في مدينة بيت لحم، جنوب الضفة الغربية المحتلة، عائلات فلسطينية فقيرة تنتظر بفارغ الصبر نضوج تلك الوجبات الصغيرة في تكية "ستنا مريم". هي الوجبات التي تسدّ جوعهم مرتين أسبوعياً، بعدما ضاقت بهم سبل الحياة.
في شارع الصف وسط المدينة، مبنى صغير لا يعرفه سوى أفقر الفقراء، فيه بهو يتسع للعشرات. ينتظر هناك أطفال ورجال ونساء من مختلف الأعمار. وجوههم تخفي الكثير من القصص الحزينة.
أنشئت تكية "ستنا مريم" في أواخر عام 2014، بإيعاز من محافظ بيت لحم جبريل البكري الذي أمر بتشكيل لجنة لمتابعة الفقراء في المدينة التي تعرضت لحصار كبير من جدار الاحتلال، ومصادرة أراضي الفلاحين وبناء المستوطنات عليها.
يقول المسؤول عنها معتز مزهر لـ"العربي الجديد": "حملت التكية اسم سيدتنا مريم كرمزية دينية تجمع المسلم والمسيحي في المدينة، ولتعزيز التعايش بين الديانتين، بالإضافة إلى تشجيع المؤسسات المسيحية والمسلمة على دعم الفقراء في المدينة بغض النظر عن الديانة التي يحملونها".
وبحسب مزهر، فإنّ البداية كانت بسيطة جداً، فقد تمكنت التكية من مساعدة عدد قليل من العائلات الفقيرة. وفي بداية شهر رمضان الأخير أصبح العمل يومياً فيها ومن دون انقطاع. فبات الكثير من العائلات الفقيرة وغيرهم يعتمد عليها.
تقدم التكية خدماتها كلّ اثنين وخميس للعائلات الفقيرة، ودور رعاية الايتام، وبيوت الفتيات، والنساء الأرامل والمطلقات، وضيوف المستشفيات، والحالات الاجتماعية والإنسانية الصعبة، بالإضافة إلى الأطفال المرضى بالسرطان والسكري وذوي الإعاقة.
يشير مزهر إلى أنّ التكية والمتطوعين العاملين فيها يتابعون بعض الحالات التي تعيش ظروفاً صعبة، ويؤمنون لها طروداً غذائية. كذلك يتابعون بعض الحالات الطارئة كحال المنكوبين في الأحوال الجوية القاسية.
من جهتها، تأتي أم سلطان في يومي عمل التكية. هناك تحصل على وجبات تسد فيها جوع أطفالها الذين ينتظرونها في المنزل. هي تعاني ظروفاً معيشية صعبة تقول إنّها دفعتها بمرارة للحصول على الطعام من المكان: "زوجي تعرض لجلطة. لا يستطيع العمل. وضعنا سيئ جداً. أحمد الله أنّ الأكل الذي يعطى لنا هنا يخفف علينا مصروفاً يومياً كبيراً". تقول أم سلطان لـ"العربي الجديد" إنّها تستفيد مع أفراد عائلتها الستة من وجبات الطعام التي تقدم لهم في التكية.
تخفف هذه الوجبات معاناة العائلة، فأيّ مال يمكنها توفيره تستغله في دفع رسوم تعليم الأطفال. تقول أم سلطان: "في شهر رمضان الماضي حصلت العائلة على طعامها اليومي من التكية، بالإضافة إلى الفواكه.. أما اليوم، فأقسم بالله أنّ وجبتي الاثنين والخميس هما الوحيدتان اللتان تدخلان إلى بيتنا". تعلن عن رغبتها الشديدة بالحصول على عمل يؤمّن قوت أطفالها ويمنع عنها المجيء إلى التكية".
