لا يزال الحصار الخانق يحكم أنيابه على أهالي الفلوجة بدون انفراج يذكر منذ أكثر من ستة أشهر، رغم مناشدات الوجهاء والأهالي المستمرة للمنظمات الدولية والحكومتين المحلية والمركزية، بعد وفاة العشرات من كبار السن والمرضى والأطفال نتيجة شح الدواء والغذاء في المدينة، فضلاً عن القصف الذي لم يتوقف منذ أكثر من عامين.
ولم تفلح حتى الآن المفاوضات التي أعلنها وجهاء المدينة، بعد موافقة طرفي النزاع من تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" والحكومة العراقية، على اختيار وفد من أهالي الفلوجة للتفاوض على إدخال الأغذية والأدوية.
وقال المتحدث باسم الوفد المفاوض لأهالي الفلوجة، الدكتور كمال الحداد، على صفحته الشخصية في "فيسبوك": "تم ترشيحي من قبل بعض الإخوة مع شخصيتين من الفلوجة، وطلبت منا الحكومة المركزية لقاء في مبنى رئاسة الوزراء".
وأضاف "توجهنا إلى بغداد وتم التفاوض مع أطراف فاعلة في الحكومة وأصحاب قرار، وحصلنا على موافقة الحكومة على تسيير قافلة إغاثة نحو الفلوجة تحمل الغذاء والدواء، بقيادتنا نحن وفد التفاوض".
وتابع "نحن الآن بانتظار المرحلة الثانية التي تتضمن تجهيز القافلة لإيصالها إلى الفلوجة، وسنخرج في مؤتمر صحافي عندما تكون القافلة جاهزة"، لافتاً إلى أن "الحكومة وافقت على الوفد، شرط أن يكون أعضاؤه مستقلين وحياديين ولا ينتمون لأي جهة سياسية أو حزب أو منظمة".
لكن حتى الآن، لم يحدث أي شيء جديد سوى القصف المستمر على التجمعات السكانية، كان أشده فتكاً القصف الحكومي الذي استهدف سوق الجمعة الشعبي، يوم الجمعة الماضي، والذي يتجمع فيه المئات من البائعين والمشترين للمواد المستعملة، وأسفر عن مقتل 60 مدنياً.
وفي هذا الوقت، ذكرت مصادر من داخل الفلوجة أن أغلب الجرحى المدنيين الذين سقطوا في مجزرة سوق الجمعة، كما يصفها الأهالي، أجريت لهم عمليات جراحية من دون تخدير، لعدم توفره.
وتتذرع السلطات الحكومية بصعوبات لوجستية في إيصال المساعدات الغذائية والدوائية إلى داخل الفلوجة.
ويهدد الموت جوعاً نحو 150 ألف مدني داخل الفلوجة، فيما يشيعون كل يوم قتلاهم بسبب القصف المستمر على مدينتهم، حتى امتلأت بهم المقابر والساحات العامة.
من جانبها، أعلنت الحكومة العراقية أنها فتحت ثلاثة معابر لخروج المدنيين، لكن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" يمنعهم من الخروج، حسب تأكيدات الأهالي.
ويكتفي الأهالي بتناول الأعشاب وبعض النباتات والشجيرات الصغيرة كالخباز والجنيبرة والسلق، لسد رمقهم خلال وجبة واحدة أصبحت تتناولها الأسر في اليوم، إن توفرت.
كما يعاني مستشفى الفلوجة نقصاً حاداً في الأدوية والمستلزمات الطبية لعلاج الجرحى المدنيين الذين يسقطون كل يوم، بسبب القصف الحكومي المستمر على المدينة.
وكشف مصدر طبي من مستشفى الفلوجة أن "الجرحى يعانون كثيراً لعدم توفر المضادات الحيوية وحقن التخدير وأدوية الأمراض المزمنة".
وأضاف المصدر أن "المعاناة قاسية وشديدة جداً، خاصة على كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة والأطفال، حيث توفي خلال الشهر الماضي بسبب نقص الغذاء والدواء نحو 30 مدنياً، بينهم 10 أطفال، بسبب نقص الغذاء والدواء".
ولفت إلى أن "العدد الكلي لضحايا القصف المستمر على الفلوجة منذ أكثر من عامين فاق العشرة آلاف بين قتيل وجريح، أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن".