تردّد أبو أمجد كثيراً قبل الموافقة على عرض طفله محمد، البالغ من العمر 14 عاماً، على معالج شعبي يمتهن الطب البديل في غزة، لعله يساعد على إنهاء معاناته من آلام الظهر والساقين المتواصلة. لكن نصيحة أحد أقاربه دفعته إلى تجربة الأمر، خصوصاً بعدما أخفق الطب العصري في معالجة طفله. لم يكن محمد يعاني من أية مشاكل صحية، قبل الحرب الأخيرة، التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة. خلال الحرب بدأت حالته تتدهور بشكل مفاجئ، وبدأ الطفل يشكو من آلام شديدة في ظهره وساقيه، فيما تدهورت حالته النفسية وبدا شارد الذهن فاقدا الشهية طوال الوقت.
هذا الأمر دفع والده إلى عرضه على عدد من الأطباء في عيادات ومستشفيات، لكن دون جدوى، إذ لم يطرأ أي تحسن على حالته، بل زاد الأمر سوءاً، ليضطر في نهاية الأمر إلى عرضه على معالج مختص في الطب العربي القديم. وعلى يديه كان الشفاء.
"العربي الجديد" زارت منزل أبي أمجد، الواقع في حي الشجاعية، بالتزامن مع حضور المعالج، حارث البراوي، الذي أتى لإتمام جلسة العلاج الطبيعي الأخيرة للطفل، مستخدماً زيت الزيتون الدافئ، وبعض المعدات البسيطة، قبل أن يقوم بتدليك جسد الطفل.
يقول والد الطفل إن حالة ابنه تحسنت كثيراً منذ بدأ الخضوع لجلسات العلاج الطبيعي، مشيراً إلى أن المعالج أخبره أنه كان يعني من آثار خوف شديد، ربما بفعل أجواء الحرب، التي عاشها طوال شهرين كاملين، ونجح بطريقة العلاج التقليدية في ما يطلق عليه العامة "قطع الخوفة"، والتي يعاني منها كثيرون، عادة، في الظروف المماثلة.
ويضيف الرجل الأربعيني لـ "العربي الجديد": "لم أكن يوماً مقتنعاً بفكرة علاج أحد أبنائي على يد شخص يمتهن العلاج بطريقة بدائية، دون دراسة علمية متخصصة، لمجرد أنه ورث هذا العمل عن أبيه. لكن حينما شاهدت حالة ابني قبل وبعد العلاج تغيرت نظرتي تماماً إلى الموضوع". وأردف قائلاً: "عاد ابني إلى حالته المعتادة. بدأ يمشي بشكل طبيعي، ولم يعد يشكو من آلام في جسده. أصبح يأكل وينام، كما كان في السابق، ويذهب إلى المدرسة ويلعب مع أقرانه، بعدما كان قد حُرم من كل هذه الأمور، طوال الفترة التي أعقبت الحرب على غزة".
محمد تحدث مع "العربي الجديد" أيضاً، وقال إن الآلام، التي كان يعاني منها، تلاشت تماماً بفضل جلسات التدليك والعلاج الطبيعي، التي خضع لها، وتابع: "في أول جلسة علاج أحسست بألم شديد للحظات، لكن بعد ذلك عاد شعور الارتياح إليّ، ونمت لأول مرة منذ أسابيع بهدوء ودون كوابيس وقلق". خلال الجلسات اللاحقة، شعر محمد بمزيد من التحسن، إلى أن وصل إلى الجلسة الخامسة والأخيرة، والتي انتهت معها معاناته تماماً. لكن كيف حدث هذا؟ وما الذي فعله المعالج لكي يعود الطفل كما كان، ويدبّ النشاط من جديد في جسده ويظهر الارتياح على ملامح وجهه؟
يجيب المتخصص في هذا النوع من العلاج، حارث البراوي، قائلا لـ "العربي الجديد" إن العلاج بـ"قطع الخوفة" يعتمد على التدليك الطبيعي للمناطق، التي تتجمع فيها الغدد الليمفاوية في الجسد، والتي يستطيع المختصون في هذا النوع من العلاج معرفتها بسهولة.
