انتعش عمل الوكالات السياحية الجزائرية هذه الأيام، وبخاصة تلك التي تقود أفواجا نحو تونس عبر الحدود البرية لقضاء نهاية السنة والاحتفال بقدوم السنة الجديدة، لكن الجزائريين بالرغم من سياسة التقشف المالي التي تفرضها الحكومة للعام الثاني، وجدوا ضالتهم هذه المرة عبر وجهات متعددة يسهل الذهاب إليها سواء من ناحية التأشيرة مثل تركيا أو دون تأشيرة مثل المغرب وتونس، الأوفر حظا من سفريات السياح الجزائريين.
وقبل أيام دخل ما يربو عن 200 ألف جزائري إلى تونس، وبالضبط نحو المدن والمناطق السياحية التي تنتعش فيها الحركة السياحية من قبل الجزائريين، خاصة لتزامن أعياد رأس السنة مع العطلة الشتوية للمدارس والجامعات.
وقدّمت وكالات السفر الجزائرية أسعارا تنافسية بالنسبة للسياح الجزائريين باتجاه تونس، إذ عرضت رحلة بأربع ليال خلال عيد رأس السنة مقابل أقل من 150 يورو.
ويقول صاحب وكالة "زهرة" من الجزائر لـ" العربي الجديد "، إنه نقل أكثر من 220 سائحا خلال أسبوع فقط قبل انقضاء السنة الحالية عبر حافلات نحو تونس ومنها إلى مدينتي "الحمامات" و"سوسة " الوجهتين المفضلتين لدى الجزائريين.
في مقابل ذلك، تضع الوكالة عروضا مغرية للجزائريين باتجاه دبي وتركيا خاصة، إذ يبلغ سعر التذكرة وقضاء خمسة أيام في تركيا ما يعادل 500 يورو لقضاء الاحتفال بالسنة الميلادية.
ويأتي إقدام بعض الجزائريين على السفر لقضاء رأس السنة في الخارج برغم ظروف التقشف وغلاء الأسعار التي تعرفها الجزائر جراء الأزمة المالية الخانقة في البلاد.
ويعتبر البعض أن الاحتفالات هي فرصة للفرح، وتقول زهرة (42 عاما) لـ" العربي الجديد":" نشتري الحلويات ونضع برنامج طهي لعشاء فاخر، فرأس السنة الميلادية ينبئ بقدوم عام جديد، تنتظر أن يكون عام خير وسلام واستقرار".
ويعتقد محمد بن رحمة المتوجه إلى إسطنبول لقضاء العطلة، أن قدرة البعض على دفع هذه المصاريف لا تعني أن الجزائريين يعيشون بحبوحة ويفكرون في الاحتفالات خارج البلد.
وفي الجزائر تستقطب الصحراء الجزائرية، خاصة مناطق تميمون وتاغيت الكثير من السياح الذين يفضلون قضاء رأس السنة على رمال الصحراء الجميلة، بمن فيهم سياح أجانب خاصة من فرنسا، فيما تقيم الفنادق الفخمة سهرات وحفلات احتفالا برأس السنة وتستعين بالفنانين الشباب لإحيائها.
وبينما ينظر الكثيرون إلى احتفالات رأس السنة الميلادية خارج الجزائر باعتبارها "مجرد فرحة عابرة"، تنتهي بانتهاء السنة، يعتقد الكثيرون أن "اللحظة وحدها كفيلة بأن يحتفل بها لتبقى ذكرى جميلة، بل لا يبالون بالتكاليف وأسعار التذاكر مادامت في النهاية تنعشهم لاستقبال العام الجديد بفرح وبسعادة، وكسر الصور القاتمة لسنة 2017، وهو ما يدفع الكثيرين إلى السعي بكل الطرق وأبسطها لعيش لحظات جميلة والاستمتاع بقدوم سنة جديدة تختلف عن تلك التي انقضت.
وتقول نسرين التي تعمل مدرسة في الصف الثانوي لـ "العربي الجديد"، إنّ "الكثير من الأحداث التي مرت على الجزائريين صعبة، خصوصا مع الأخبار الصادمة لما أحدثته لعب "الحوت الأزرق" على العائلات، فضلا عن الاختطافات للأطفال في عمر الزهور والجرائم وغيرها من الصور الصادمة الآتية عبر الفضائيات من مختلف الدول العربية المسلمة، وغيرها من العمليات الإرهابية هنا وهناك، وهو ما يفرض على الأقل البحث عن لحظة فرح ومشاركة الإنسانية في هذا الاحتفال العالمي.
وتتوجه بعض العائلات الجزائرية إلى الأسواق لشراء الحلويات واللعب لإقامة احتفال بسيط في البيت، فيما تدمن عائلات أخرى على شراء حلوى " لابيش "، وإقامة عشاء رأس السنة في المخيال الاجتماعي الجزائري هو استقبال عام جديد بـ" شيء حلو " على أمل أن يكون العام أجمل وأفضل من الذي سبقه، لكن قطاعا واسعا من الجزائريين لا يولون اهتماما كبيرا لاحتفالات رأس السنة الميلادية وينتظرون 12 يناير للاحتفال برأس السنة الأمازيغية حيث تقام سهرات عائلية بوجبة عشاء من الأكلات التقليدية.