قلق، تعب، إرهاق، ضغط جسدي، ضغط نفسي... تزداد ساعات العمل، فيسوء وضع الموظف صحياً. وقد أكد أطباء من ذوي الاختصاص لـ "العربي الجديد" أن أمراض المكاتب إلى ارتفاع، إذ بيّنت دراسات علمية أن عدد الإجازات المرضية التي يطلبها الموظفون على خلفية آلام في الظهر والعنق والعضلات في العالم، يصل إلى 131 مليون يوم سنوياً.
وعادة ما يعاني الموظف الذي يعمل ساعات طويلة أمام شاشات الكمبيوتر، من تلك الآلام ومن عدم وضوح في الرؤية ومن الصداع. لكن يمكنه من خلال اتباع بعض الإرشادات البسيطة والجلوس وراء مكتب مريح، تجنّب عديد من هذه الأعراض المؤلمة.
تحرّك قبل العمل
يشير الطبيب المتخصص في أمراض القلب، الدكتور سلام معماري، إلى أن "لا إحصاءات متوفرة تظهر مدى تزايد الأمراض الناتجة عن العمل في المكاتب. وجلّ ما نعرفه هو أنها تزيد من أمراض القلب وترفع نسب الكوليسترول في الدم، بالإضافة إلى تسببها بالسمنة نظراً لقلة الحركة والجلوس فترات طويلة". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "لا بدّ هنا من تنبيه العاملين وراء المكاتب إلى ضرورة ممارسة الرياضة لثلاثين دقيقة ثلاث مرات في الأسبوع، وإلى ضرورة تخفيض الوزن لحماية الجسم من مختلف الأمراض".
ويقول معماري مستنداً إلى دراسة يابانية إن "أكثر ما يصاب به الموظفون هو التشنج أو ضغط العمل. وقد نصح اليابانيون من أهل الاختصاص الموظفين الذين يعانون منه، بممارسة الرياضة قبل أو بعد العمل يومياً بهدف تخفيف ذلك التشنج". ويلفت من جهة أخرى إلى أن "المكاتب المفتوحة تسبب الأمراض للموظفين، نتيجة سهولة انتشار الجراثيم".
بدانة فضغط إضافي
من جهته، يوضح الاختصاصي في الطب الغذائي والصحة العامة، الدكتور أنطوان صليبا، أن "أمراض المكاتب تكثر نتيجة ارتفاع السمنة بين الموظفين والإكثار من الوجبات السريعة، خصوصاً أن خيارات هذا النوع من الأطعمة تتعدد اليوم". ويقول لـ "العربي الجديد" إن "كثرة الطلب على هذه المأكولات والعشوائية في الاختيار، تزيدان من احتمال زيادة البدانة، بالتالي التعرّض لأمراض القلب والسكري وتلك المرتبطة بارتفاع الدهنيات على أنواعها، أضف إلى ذلك تأثير الضغوط النفسية". ويلفت إلى أن "القلق عندما يزيد لدى بعض الأشخاص، يدفعهم إلى الإكثار من الطعام للتعويض النفسي. لذا نشدد على أهمية ممارسة رياضة المشي بشكل مستمر للحفاظ على سلامة صحتنا".
ويتابع صليبا إن "الطب الحديث عرّف ما يصطلح على تسميته أمراض المكاتب، بأنها تلك الأمراض التي تصيب الموظفين الذين تضطرهم ظروف عملهم إلى الجلوس لثماني ساعات خلال دوام العمل. هذا يتسبب في عديد من الأمراض، أبرزها الإرهاق العام والضغط النفسي وآلام الظهر والتخثرات الدموية وغيرها. من هنا، لا بدّ من تقيّد هؤلاء ببعض نصائح لتلافي تلك الأمراض وتداعياتها، ومن أبرزها الحركة وممارسة الرياضة".
اقرأ أيضاً: لا تدع التبوّل اللاإرادي يحرجك
ويشدّد صليبا على "ضرورة الاستراحة لمدة خمس دقائق، ثلاث مرات في اليوم. من شأن ذلك أن يساهم في استعادة النشاط واسترخاء العضلات وزيادة مرونة المفاصل. كذلك، ثمّة تمارين يمكن ممارستها، خلال الجلوس، من دون الحاجة إلى تعطيل العمل. لكن لا بدّ من تأكيد ضرورة الوقوف لمدة ساعتين يومياً على أقل تقدير، لأن الجلوس فترات طويلة من دون مشي ولا حركة ولا أي تمارين رياضية خفيفة، من شأنه أن يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة منها السمنة والسرطان والسكري من النوع الثاني".
ويتحدث صليبا عن دراسة تقول إن "66 في المائة من موظفي المكاتب يعانون من آلام في العنق، لذا من المستحسن ممارسة تمارين خفيفة للعنق والكتفين بانتظام، من أجل تقوية العضلات". ويتوقف صليبا عند "أهمية تشجيع الشركات والمؤسسات لموظفيها على المشي والوقوف لفترة كافية خلال ساعات العمل، تجنباً للأمراض الخطيرة من جهة، ومن أخرى لزيادة إنتاجيتهم وتحسين صحتهم النفسية".
تعب في العيون
في الإطار نفسه، يؤكد الاختصاصي في طب العيون، الدكتور عبدو خوري، على أن "الجلوس مطولاً وراء المكاتب والكومبيوتر خصوصاً، يزيد عند الكبار التعب في العيون. أما الصغار، فالتركيز على شاشة الكومبيوتر لوقت طويل، يزيد ضعف النظر لديهم". ويقول خوري لـ "العربي الجديد": "من هنا، نشدد على الوقاية عبر إراحة العيون خمس دقائق على أقل تقدير، من حين إلى آخر. وذلك لتجنّب أي مضاعفات في البصر تتعلق بالتركيز طويلاً على شاشة الكمبيوتر، لا سيما الشعور بالصداع وتشوش الرؤية".
تجدر الإشارة إلى أن "الحل في منتهى البساطة" بحسب خوري الذي ينصح بإشاحة نظر الموظّف كل 15 دقيقة عن الشاشة، لمنح العينين قليلاً من الراحة. يضيف أنه "ينبغي وضع الشاشة على بعد 20 إلى 26 بوصة من الوجه، وتكبير حجم الخط لتسهيل القراءة. وقد أثبتت الدراسات أن النظر إلى الشاشة من مسافة قريبة جداً يجهد العينَين لأنه يقلص عضلاتهما ويزيد من تعبهما".
اقرأ أيضاً: قضم الأظافر مرتبط بالجهاز الهضمي؟