كشف عميد الشرطة الهولندية خيرارد بومان عن تحقيقات تجريها هولندا حول 82 تحذيراً من هجمات إرهابية محتملة قد تطاول المملكة الشمال أوروبية. وفي مقابلة مع صحيفة "تيلغراف" الهولندية، أعرب بومان عن قناعته بوقوع عمل إرهابي مستقبلاً في البلاد، والتي وصفها بأنها "واحة" في أوروبا، وذلك استناداً إلى خلوّ السجلات من أي "عمل إرهابي" داخل البلاد منذ سنوات طويلة.
ويأتي كلام العميد الذي تدخل استقالته حيّز التنفيذ مطلع فبراير/ شباط المقبل، في أعقاب إلقاء الشرطة الهولندية القبض على نحو عشرة أشخاص خلال الشهر الماضي، بتهمة الانتماء إلى تنظيم "داعش" والتجنيد والقتال في سورية. ومن بين المعتقلين، لاجئ سوري يبلغ من العمر 18 عاماً، وقد تقدّم بطلب لجوء في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وقد نُقل عنه خلال حوار مع طالبي لجوء في أحد المخيمات، أنه قاتل إلى جانب داعش في سورية قبل أن يفر ويقصد أوروبا طالباً اللجوء.
وفي محاولة لتجنّب الإيحاء بأن هذا الشخص يمثل قطاعاً واسعاً من طالبي اللجوء، أوضحت الشرطة في بيانات منفصلة انخفاض نسبة الجريمة أو التهديدات بالاعتداء بين صفوف طالبي اللجوء، مقدّرة وقوع بعض المشاحنات والمشاكل داخل مراكز الاستقبال نتيجة الاكتظاظ فيها. وقد أوضحت أنها "على تواصل دائم مع هؤلاء للعمل على عدم تضخّم المشاكل". ووعد العميد المستقيل بمحاسبة كل شرطي يثبت تعامله بشكل عنصري مع اللاجئين أو المهاجرين، معرباً عن تفهّمه لوجود بعض العناصر الذين يملكون رأياً غير مرحّب أو رافض لطالبي اللجوء أو وجودهم، لكنه يتوجّب عليهم أن يساعدوا الجميع في الشارع. أضاف بومان في الحديث الصحافي: "إذا كان الشرطي يريد أن يفرّق بين الناس بحسب دينهم أو عرقهم أو صفتهم كلاجئين، فليس له مكان بيننا في الشرطة".
وكانت الشرطة الهولندية قد وجّهت اتهامات تراوحت ما بين التجنيد في صفوف جماعات إرهابية في سورية، وتأمين موارد بشرية لتلك الجماعات. ومن بين المعتقلين، امرأة اتهمت بنشر تغريدات على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي "مع مضمون حول الإرهاب". ويتحدّر معظم هؤلاء من أصول مهاجرة من شمال أفريقيا وشرق المتوسط.
في هذا الإطار، أصدرت محكمة أمستردام حكماً بالسجن لمدة سبع سنوات بحقّ المرأة، في حين أصدرت حكماً بالسجن لمدة ست سنوات بحقّ شخصين آخرين بتهمة "الانضمام إلى جماعات إرهابية في سورية". والقرار الذي اشتمل على حبس آخرين بأحكام متفاوتة، أشار إلى أن لا أدلة حول نيّة المتهمين تنفيذ أي "اعتداء إرهابي" في هولندا. ووفقاً لإحصاءات وزارة الأمن والعدل الهولندية، فإن نحو 220 مواطناً هولندياً توجهوا إلى سورية للقتال إلى جانب "المجموعات الإرهابية"، قتل منهم 42 شخصاً فيما عاد 40 إلى البلاد.
الحذر في الحكم القضائي حول نوايا المُدانين أو العائدين من جبهات قتال، في تنفيذ هجمات من عدمه، تتابعه دوائر الأمن والشرطة بمنتهى الدقة. وقد أشار وزير الأمن والعدل الهولندي آرد فان دير شتوير في جلسة استجواب برلمانية دعت إليها أحزاب المعارضة خلال النصف الثاني من ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، إلى نية الحكومة تقييد حركة المشتبه في انضمامهم أو قتالهم إلى جانب جماعات مسلحة في سورية، ومنع هؤلاء من الاقتراب والدخول إلى أماكن محددة في البلاد، وإلى العزم على تزويدهم بقيود إلكترونية في أقدامهم لمراقبة تحركاتهم عن كثب.
ويشكك عدد كبير من المهاجرين والمتحدرين من أصول مهاجرة في جدوى إجراءات حكومة لاهاي، إذ هي متّبعة منذ أكثر من عقد ونصف العقد، ولم توقف التطرّف ولا انجراف بعض الشباب الذين يمثلون شريحة محدودة من الجالية العربية والمسلمة في هولندا.
في دراسة أصدرها معهد الدراسات الاجتماعية الهولندي أخيراً، رأى أكثر من نصف الشباب العرب والمسلمين بأنهم "لا يشعرون بأنفسهم هولنديين" ويشعرون بالإقصاء والتهميش. وأوضحت الدراسة المرتكزة على آراء عيّنة من الشباب بلغت 3300 مستطلع، أن هؤلاء ينظر إليهم كمهاجرين ومسلمين عوض أن ينظر إليهم كأفراد في المجتمع الهولندي. وهم لا يثقون في رجال الشرطة ولا في السياسيين ولا في وسائل الإعلام. وتطرقت الدراسة إلى بعض القضايا التي تستأثر باهتمام الجالية المغربية في هولندا، كقضايا تطرّف الشباب. وقد أكد شخص واحد من أصل سبعة أتراك، أنه يفهم أسباب تورط الشباب في أعمال العنف، في مقابل شخص واحد من أصل تسعة مغاربة.
اقرأ أيضاً: ويفترقون في دول اللجوء