أمضى الموظف التونسي أحمد بونوارة تسع سنوات وهو ينتظر تنفيذ حكم صادر عن المحكمة الإدارية يقضي بإعادته إلى عمله في مصرف الاتحاد الدولي للبنوك، الذي أوقف عنه عام 2006. ومع ذلك، لم ينفذ الحكم حتى اليوم.
وتعود قضية بونوارة إلى يناير/ كانون الثاني 2006. يومها حضر أحد المواطنين إلى المصرف، وطلب كشف حساب لبرنامجه الادخاري، ليتبيّن للموظف عدم تطابق المبلغ المدون في دفتر المواطن مع المبلغ المسجل في المصرف، إذ يوجد نقص قدره 8500 دينار (4 آلاف دولار أميركي).
ومع ذلك، لم يكن هناك أيّ دليل على عملية سحب من برنامج الإدخار الخاص بالمواطن. ليتضح بعد تحري الموظف، أنّ المبلغ سُحب بتاريخ 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2005، بحسب ما هو مثبت في كشف الحساب.
فتح المصرف تحقيقاً داخلياً لمعرفة الموظف الذي تولّى عملية السحب، فتبيّن أنّها جرت بالرمز السري التابع لموظف المصرف في فرع مدينة مساكن، أحمد بونوارة. ليطرد في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول 2006 بذريعة الخطأ المهني الفادح.
بونوارة، يقول لـ"العربي الجديد": "العملية جرت بالفعل بواسطة رمزي السري، وأُخذ المبلغ من الخزينة التي أتولّى مسؤوليتها، لكنّها عملية مشبوهة أنكر أن تكون صادرة عني".
من جهته، اطلع الخبير في الحسابات لدى المحاكم، رضا زغوان، على ملف القضية والوثائق المتوافرة، فاستنتج أنّه لم تتم إدانة المتهم إدانة صريحة، خصوصاً أنّ وثيقة السحب غير موجودة، كما أنّ الرمز السري الخاص به معلوم لدى بعض زملائه، وقد جرى استعماله من طرف غيره في مناسبات أخرى. وهذا الأمر، وفق خبير الحسابات، ينفي التهمة الموجهة حصرياً للمظنون فيه.
وبالفعل، فقد أنصفت المحكمة الإدارية الموظف بعد ثبوت براءته وعدم ضلوعه في أي سرقة وفق الوثائق. ومع ذلك، لم يلتزم المصرف بقرار المحكمة، ولم تتم إعادة بونوارة إلى وظيفته.
حالة بونوارة عيّنة واحدة عن معضلة تنفيذ أحكام القضاء الإداري في تونس، وتجاهل الإدارات لهذا النوع من الأحكام. وهو ما يطرح إشكالية حول جدوى هذا النوع من القضاء إذا لم تنفذ أحكامه.
وخلافاً لسائر الأجهزة والهياكل القضائية التي تكون مرجعيتها وزارة العدل، فإنّ المحكمة الإدارية التي تنظر في جميع النزاعات الإدارية ترجع إلى رئاسة الوزراء مباشرة.
وتبتّ تلك المحاكم في النزاعات بين الموظف وجميع المؤسسات الحكومية، ومنها تلك التي تتعلق بالطرد من الوظيفة والإيقاف عن العمل أو الامتناع عن إسداء خدمة للمواطن. وغالباً ما تكون أحكام القضاء الإداري لصالح المواطن مهما كان طرف النزاع. وكثيراً ما أصدرت المحكمة الإدارية أحكاماً ضد الوزارات.
لكن رغم ذلك، يصطدم عدد كبير من أحكام المحكمة الإدارية بتعنّت الإدارات وامتناعها عن تنفيذ ما جاءت به الأحكام. ويفقد بذلك مَن صدر لصالحه الحكم كرامته ومورد رزقه بالرغم من فوزه بالقضية.
ومن القضايا المعروفة بهذا الشأن، عزل وزارة الداخلية عدداً من الضباط وإحالة بعضهم إلى التقاعد. ومن بين هؤلاء العقيد لطفي القلمامي، الذي ورد اسمه في القائمة "لطفي القلماوي"، كما وردت صفته الوظيفية خاطئة أيضاً كمدير عام. وقد أضيفت له 8 سنوات كاملة لتبرير إحالته على التقاعد.
جاء عزل القلمامي عام 2011 نتيجة تشابه في الأسماء مع أحد الضباط الآخرين. وبالرغم من أنّ المحكمة الإدارية أصدرت قرارا بإعادته إلى العمل، إلاّ أنّ وزارة الداخلية لم تمتثل للقرار حتى اليوم، بالرغم من الضرر المادي والمعنوي الذي لحقه نتيجة المظلمة التي تعرض إليها.
من جهته، يقول رئيس مركز الإرشاد ودعم ضحايا الفساد، إبراهيم الميساوي، إنّ هنالك صعوبات في تطبيق أحكام المحكمة الإدارية من قبل الوزارات، خصوصاً وزارتي الداخلية والدفاع. كما يؤكد تعنت الوزارات حين تصدر الأحكام لصالح المظلومين ممّن حرموا من ترقية، أو ممّن يطالبون بشهادة أو يطردون ظلماً. ويضيف أنّ المركز تلقى أكثر من 54 بالمئة من الشكاوى ضد الوزارات السيادية، ولم تنفذ 80 في المئة من الأحكام.
