تتواصل حملات التضامن مع قضية مدينة مضايا في ريف دمشق، بعد أسابيع على كشف المأساة الإنسانية التي يتسبب بها الحصار الذي تنفذه قوات النظام على البلدة التي يسكنها نحو 40 ألف مدني والتي تخضع لسيطرة المعارضة.
وبعدما عُدّت دفعة المساعدات الإنسانية التي أدخلت إلى المدينة في 11 يناير/ كانون الثاني الجاري، غير كافية لا سيّما وأنها خلت من أدوية أساسيّة، مع الإشارة إلى أنها تزامنت مع إدخال مساعدات إلى بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين والخاضعتَين لسيطرة النظام، صدرت دعوات ليوم غضب عالمي في إطار "الحملة الدولية لفك حصار الجوع عن المدن السورية المحاصرة"، ومنها مضايا. وهي الحملة التي أطلقها ناشطون عرب للتضامن مع المدن المحاصرة، والضغط على المجتمع الدولي لمنع استغلال المدنيين في المعارك العسكرية الجارية في سورية.
تشير المتحدثة الإعلامية باسم الحملة مهى أتاسي لـ "العربي الجديد"، إلى مشاركة ناشطين من عدد من الدول العربية والغربية في الحملة، "إلى جانب مشاركات عديدة من الداخل السوري، أبرزها من إدلب وحلب ودرعا والغوطتين". وقد تلقت الحملة عبر صفحتها على موقع "فيسبوك"، رسائل تضامن من سوريين يقطنون مناطق خاضعة لسيطرة قوات النظام السوري. كذلك نشرت الحملة شهادات لعدد من سكان مضايا يشرحون فيها الأوضاع الإنسانية داخل البلدة. في واحدة من الشهادات، أشارت امرأة إلى "إعطاء طفلتي الرضيعة قنينة حليب واحدة كل عشرة أيام، بسبب فقدان الحليب المجفف من المحال التجارية في المدينة قبل شهر. وفي الأيام الباقية، أعطيها قنينة فيها ماء وملح فقط". أيضاً، نقلت صفحة الحملة صورة الطفلة منار محمود التي كانت في حاجة إلى تدخل طبي عاجل، ونقلت إلى خارج البلدة لتلقي العلاج. على ذلك، عبّر عدد من الفنانين العرب كالفلسطينية ريم بنا عن تضامنهم مع الحملة، ودعوتهم لفك الحصار عن المدن المحاصرة.
اقرأ أيضاً: مساعدات مضايا تخلو من أدوية الأمراض المزمنة
وتشدد أتاسي على ضرورة "إنهاء حالة حصار الجوع بشكل كامل عن المدن والبلدات السورية، وليس الضغط في اتجاه إدخال مساعدات إنسانية تكفي لمدد زمنية محددة فقط". وهذه هي الرسالة التي سوف تحملها التحركات المُتزامنة في عدد من المدن السورية والمصرية والجرائرية واللبنانية والتركية والألمانية والسويدية والفرنسية والنمساوية والأميركية. وقد اختار المنظمون موعداً موحداً (الثانية من بعد الظهر بتوقيت دمشق) لتسليم رسالة مفتوحة إلى مبعوث الأمم المتحدة في سورية ستيفان دي ميستورا، بلغات البلدان المشاركة، تتضمن مطالب الحملة.
وفي تركيا، يشير المنسق الإعلامي للحملة مؤتمن ميرا، إلى مشاركة أكثر من خمسين منظمة سورية ناشطة في الداخل السوري في التحركات التي سوف تشهدها ساحات عامة في مدن إسطنبول ومرسين وغازي عنتاب وأنطاكيا وأورفا.
وفي لبنان، ينظم الناشطون وقفتين أمام مقرّ "اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا" التابعة للأمم المتحدة (الإسكوا) في بيروت، وأمام مقر الأمم المتحدة في مدينة طرابلس (شمال).
من جهته، يرى الناشط السوري المشارك في الحملة من إدلب، علي المرعي، أن "اليوم العالمي مهم على صعيد توحيد الموقف والكلمة في مختلف المناطق السورية الثائرة، في وجه التخاذل العربي والدولي أمام سياسة التجويع". وفي الجنوب السوري أيضاً، تتردد أصداء معاناة المناطق المحاصرة، بحسب ما يقول الناشط عمر أبو نبوت. ويؤكد أن "مختلف المناطق السورية المعارضة تعاني من قلة المؤن".
تشير التقارير إلى وقوع 13 منطقة سورية تحت الحصار، أبرزها الزبداني (القريبة من الحدود مع لبنان)، وجيرود والرحيبة والضمير في منطقة القلمون، كذلك تعاني الغوطة الشرقية من نقص في الطاقة الكهربائية والمياه إلى جانب الحصار المستمر منذ ديسمبر/ كانون الأول 2012. وفي محيط دمشق أيضاً، يشمل الحصار مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وبلدات التل وداريا والمعضمية وكناكر. وفي حمص، تمنع القوات السورية دخول المواد الغذائية إلى الحولة وتلبيسة والرستن والوعر.
وسبق لناشطين لبنانيين في حملة "أنقذوا مضايا" أن قطعوا الطريق الدولية بين بيروت ودمشق، بالقرب من المعبر الحدودي الرسمي في المصنع، تضامناً مع أهالي مضايا. كذلك نفذ ناشطون آخرون اعتصاماً أمام مقرّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيروت، للمطالبة بإنقاذ أهالي مضايا من حملة التجويع المستمرة، في حين دعت هيئة العلماء المسلمين إلى جمع تبرعات بهدف تأمين المساعدات الغذائية لإدخالها إلى البلدة.
اقرأ أيضاً: مضايا تسدّ جوعها مؤقّتاً