بدورها، تقول أم دانيال بصوت حزين: "لولا أننا بحاجة إلى هذا الأكل، لا نأتي. لكنّها نعمة من الرب لنا، كي نطعم أطفالنا". الحياة الصعبة، وبطالة زوجها، تدفعانها مع أطفالها الثلاثة إلى زيارة المكان "كما أنّ تكية ستنا مريم لا تفرّق بين مسلم ومسيحي وهو ما يشجعني مع غيري من العائلات المسيحية على المجيء". تتابع: "نشكر الله.. الوجبة التي تقدم لنا تشبع أطفالنا. هنا يجدون لقمة يأكلونها خصوصاً أنّ في الوجبات لحماً ودجاجاً وغير ذلك مما يستحيل علينا تأمينه في بيوتنا".
أم محمد تعيش حياة قاسية أيضاً. تركها زوجها عام 1999. أجبرها المرض على ترك العمل الذي كانت تؤمّن به قوت من بقي من أبنائها الخمسة عشر في البيت. زوّجت البعض، فيما يعتقل الاحتلال أحدهم، ويبقى آخرون في البيت ما بين مصاب برصاص الاحتلال أو صغير على سوق العمل. تأتي إلى التكية من أجل الحصول على طعام لهم.
أمّا أبو عماد فيوفّر بحصوله على الوجبات من التكية المال من أجل حاجيات حياتية أخرى لبناته الثماني. كان معتقلاً لدى الاحتلال طوال ثلاث سنوات، ولم يتمكن بعد الإفراج عنه من الحصول على عمل ثابت.
وبينما تستفيد أم مجدي من وجبات التكية، فإنّها أيضاً تتطوع في المطبخ. تقول لـ"العربي الجديد" إنّها تشعر خلال عملها براحة نفسية كبيرة "خصوصاً مع ما لذلك من أجر لدى الله".
كذلك، يتطوع عدد من طلاب "جامعة القدس المفتوحة" في التكية بحسب أحدهم محمد الكامل. يقول إنّه يحضر إلى المكان "لإبراز دور الشباب في خدمة المجتمع". وهو ما يؤكد عليه زميله جهاد حمامرة الذي يعتبر "الخدمة هنا واجباً وطنياً وإنسانياً".
اقرأ أيضاً: تكايا فلسطين.. إرث يزدهر في رمضان
في شارع الصف وسط المدينة، مبنى صغير لا يعرفه سوى أفقر الفقراء، فيه بهو يتسع للعشرات. ينتظر هناك أطفال ورجال ونساء من مختلف الأعمار. وجوههم تخفي الكثير من القصص الحزينة.
أنشئت تكية "ستنا مريم" في أواخر عام 2014، بإيعاز من محافظ بيت لحم جبريل البكري الذي أمر بتشكيل لجنة لمتابعة الفقراء في المدينة التي تعرضت لحصار كبير من جدار الاحتلال، ومصادرة أراضي الفلاحين وبناء المستوطنات عليها.
يقول المسؤول عنها معتز مزهر لـ"العربي الجديد": "حملت التكية اسم سيدتنا مريم كرمزية دينية تجمع المسلم والمسيحي في المدينة، ولتعزيز التعايش بين الديانتين، بالإضافة إلى تشجيع المؤسسات المسيحية والمسلمة على دعم الفقراء في المدينة بغض النظر عن الديانة التي يحملونها".
وبحسب مزهر، فإنّ البداية كانت بسيطة جداً، فقد تمكنت التكية من مساعدة عدد قليل من العائلات الفقيرة. وفي بداية شهر رمضان الأخير أصبح العمل يومياً فيها ومن دون انقطاع. فبات الكثير من العائلات الفقيرة وغيرهم يعتمد عليها.
تقدم التكية خدماتها كلّ اثنين وخميس للعائلات الفقيرة، ودور رعاية الايتام، وبيوت الفتيات، والنساء الأرامل والمطلقات، وضيوف المستشفيات، والحالات الاجتماعية والإنسانية الصعبة، بالإضافة إلى الأطفال المرضى بالسرطان والسكري وذوي الإعاقة.