ويوضح: "الخوف والحزن يسببان انتفاخا في الغدد الليمفاوية، الأمر الذي يقلل من ضخ الدم في الجسد، وتنتج عن ذلك أمراض ومضاعفات خطيرة إن لم يتم العلاج بشكل سريع".
ويلفت البراوي إلى أن العلاج بـ"قطع الخوفة" ليس أمراً جديداً "بل هو قديم جداً وربما يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وما يميّزه أنه يسهم سريعا في تحسين الحالة الجسدية والنفسية على حد سواء للمريض، من خلال قليل من التدليك الطبيعي المتخصص".
يدير البراوي مع والده عيادة متخصصة في هذا النوع من العلاج وسط مدينة غزة، ويقول إنها تشهد زيارة العشرات من الأهالي يومياً طلباً لـ "قطع الخوفة"، مشيراً إلى أن من يحضرون بينهم كبار وصغار: "عدد من الأطباء المعروفين في مستشفيات غزة يحضرون إلينا طلباً للعلاج لهم ولأبنائهم".
بعض الحالات يتولى حارث ووالده علاجها داخل العيادة، لكن العدد الأكبر يُعالجون في منازلهم، حيث يخضع المريض لعدة جلسات تنتهي عادة بنتيجة إيجابية، ويتعدى الأمر مجرد معالجة من يعانون من مشاكل خوف وأرق وغير ذلك، إلى حضور كثيرين ممن يعانون العقم.
ويوضح: "لعل الفئة الأكبر، التي كانت تحرص على زيارتنا قبل الحرب، هي فئة المتزوجين الذين يعانون من مشاكل في الإنجاب. وكثير منهم انتهت معاناته بفضل العلاج الطبيعي والتدليك. وبعد الحرب أصبح الكل يقبل علينا طلباً للعلاج من الخوف والتوتر".
ورغم الإقبال اللافت من الغزاويين على هذا النوع من العلاج، وثقة شريحة كبيرة من الأهالي به، إلا أن مدير قسم الاستقبال والطوارئ في مستشفى الشفاء في غزة، الدكتور أيمن السحباني، يصنّفه على أنه مجرد "طب شعبي" يفتقر إلى الأسس العلمية السليمة. غير أن السحباني يشدد، في حديثه مع "العربي الجديد"، على أن الطب الشعبي يحظى في المقابل بالتقدير لدى أطباء متخصصين، لكن مع ضرورة اللجوء إليه في حال فشل العلاج بمعرفة أطباء المستشفيات والعيادات الخاصة.
هذا الأمر دفع والده إلى عرضه على عدد من الأطباء في عيادات ومستشفيات، لكن دون جدوى، إذ لم يطرأ أي تحسن على حالته، بل زاد الأمر سوءاً، ليضطر في نهاية الأمر إلى عرضه على معالج مختص في الطب العربي القديم. وعلى يديه كان الشفاء.
"العربي الجديد" زارت منزل أبي أمجد، الواقع في حي الشجاعية، بالتزامن مع حضور المعالج، حارث البراوي، الذي أتى لإتمام جلسة العلاج الطبيعي الأخيرة للطفل، مستخدماً زيت الزيتون الدافئ، وبعض المعدات البسيطة، قبل أن يقوم بتدليك جسد الطفل.
يقول والد الطفل إن حالة ابنه تحسنت كثيراً منذ بدأ الخضوع لجلسات العلاج الطبيعي، مشيراً إلى أن المعالج أخبره أنه كان يعني من آثار خوف شديد، ربما بفعل أجواء الحرب، التي عاشها طوال شهرين كاملين، ونجح بطريقة العلاج التقليدية في ما يطلق عليه العامة "قطع الخوفة"، والتي يعاني منها كثيرون، عادة، في الظروف المماثلة.
ويضيف الرجل الأربعيني لـ "العربي الجديد": "لم أكن يوماً مقتنعاً بفكرة علاج أحد أبنائي على يد شخص يمتهن العلاج بطريقة بدائية، دون دراسة علمية متخصصة، لمجرد أنه ورث هذا العمل عن أبيه. لكن حينما شاهدت حالة ابني قبل وبعد العلاج تغيرت نظرتي تماماً إلى الموضوع". وأردف قائلاً: "عاد ابني إلى حالته المعتادة. بدأ يمشي بشكل طبيعي، ولم يعد يشكو من آلام في جسده. أصبح يأكل وينام، كما كان في السابق، ويذهب إلى المدرسة ويلعب مع أقرانه، بعدما كان قد حُرم من كل هذه الأمور، طوال الفترة التي أعقبت الحرب على غزة".
