمعيات خيرية احتفالات واسعة.
ملابس وأكياس جاهزة
في الآونة الأخيرة، صارت العائلات القطرية تشتري الملابس والأكياس الخاصة بليلة "القرنقعوه" من الأسواق، بعدما خفتت الخياطة المنزلية. أيضاً، زاد إقبال العائلات على زيارة الأماكن العامة التي تحتفل بالقرنقعوه، علماً أن الاحتفالات لم تتنازل عن الطابع التقليدي الذي يقضي أن ينتظر الكبار في بيوتهم حتى يأتي الأطفال ويقرعوا الأبواب ويطلبوا الحلوى والمكسّرات.
اقرأ أيضاً: قرقاعون أطفال البحرين