يتعرّض الفلسطينيون في الأحياء والتجمّعات السكنية في مناطق الأغوار الشمالية شرق الضفة الغربية المحتلة للكثير من الاعتداءات والمضايقات اليومية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، كان آخرها إخلاء عشرات العائلات الفلسطينية لمنازلها قسراً، بحجة إجراء تدريبات عسكرية.
قبل نحو أسبوع، أخطرت سلطات الاحتلال العائلات الفلسطينية عن برنامج حدّدت فيه الساعات والأيام التي ستجري خلالها التدريبات العسكرية في المنطقة، والتي توزعت في تجمعات وخرب منها الرأس الأحمر، وحمصة الفوقا، وحمامات المالح، والبرج والميتة، وبزيق. وتقع جميعها ضمن الأغوار الشمالية التي تستهدفها قوات الاحتلال بشكل مستمر.
وفي إطار التدريبات، اقتحمت نحو 300 دبابة و400 آلية عسكرية وما لا يقل عن عشرة آلاف جندي إسرائيلي مناطق الأغوار الشمالية لإجراء تدريبات عسكرية، على غرار الرمي على المدفعية، والقنص، والمداهمات، والاقتحامات الليلية، وغيرها من التدريبات التي يجريها جنود الاحتلال الإسرائيليين على حساب الفلسطينيين، كما يقول مسؤول ملف الأغوار معتز بشارات لـ "العربي الجديد".
ولا خيارات أمام الفلسطينيين في تلك المناطق إلا إخلاء منازلهم خشية تعرضهم لإصابات أثناء التدريب. هكذا، يخرجون من خيمهم وبيوتهم المصنوعة من الحديد، ويأخذون أغنامهم والحيوانات التي يعتمدون عليها بشكل أساسي في حياتهم اليومية. يوضح بشارات أن 60 عائلة فلسطينية (نحو 340 فلسطينيا)، يشكّل أطفالهم أكثر من النصف، يبقون ساعات طويلة في العراء. يذهب بعضهم إلى الخرب القريبة التي تبعد مسافة لا تقل عن أربعة كيلومترات عن مساكنهم، إلى حين الانتهاء من التدريبات العسكرية التي تستمر أكثر من ثماني ساعات. وبحسب الجدول الزمني الذي حدده الاحتلال، تبدأ التدريبات العسكرية الساعة السادسة صباحاً وتمتد حتى المساء، وأخرى تبدأ عند منتصف الليل وتمتد حتى الصباح.
يلفت بشارات إلى أنه في أحد الأيام، أبلغ الاحتلال أهالي خربة حمصة الفوقا بالعودة إلى منازلهم بعد انتهاء التدريب الساعة التاسعة صباحاً. وبعدما عادوا، أطلقت مدفعية إسرائيلية قذيفة سقطت بالقرب من منزل ياسر محمود أبو الكباش، إلا أنها لم تنفجر. تواصل الأهل مع الارتباط الفلسطيني الذي أبلغ الاحتلال الإسرائيلي فحضر لتفكيكها قبل انفجارها. يشير إلى أنه لو انفجرت القذيفة، لاستشهد عدد من الفلسطينيين "إلا أن عناية الله كانت حاضرة".
عادة ما تُخلّف الدبابات المجنزرة والآليات العسكرية الإسرائيلية دماراً في الخيم والبيوت الحديدية التي يسكنها أهالي الخرب، بالإضافة إلى عشرات الدونمات من الأراضي المزروعة بالقمح والشعير التي دمرتها تدريبات الاحتلال، علما أن هذا موسم الحصاد لدى الفلسطينيين الذين يعتمدون على هذه المحاصيل لتوفير الغذاء للأغنام والأبقار التي يربونها، بحسب بشارات.
بالإضافة إلى الانتهاكات والمضايقات اليومية التي يتعرّض لها الفلسطينيون، يلفت بشارات إلى أن المستوطنات الإسرائيلية تتّسع بشكل مستمر، لافتاً إلى أن سلطات الاحتلال تمدّها بالمياه والكهرباء قبل البدء بعملية البناء فيها. كذلك، توفر لها الأمن والحماية لينعم المستوطنون الإسرائيليون بجو هادئ، حتى يتمكّنوا من العيش من دون خوف.
بعد انتهاء جولات جنود الاحتلال التدريبية، يعود الأهالي إلى بيوتهم لبناء وترتيب ما دمّره الاحتلال من الخيم وحظائر الأغنام. ويخشى الأهالي وجود ذخيرة غير منفجرة من مخلّفات التدريب. في هذا الإطار، يلفت بشارات إلى تكثيف جولات الاحتلال الإسرائيلي التدريبية خلال فصل الصيف بالمقارنة مع الفصول الأخرى. وعادة ما يكون هناك تدريبات عسكرية مكثفة مرتين على الأقل شهرياً، عدا عن الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون، من هدم وتهجير بحجج واهية، مثل عدم الترخيص وتواجدهم في مناطق تابعة لسيطرة الاحتلال.
يتابع: "نسعى دائماً في مناطق الأغوار الشمالية ومحافظة طوباس إلى مراسلة جميع المؤسسات الدولية والإنسانية والحقوقية للتدخل بشكل عاجل من أجل إنهاء هذه المأساة التي تعاني منها عشرات العائلات الفلسطينية. وفي حالات التدريب العسكري، نطالب المؤسسات بتوفير خيم بديلة حتى يتمكن الأهالي من نصبها بعيداً عن أماكن التدريب، بدلاً من البقاء والنوم في العراء".