محمد تحدث مع "العربي الجديد" أيضاً، وقال إن الآلام، التي كان يعاني منها، تلاشت تماماً بفضل جلسات التدليك والعلاج الطبيعي، التي خضع لها، وتابع: "في أول جلسة علاج أحسست بألم شديد للحظات، لكن بعد ذلك عاد شعور الارتياح إليّ، ونمت لأول مرة منذ أسابيع بهدوء ودون كوابيس وقلق". خلال الجلسات اللاحقة، شعر محمد بمزيد من التحسن، إلى أن وصل إلى الجلسة الخامسة والأخيرة، والتي انتهت معها معاناته تماماً. لكن كيف حدث هذا؟ وما الذي فعله المعالج لكي يعود الطفل كما كان، ويدبّ النشاط من جديد في جسده ويظهر الارتياح على ملامح وجهه؟
يجيب المتخصص في هذا النوع من العلاج، حارث البراوي، قائلا لـ "العربي الجديد" إن العلاج بـ"قطع الخوفة" يعتمد على التدليك الطبيعي للمناطق، التي تتجمع فيها الغدد الليمفاوية في الجسد، والتي يستطيع المختصون في هذا النوع من العلاج معرفتها بسهولة.
ويوضح: "الخوف والحزن يسببان انتفاخا في الغدد الليمفاوية، الأمر الذي يقلل من ضخ الدم في الجسد، وتنتج عن ذلك أمراض ومضاعفات خطيرة إن لم يتم العلاج بشكل سريع".
ويلفت البراوي إلى أن العلاج بـ"قطع الخوفة" ليس أمراً جديداً "بل هو قديم جداً وربما يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وما يميّزه أنه يسهم سريعا في تحسين الحالة الجسدية والنفسية على حد سواء للمريض، من خلال قليل من التدليك الطبيعي المتخصص".
يدير البراوي مع والده عيادة متخصصة في هذا النوع من العلاج وسط مدينة غزة، ويقول إنها تشهد زيارة العشرات من الأهالي يومياً طلباً لـ "قطع الخوفة"، مشيراً إلى أن من يحضرون بينهم كبار وصغار: "عدد من الأطباء المعروفين في مستشفيات غزة يحضرون إلينا طلباً للعلاج لهم ولأبنائهم".
بعض الحالات يتولى حارث ووالده علاجها داخل العيادة، لكن العدد الأكبر يُعالجون في منازلهم، حيث يخضع المريض لعدة جلسات تنتهي عادة بنتيجة إيجابية، ويتعدى الأمر مجرد معالجة من يعانون من مشاكل خوف وأرق وغير ذلك، إلى حضور كثيرين ممن يعانون العقم.
ويوضح: "لعل الفئة الأكبر، التي كانت تحرص على زيارتنا قبل الحرب، هي فئة المتزوجين الذين يعانون من مشاكل في الإنجاب. وكثير منهم انتهت معاناته بفضل العلاج الطبيعي والتدليك. وبعد الحرب أصبح الكل يقبل علينا طلباً للعلاج من الخوف والتوتر".
ورغم الإقبال اللافت من الغزاويين على هذا النوع من العلاج، وثقة شريحة كبيرة من الأهالي به، إلا أن مدير قسم الاستقبال والطوارئ في مستشفى الشفاء في غزة، الدكتور أيمن السحباني، يصنّفه على أنه مجرد "طب شعبي" يفتقر إلى الأسس العلمية السليمة. غير أن السحباني يشدد، في حديثه مع "العربي الجديد"، على أن الطب الشعبي يحظى في المقابل بالتقدير لدى أطباء متخصصين، لكن مع ضرورة اللجوء إليه في حال فشل العلاج بمعرفة أطباء المستشفيات والعيادات الخاصة.