يشير مزهر إلى أنّ التكية والمتطوعين العاملين فيها يتابعون بعض الحالات التي تعيش ظروفاً صعبة، ويؤمنون لها طروداً غذائية. كذلك يتابعون بعض الحالات الطارئة كحال المنكوبين في الأحوال الجوية القاسية.
من جهتها، تأتي أم سلطان في يومي عمل التكية. هناك تحصل على وجبات تسد فيها جوع أطفالها الذين ينتظرونها في المنزل. هي تعاني ظروفاً معيشية صعبة تقول إنّها دفعتها بمرارة للحصول على الطعام من المكان: "زوجي تعرض لجلطة. لا يستطيع العمل. وضعنا سيئ جداً. أحمد الله أنّ الأكل الذي يعطى لنا هنا يخفف علينا مصروفاً يومياً كبيراً". تقول أم سلطان لـ"العربي الجديد" إنّها تستفيد مع أفراد عائلتها الستة من وجبات الطعام التي تقدم لهم في التكية.
تخفف هذه الوجبات معاناة العائلة، فأيّ مال يمكنها توفيره تستغله في دفع رسوم تعليم الأطفال. تقول أم سلطان: "في شهر رمضان الماضي حصلت العائلة على طعامها اليومي من التكية، بالإضافة إلى الفواكه.. أما اليوم، فأقسم بالله أنّ وجبتي الاثنين والخميس هما الوحيدتان اللتان تدخلان إلى بيتنا". تعلن عن رغبتها الشديدة بالحصول على عمل يؤمّن قوت أطفالها ويمنع عنها المجيء إلى التكية".
بدورها، تقول أم دانيال بصوت حزين: "لولا أننا بحاجة إلى هذا الأكل، لا نأتي. لكنّها نعمة من الرب لنا، كي نطعم أطفالنا". الحياة الصعبة، وبطالة زوجها، تدفعانها مع أطفالها الثلاثة إلى زيارة المكان "كما أنّ تكية ستنا مريم لا تفرّق بين مسلم ومسيحي وهو ما يشجعني مع غيري من العائلات المسيحية على المجيء". تتابع: "نشكر الله.. الوجبة التي تقدم لنا تشبع أطفالنا. هنا يجدون لقمة يأكلونها خصوصاً أنّ في الوجبات لحماً ودجاجاً وغير ذلك مما يستحيل علينا تأمينه في بيوتنا".
أم محمد تعيش حياة قاسية أيضاً. تركها زوجها عام 1999. أجبرها المرض على ترك العمل الذي كانت تؤمّن به قوت من بقي من أبنائها الخمسة عشر في البيت. زوّجت البعض، فيما يعتقل الاحتلال أحدهم، ويبقى آخرون في البيت ما بين مصاب برصاص الاحتلال أو صغير على سوق العمل. تأتي إلى التكية من أجل الحصول على طعام لهم.
أمّا أبو عماد فيوفّر بحصوله على الوجبات من التكية المال من أجل حاجيات حياتية أخرى لبناته الثماني. كان معتقلاً لدى الاحتلال طوال ثلاث سنوات، ولم يتمكن بعد الإفراج عنه من الحصول على عمل ثابت.
وبينما تستفيد أم مجدي من وجبات التكية، فإنّها أيضاً تتطوع في المطبخ. تقول لـ"العربي الجديد" إنّها تشعر خلال عملها براحة نفسية كبيرة "خصوصاً مع ما لذلك من أجر لدى الله".
كذلك، يتطوع عدد من طلاب "جامعة القدس المفتوحة" في التكية بحسب أحدهم محمد الكامل. يقول إنّه يحضر إلى المكان "لإبراز دور الشباب في خدمة المجتمع". وهو ما يؤكد عليه زميله جهاد حمامرة الذي يعتبر "الخدمة هنا واجباً وطنياً وإنسانياً".
اقرأ أيضاً: تكايا فلسطين.. إرث يزدهر في رمضان