ويشير الميساوي إلى أنّ المتظلمين كانوا قبل الثورة يخافون من تقديم الشكاوى ضد الوزارات السيادية، لكنّهم بعدها تجاوزوا هذا الخوف، صدرت بالفعل أحكام كثيرة لصالحهم، لكنّها تبقى من دون تنفيذ.
وتعود قضية بونوارة إلى يناير/ كانون الثاني 2006. يومها حضر أحد المواطنين إلى المصرف، وطلب كشف حساب لبرنامجه الادخاري، ليتبيّن للموظف عدم تطابق المبلغ المدون في دفتر المواطن مع المبلغ المسجل في المصرف، إذ يوجد نقص قدره 8500 دينار (4 آلاف دولار أميركي).
ومع ذلك، لم يكن هناك أيّ دليل على عملية سحب من برنامج الإدخار الخاص بالمواطن. ليتضح بعد تحري الموظف، أنّ المبلغ سُحب بتاريخ 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2005، بحسب ما هو مثبت في كشف الحساب.
فتح المصرف تحقيقاً داخلياً لمعرفة الموظف الذي تولّى عملية السحب، فتبيّن أنّها جرت بالرمز السري التابع لموظف المصرف في فرع مدينة مساكن، أحمد بونوارة. ليطرد في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول 2006 بذريعة الخطأ المهني الفادح.
بونوارة، يقول لـ"العربي الجديد": "العملية جرت بالفعل بواسطة رمزي السري، وأُخذ المبلغ من الخزينة التي أتولّى مسؤوليتها، لكنّها عملية مشبوهة أنكر أن تكون صادرة عني".
من جهته، اطلع الخبير في الحسابات لدى المحاكم، رضا زغوان، على ملف القضية والوثائق المتوافرة، فاستنتج أنّه لم تتم إدانة المتهم إدانة صريحة، خصوصاً أنّ وثيقة السحب غير موجودة، كما أنّ الرمز السري الخاص به معلوم لدى بعض زملائه، وقد جرى استعماله من طرف غيره في مناسبات أخرى. وهذا الأمر، وفق خبير الحسابات، ينفي التهمة الموجهة حصرياً للمظنون فيه.
وبالفعل، فقد أنصفت المحكمة الإدارية الموظف بعد ثبوت براءته وعدم ضلوعه في أي سرقة وفق الوثائق. ومع ذلك، لم يلتزم المصرف بقرار المحكمة، ولم تتم إعادة بونوارة إلى وظيفته.
حالة بونوارة عيّنة واحدة عن معضلة تنفيذ أحكام القضاء الإداري في تونس، وتجاهل الإدارات لهذا النوع من الأحكام. وهو ما يطرح إشكالية حول جدوى هذا النوع من القضاء إذا لم تنفذ أحكامه.
وخلافاً لسائر الأجهزة والهياكل القضائية التي تكون مرجعيتها وزارة العدل، فإنّ المحكمة الإدارية التي تنظر في جميع النزاعات الإدارية ترجع إلى رئاسة الوزراء مباشرة.
وتبتّ تلك المحاكم في النزاعات بين الموظف وجميع المؤسسات الحكومية، ومنها تلك التي تتعلق بالطرد من الوظيفة والإيقاف عن العمل أو الامتناع عن إسداء خدمة للمواطن. وغالباً ما تكون أحكام القضاء الإداري لصالح المواطن مهما كان طرف النزاع. وكثيراً ما أصدرت المحكمة الإدارية أحكاماً ضد الوزارات.
لكن رغم ذلك، يصطدم عدد كبير من أحكام المحكمة الإدارية بتعنّت الإدارات وامتناعها عن تنفيذ ما جاءت به الأحكام. ويفقد بذلك مَن صدر لصالحه الحكم كرامته ومورد رزقه بالرغم من فوزه بالقضية.
ومن القضايا المعروفة بهذا الشأن، عزل وزارة الداخلية عدداً من الضباط وإحالة بعضهم إلى التقاعد. ومن بين هؤلاء العقيد لطفي القلمامي، الذي ورد اسمه في القائمة "لطفي القلماوي"، كما وردت صفته الوظيفية خاطئة أيضاً كمدير عام. وقد أضيفت له 8 سنوات كاملة لتبرير إحالته على التقاعد.
جاء عزل القلمامي عام 2011 نتيجة تشابه في الأسماء مع أحد الضباط الآخرين. وبالرغم من أنّ المحكمة الإدارية أصدرت قرارا بإعادته إلى العمل، إلاّ أنّ وزارة الداخلية لم تمتثل للقرار حتى اليوم، بالرغم من الضرر المادي والمعنوي الذي لحقه نتيجة المظلمة التي تعرض إليها.
من جهته، يقول رئيس مركز الإرشاد ودعم ضحايا الفساد، إبراهيم الميساوي، إنّ هنالك صعوبات في تطبيق أحكام المحكمة الإدارية من قبل الوزارات، خصوصاً وزارتي الداخلية والدفاع. كما يؤكد تعنت الوزارات حين تصدر الأحكام لصالح المظلومين ممّن حرموا من ترقية، أو ممّن يطالبون بشهادة أو يطردون ظلماً. ويضيف أنّ المركز تلقى أكثر من 54 بالمئة من الشكاوى ضد الوزارات السيادية، ولم تنفذ 80 في المئة من الأحكام.
ويشير الميساوي إلى أنّ المتظلمين كانوا قبل الثورة يخافون من تقديم الشكاوى ضد الوزارات السيادية، لكنّهم بعدها تجاوزوا هذا الخوف، صدرت بالفعل أحكام كثيرة لصالحهم، لكنّها تبقى من دون تنفيذ.