توفي خلال يومين، في مدينة الفلوجة العراقية، 7 مدنيين بينهم أربعة أطفال، بسبب الجوع الشديد والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية نتيجة الحصار الخانق الذي تفرضه القوات العراقية على الطرق الرئيسية المؤدية إلى المدينة ومنع دخول الأغذية والأدوية.
ويعاني الأطفال الرضع وكبار السن والمصابون بالأمراض المزمنة من الموت البطيء داخل المدينة لشح الغذاء والدواء وحليب الأطفال بشكل خاص، فيما يكافح الأهالي للحصول على بعض الطعام بتناول الشعير ونبات "الدخن".
ولا تزال نحو 10 آلاف أسرة تعيش في المدينة، تشكل نحو 100 ألف نسمة بينهم 7 آلاف رضيع والمئات من كبار السن والمرضى والمصابين، بسبب القصف المستمر على المدينة جواً وبراً.
ويعتمد الأهالي في طعامهم حالياً على تناول "الشعير" ونبات "الدخن" المخصص لطيور الزينة، فضلاً عن بعض النباتات العشبية مثل "السلق" و"الخباز" و"الجنيبرة"، فيما لا تتوفر أي خضروات أو فواكه أو مواد غذائية بعد نفادها من المدينة بشكل شبه تام.
وكشف سياسيون عن حجم المعاناة التي يمر بها أهالي الفلوجة، وقالت النائب في البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار، لقاء وردي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن نحو 10 آلاف عائلة في الفلوجة لا تستطيع الخروج من المدينة بسبب منعهم من قبل تنظيم "داعش" من الخروج، وعدم توفير الحكومة العراقية ممرات آمنة لهم".
وذكر أهالي الفلوجة لـ"العربي الجديد"، أنهم يسدون رمقهم بطحن نبات "الدخن" المخصص لطيور الزينة بعد نفاد الدقيق بشكل نهائي من المدينة، لكن المشكلة تكمن في الأطفال الرضع كما يقول حازم عبد (41 عاماً)، موضحاً "نحن نقتات على ما توفر من الأعشاب والنباتات البسيطة، ونطحن ما توفر من الشعير أو الدخن لعمل الخبز، لكن المصيبة تكمن في الرضع لانعدام حليب الأطفال في المدينة، ما يجعلهم يموتون ببطء".
وبيّن حازم "منذ نحو شهرين لم يدخل الفلوجة أي غذاء على الإطلاق، واستنفد السوق والأهالي كل ما لديهم من مخزون الطعام، وأصبحت المجاعة تفتك بنا جميعاً، فضلاً عن القصف المستمر وعدم توفر الدواء، ما أسفر عن تفشي الأوبئة والأمراض، وخاصةً بين الأطفال".
وقال رئيس منظمة الخير الإنسانية، على الحيالي، لـ"العربي الجديد"، إن "الموت بدأ يحصد الأطفال الرضع والمصابين بالأمراض المزمنة، وتوفي خلال الـ48 ساعة الماضية 7 مدنيين داخل الفلوجة بينهم أربعة أطفال رضع".
ولفت إلى أن "أربعة من متوسطي الأعمار مصابين بأمراض مزمنة، توفوا لعدم توفر العلاج اللازم لإنقاذهم، فيما توفي أربعة رضع بسبب الجوع لانعدام حليب الأطفال وعدم قدرة أمهاتهم على إرضاعهم بسبب الجوع الشديد الذي سبب الهزال للكثيرين".
وطالب ناشطون الأمم المتحدة بإرسال لجنة تقصي حقائق لكشف حقيقة ما يتعرض له أهالي الفلوجة وخاصة الأطفال، وقال الناشط عمر الجاسم إن "100 ألف مواطن بينهم 7 آلاف رضيع مهددون بالموت البطيء، وبدأ الموت جوعا ومرضاً يحصدهم، عدا من يموتون بسبب القصف اليومي المستمر منذ عامين على المدينة دون توقف".
وتابع الجاسم "أصبح الحصول على بعض "الشعير" أو "الدخن" أو نباتات "الخباز" و"السلق" وغيرها، يمثل فرصة ذهبية للأهالي الذي يقفون في طابور طويل منذ ساعات الليل الأولى حتى الصباح أمام فرن الخبز للحصول على ثلاثة أرغفة صغيرة من خبز الشعير أو الدخن" التي لا تكاد الأسنان تلوكها".
وكشفت مصادر طبية من داخل الفلوجة لـ"العربي الجديد"، أن مرضى الضغط والسكر يتوفون لعدم توفر الأدوية، وأن "الأطفال الرضع هم أكثر المتضررين من الأهالي، فلا تملك أمهاتهم القدرة على إرضاعهم بسبب الجوع والهزال، ولا يتوفر حليب الأطفال فانتهى الأمر بوفاة أربعة رضع خلال الـ48 ساعة الماضية".
وبلغت حصيلة القتلى والجرحى المدنيين في الفلوجة نحو 10 آلاف قتيل وجريح منذ بدء العمليات العسكرية قبل عامين، أغلبهم نساء وأطفال بحسب إحصاء مستشفى الفلوجة العام.
اقرأ أيضا:المجاعة تهدّد 10 آلاف عائلة محاصرة في الفلوجة