التقرير السنوي الصادر اليوم الثلاثاء، عن المركز المختص بمراقبة حقوق الإنسان وتسجيل تطوراتها والموجه إلى أعضاء البرلمان من مختلف الأحزاب، جاء بعنوان "الحريات تحت الهجوم"، وبيّن أن الدنمارك رغم قيادتها من حزبين ليبراليين؛ فإنها لم تسلم من التطاول على الحقوق الأساسية للمواطنين.
ووصف المركز "2017" بسنة الضغط على حقوق الإنسان؛ "ففي كل أوروبا ترزح الحقوق الفردية تحت ضغط واضح، وباتت المساواة في حالة تراجع مقلق".
وفي تعقيبها عن أهم التراجعات الحقوقية، قالت مسؤولة المكتب الإعلامي للمركز، يانا بروفول لـ"العربي الجديد" إن "الدنمارك المعروفة باحترامها حقوق التعبير والتجمع وحرية التنظيم النقابي والجمعياتي وغيره، سجلت في 2017 وبداية العام الحالي 2018 عدداً من مقترحات القوانين والتغييرات التشريعية التي تؤدي إلى تضييق الحريات الدنماركية".
في حين أقرت نائب مدير المركز الحقوقي، لويزا هولك، بأنها لا تذكر أبداً في حياتها "كل هذا الكم من القوانين التي تم طرحها وتبنيها خلال 2017 وبداية العام الحالي، والتي تقوض في معظمها الحقوق الأساسية للمواطنين". وهي تشير بذلك إلى "مقترحات وقوانين منع في أكثر من اتجاه".
وانتقدت المتحدثة، الطريقة الجديدة في "العقاب الجماعي"، الذي يستهدف عائلات الشبان واليافعين المنضوين في عصابات مهاجرين، "وهو أمر يخرق تماماً الحقوق الأساسية بخلط قيام فرد بمخالفة لمعاقبة أسرة كاملة". وتشير بذلك إلى تسهيل القوانين في طرد الأسر من جمعيات سكنية في حال قيام أحد أفرادها بعمل إجرامي.
ومن بين أهم التراجعات التي رصدها التقرير الحقوقي، تبني الدنمارك تشديد قوانين العقوبات التي تطاول المشردين والمتسولين؛ فقد منحت البلديات "تجريم هؤلاء المشردين إن وجدوا في أماكن تجمع (تسمى معسكرات مشردين، وتستهدف أساساً الرومانيين وغجر رومانيا) ورفع العقوبة بالنسبة إلى المتسولين إلى 18 شهراً سجناً".
وتشمل القضايا التي يقيس تقدمها أو تراجعها المركز الحقوقي، 10 مستويات، تبدأ بالنظام القضائي وسياسة الهجرة والدمج، ثم قضايا التجنيس والمساواة والتعليم والدين والصحة وكبار السن والشأن الاجتماعي وجزيرة غرينلاند.
ويلحظ حقوقيون أن الدنمارك تراجعت في مجال حقوق الإنسان الأساسية، في ما يتعلق بفرض "مناطق حظر دخول وتجوال" لأعضاء "مفترضين" في العصابات، وسهولة وصول السلطات إلى معلومات شخصية وحساسة عن المواطنين، إلى جانب ملاحظة أن الفروق بين الإناث والذكور في مجال الرواتب لا تزال كبيرة بنسبة 13 في المائة.
إلى جانب ذلك، يرصد التقرير سلبيات كثيرة تتعلق بسياسة الهجرة المتبعة في الدنمارك. ومن بينها "وقف استقبال لاجئي الكوتا عبر الأمم المتحدة". بالإضافة إلى "مرور 3 سنوات قبل البدء بدراسة طلبات لمّ شمل المقيمين من اللاجئين، وهو ما يتعارض مع أحد الحقوق الدستورية الأساسية المرتبطة بحق العيش".
ولا يغفل التقرير "التناقض بين أن تكون هناك حكومة ليبرالية وفي نفس الوقت تذهب لطرح مشروع قانون معارض تماماً لليبرالية في تحديد ما يجب على الناس ارتداؤه"، وهي إشارة واضحة إلى المسألة المتعلقة بمفاوضات تُجرى لفرض قانون "يعاقب كل من ترتدي نقاباً أو برقعاً".
كما يبرز تراجع سرعة النظام القضائي في البت "بنحو 56 ألف قضية متراكمة أمام المحاكم"، وتضاف إلى ذلك ملاحظة "تراجع الثقة بالشرطة الدنماركية، على خلفية بعض الأحداث التي كشف عنها خلال العام الماضي".
ويوجه المركز الأنظار إلى أن الحقوق الأساسية تتعرض لضغوط، بمنح الاستخبارات العسكرية والمدنية تسهيلات للاحتفاظ بملفات المواطنين من دون الالتزام بالإجراءات المتبعة عادة بشطبها في حال انتهاء قضية ما، مع ملاحظة سهولة الوصول إلى لوائح المسافرين من دون إعلامهم، ما يتعارض مع حقوق أساسية للمواطنين.
ويشير إلى أن ما ينطبق على الاستخبارات ينطبق على الشرطة، "فهي باتت تجد سهولة في الوصول إلى معلومات شاملة ومن مصادر عامة لدى لدولة لم تكن مسموحة في السابق".
ويجد معدو التقرير أن تراجعاً يحدث في ما يتعلق "بمنح الشباب تحت الثامنة عشرة فرصة قضاء المحكوميات في بيوتهم بسوار مراقبة إلكتروني، وبات يزج بهذه الفئة أكثر فأكثر في السجون".
وبناء على الأرقام الرسمية، إن "8.8 بالمائة من مجموع المسجونين والموقوفين على ذمة قضايا هم دون الثامنة عشرة، وبات التوقيف الاحترازي كبيراً جداً إذ يصل إلى مستويات قياسية مقارنة بعام 2013، بارتفاع من 2000 إلى 4000 شخص". ويتضح أيضاً أن "العزل في السجون يطاول اليوم أعداداً كبيرة؛ إذ يسهل اعتبار شخص مسجوناً لأنه لا يتصرف بشكل لائق لوضعه في منفردة، ويُعزل مئات عن بقية المساجين.
ويشير التقرير إلى "تزايد نسبة من يشعرون بأنهم يعيشون، كمهاجرين أو من أصل غير دنماركي، بنسبة 43 في المائة". بالإضافة إلى "زيادة شكاوى جرائم على خلفية الكراهية بنسبة 90 في المائة و120 في المائة بخلفية عنصرية".
وفي الوقت الذي رفضت وزارة العدل التعقيب على الخروقات المرصودة حقوقياً، وبعض تفاصيلها المتعلقة بالأجانب، أكد وزير العدل سورن بابي أن بلده "خلال السنوات الماضية شهد عدداً من المشاكل، ومن بين أمور أخرى، برزت مشكلة تجمعات مهاجرين ومتسولين في الشوارع، بالإضافة إلى العصابات الإجرامية التي كانت تطلق النار في الشوارع وتصيب المارة. ويؤكد بابي أن بلده "اضطر لاتخاذ إجراءات تحترم بالتأكيد التزامات الدنمارك (الحقوقية) الدولية".