يعد اجتياز الأراضي الهنغارية (المجر)، الخطوة الأصعب بالنسبة للسوريين، خلال رحلة اللجوء إلى إحدى الدول الأوروبية، إذ يحاول اللاجئون تجنب القبض عليهم وأخذ بصمات أيديهم من قبل السلطات الهنغارية، وهو ما يفقدهم فرصتهم في الحصول على حق اللجوء إلى الدولة التي يقصدونها، وفقا لاتفاقية دبلن التي وقعت عليها هنغاريا مع عدد من الدول الأوروبية.
يوضح سالم عبدالله، وهو لاجئ سوري في ألمانيا، أن "معظم السوريين الفارين من سورية ينطلقون بداية من الأراضي التركية، معظمهم يسلك الطريق البحري -الأخطر- نحو اليونان، ثم يخرج برا إلى مقدونيا ثم إلى صربيا.
ومنهم من يخرج من تركيا برا إلى بلغاريا ثم صربيا، ذلك لأن كلا من مقدونيا وصربيا غير متضمنتين في اتفاقية دبلن، أما بلغاريا وهنغاريا فالبصمة فيهما قد تحرم الكثير من اللاجئين من اللجوء إلى دول أخرى.
ويواجه الواصلون إلى صربيا مهمة عبور الأراضي الهنغارية دون بصمة، وصولا إلى النمسا ومنها إلى أية دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي، حيث يمكنهم التحرك بحرية بينها"، ويضيف "المشكلة بالنسبة للاجئين أن كلا من بلغاريا وهنغاريا لا تقدم أيّة ميزات للاجئين فيها، وإجبارهم على البصمة فيها، يعني بالنسبة لهم أن حلمهم بحياة وظروف أفضل قد انتهى".
ويسلك المهاجرون طرقا داخل الغابات الكثيفة التي تمتد على مساحات واسعة من الحدود وداخل الأراضي الهنغارية، إلى أن يصلوا إلى العاصمة بودابست، لينطلقوا منها إلى النمسا.
اقرأ أيضا: "#أصوات_لأجل_اللاجئين"... حملة إلكترونية لحشد الدعم العربي
يوضح عبدالحميد، وهو لاجئ في السويد "الغابات هي الأكثر أمانا بالنسبة للمهاجرين، حيث لا تتواجد فيها الشرطة إلا بشكل مقصود. القبض على المهاجرين غالبا ما يتم خارج هذه الغابات أو في العاصمة"، ويضيف "مشْي المهاجرين في الطرق العامة أو داخل العاصمة يسهّل على السلطات أن تقبض عليهم. بدورهم يفعل المهاجرون المستحيل حتى لا يُقبض عليهم. عمليات المطارد قد تستمر لساعات، أحيانا تدخل الشرطة بصحبة كلاب بوليسية داخل الغابات".
يردف عبدالحميد ساخراً "أعتقد أن من استطاع أن ينفذ من قوات بشار الأسد، ويقطع حواجز مائة فصيل وفصيل عسكري في سورية، لن يصعب عليه أن يصل إلى البلد الذي يريد في أوروبا".
اقرأ أيضا: السويد.. رقم قياسي في استقبال اللاجئين
إلى ذلك، يشتكي المهاجرون من المعاملة السيئة التي يتعرضون لها من قبل السلطات الهنغارية، التي تأخذ بصماتهم بالقوة.
يقول أحمد "كنا 11 شابا، بيننا عراقيان، استمرت الشرطة في هنغاريا في مطاردتنا قرابة الساعة، ألقت القبض على بعضنا، ثم قاموا بتكبيلنا وضربنا واقتيادنا إلى الكامب، وضعونا لعدة ساعات مكبلين على الأرض، ثم اقتادونا إلى مركز الشرطة وقاموا بإجبارنا على إعطاء بصماتنا بالقوة ومصادرة كامل أوراقنا الثبوتية، سافرت بعدها إلى ألمانيا وتقدمت بطلب اللجوء، لكن الإجراءات ستأخذ وقتا أطول حتى يتثبتوا من هويتي".
ويشير أحمد إلى أنّ "خيارات اللاجئين بعد البصمة الهنغارية تصبح محدودة، إذ يضطر معظمهم إلى اللجوء إلى ألمانيا، بهدف الاستفادة من إجراءات عدد من المقاطعات التي تكسر البصمة وتمنح اللجوء إليها، وهو ما حدث مع الكثيرين. الحقيقة يمكن أن يتقدم اللاجئ بطلب للجوء إلى دول أخرى كالسويد حتى بعد البصمة، لكن القرار هنا سيعود إلى القاضي وظروف اللاجئ العائلية، وإن رفض طلبه يعني أنه عليه أن يعيد المحاولة في دولة أخرى".
يذكر أنّ السلطات الهنغارية باشرت مؤخرا بالأعمال التمهيدية لبناء جدار بطول 175 كم وارتفاع 4 أمتار، على طول حدودها مع صربيا، بهدف حصر الدخول إليها في المعابر النظامية ومنع نفاذ اللاجئين بشكل غير قانوني.
اقرأ أيضا مفوضية اللاجئين:4 ملايين لاجئ سوري في دول الجوار