سجّلت تونس تراجعاً في العنف الأسري خلال شهر يوليو/تموز الماضي، قدّره مرصد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (مدني) بـ40 بالمائة مقارنة بالأشهر التي سبقته، بعدما مثّلت الفضاءات الأسرية أماكن حاضنة للعنف يكون ضحاياها من الأبناء أو أحد الزوجين.
واعتبر المرصد في تقريره الشهري، أن تراجع العنف الأسري يمثل تحوّلا نوعيا في تركيبة حالات العنف الذي يحصيه ليحتل بذلك المرتبة الرابعة بعد العنف الانفعالي الذي يأتي في المرتبة الأولى والعنف الإجرامي ثم العنف الجنسي.
وحسب البيانات التي نشرها المرصد، لم يعد العنف الأسري يمثل إلا 15 بالمائة فقط من حالات العنف المسجلة، فيما يمثل العنف الجنسي 17.5 بالمائة، والعنف الإجرامي 32.5 بالمائة.
ويعتبر رئيس مرصد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، تراجع حالات العنف الأسري المرصودة مؤشرا إيجابيا على استقرار الخلية الأولى للمجتمع، مشيرا إلى أنّ مسببات العنف داخل الأسر اقتصادية وتتعلق بمشاكل مادية في أغلب الحالات.
وقال بن عمر في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ وزارة المرأة والأسرة ومنظمات المجتمع المدني مطالبة بالعمل على استثمار النتائج المسجلة خلال الشهر الماضي والنزول بنسب العنف الأسري إلى أدنى مستوياته، ولا سيما أن تونس نجحت في وضع التشريعات والقوانين اللازمة لحماية الأسر من العنف أو التفكك، بحسب قوله.
أما بالنسبة لتوزيع العنف، فإن 90 بالمائة من مرتكبي العنف هم من الذكور، فيما تشارَك الجنسان في ارتكاب 5 بالمائة من حالات العنف، وارتكبت الإناث لوحدهنّ 5 بالمائة من الحالات المرصودة.
وكان الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري (منظمة حكومية)، قد أشار منذ عام 2018، إلى أنّ 47 في المائة من النساء في تونس تعرّضن لنوع من أنواع العنف، في حين أشار مركز الدراسات القانونية والقضائية في وزارة العدل إلى أنّه خلال الفترة الممتدة من عام 2008 إلى عام 2013، جرى تسجيل 28 ألفاً و910 شكاوى تقدّمت بها نساء من جرّاء تعرضهنّ للعنف، أي بمعدّل خمسة آلاف و782 شكوى سنوياً.
ومن حيث خارطة العنف، تأتي مناطق الساحل الشرقي في صدارة المناطق الأكثر عنفا، إذ زادت نسبة العنف في محافظتي صفاقس وسوسة بـ20 بالمائة، تليهما محافظة المنستير بنسبة 12 بالمائة. والمناطق الثلاث هي مناطق صناعية وسياحية جاذبة لليد العاملة من مختلف محافظات تونس.
وفي يوليو/ تموز 2017، صادق برلمان تونس على قانون يتعلّق بالقضاء على العنف.
ويهدف هذا القانون، وفق ما جاء في مادته الأولى، إلى "وضع التدابير الكفيلة بالقضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة، القائم على أساس التمييز بين الجنسين من أجل تحقيق المساواة واحترام الكرامة الإنسانية، وذلك باتباع مقاربة شاملة تقوم على التصدي لمختلف أشكاله بالوقاية، وتتبع مرتكبيه ومعاقبتهم وحماية الضحايا والتعهد بهم".
كما وضع القانون آلية تمكّن قاضي الأسرة من إصدار إذن بالحماية الاستعجالية في حال وقوع عنف، مع اتخاذ جملة من الإجراءات لحماية المرأة من العنف وإنشاء مراكز لإيواء ضحايا العنف سواء داخل الفضاء الأسري أو خارجه.