أثار تقرير أممي عن الفقر وحقوق الإنسان في موريتانيا جدلاً واسعاً بعد أن انتقد تهميش الأرقاء السابقين، وحذر من عدم الاستقرار بسبب توزيع الثروات، واعتبر عدد من المسؤولين والمنظمات الحقوقية والجمعيات المدنية أن التقرير يحرض على الفتنة.
وأدانت الكونفدرالية الموريتانية الحرة للعمال ما أسمته الانحياز الواضح للمقرر الأممي الخاص بالفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب آليستون في تقريره عن موريتانيا. ورأت أن التقرير يتسم بالمغالطات وتحريف الوقائع ويعتبر تحريضاً على الفتنة، لافتة إلى أن تصريحات المقرر "تجاهلت عن سوء نية الجهود التي بذلتها الحكومة في مجال محاربة الفقر، وتحسين الظروف المعيشية للسكان، وتوفير الخدمات الأساسية في الأرياف والمدن دون تمييز وكذا جهودها في مجال ترسيخ حقوق الإنسان".
كما أدان اتحاد الوسط للعمال الموريتانيين تقرير المسؤول الأممي عن موريتانيا، معتبراً أن تصريحات المقرر التي لا تستند للموضوعية تجاهلت جهود الحكومة في مجال ترسيخ حقوق الإنسان وتنفيذ خارطة الطريق لمكافحة مخلفات الاسترقاق، والتي كانت محل إشادة من طرف مجلس الأمم المتحدة للحقوق في جنيف، وإشادة الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون أثناء زيارته إلى موريتانيا.
كما أعلن الاتحاد الموريتاني للشغل عن رفضه للتقرير الأممي الخاص بحقوق الإنسان والفقر المدقع، ورأى أنه خالٍ من الحقائق ومليء بالمتناقضات، وعديم الموضوعية والواقعية.
وأشار الاتحاد إلى أن المقرر أجّج نار الفتنة بين المكونات الاجتماعية في البلاد بدل أن يتحدث عن النواقص وأن يعزز الاستقرار، ذاكراً إشادة الأمين العام للأمم المتحدة وغيره من المسؤولين الأمميين بالأوضاع في موريتانيا عبر تقاريرهم المنصفة والعادلة.
وكان المقرر الأممي الخاص بالفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب آليستون أكد في تقريره عقب زيارته إلى موريتانيا والتي دامت عشرة أيام، إن استقرار موريتانيا يمكن أن يُقوّض إذا لم يتم توزيع منافع النمو على نحو يتسم بعدالة أكثر.
وقال المسؤول في تقريره "يوجد غياب منهجي للحراطين (العبيد السابقين) والموريتانيين الأفارقة من جميع مناصب القوة الحقيقية تقريباً، وإقصاء مستمر في جوانب عدة من الحياة الاقتصادية والاجتماعية". وأشار إلى "أن هاتين المجموعتين تشكلان ثلثي السكان، لكن تعمل مختلف السياسات على حجب حاجاتهم وحقوقهم".
ودعا الحكومة إلى بذل جهود أكثر للإيفاء بوعدها المتمثل في معالجة آثار العبودية. وحذّر من أن نسبة 44 في المائة من سكان الريف لا تزال تعيش في فقر مدقع في مناطق مثل غورغول، ولبراكنه، واترارزة.
وذكر التقرير أنه بدل ارتكاز السياسات الوطنية لموريتانيا على الحقوق، فإنها تركز أكثر على منطق الأعمال الخيرية تقدمها لمواطنيها. وتابع أن الالتزام بالخير يمثل ركناً في العقيدة الإسلامية، وهو لا يعكس الالتزامات الرسمية للحكومة تجاه السكان بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقدم البيان صورة عن الأوضاع في بعض المدن والقرى التي زارها، مشيراً إلى أن وزير الاقتصاد والمالية المختار ولد أجاي "قدم رؤية إنسانية مثيرة للإعجاب بموريتانيا"، معلقاً بأنه "لا تزال هناك فجوة هائلة بين هذه الرؤية والحقائق على أرض الواقع".