ارتفعت أصوات اليمين في شمال أوروبا، وبدأت تؤتي ثمارها في السويد خصوصاً مع التحضير لإبعاد نحو ثمانين ألف طالب لجوء. يترافق الأمر مع سياسات مماثلة في الدنمارك والنروج وفنلندا وغيرها
يجد سليم الذي يعيش في السويد، نفسه في حالة حرج شديد مع زوجته التي تنتظر منذ عامين قراراً يمكّنها من الالتحاق به من إحدى دول شمال أفريقيا. فقد قررت السويد قبل أكثر من عام أنّ على سليم العودة إلى بلده. يتنقل المهاجر متخفياً بين مدن السويد والدنمارك الكبرى. هو استأنف قرار إبعاده واستنفدت محاميته كلّ الوسائل القانونية الممكنة بلا نتيجة.
أعلنت السويد على لسان وزير الداخلية أندرس ايغمان أنّ طلبات اللجوء المرفوضة والتي تستوجب الإبعاد قد تصل إلى 80 ألفاً. وهي لا تتعلق فقط بـ 163 ألف طلب لجوء العام الماضي، بل تمتد إلى حالات كسليم.
القرارات السويدية كانت متوقعة منذ أن دخل الاتحاد الأوروبي في "أزمة المهاجرين" في سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث ترافق التكدس والعبور من دول شرق أوروبا مع نقاش حول "توزيع عادل" لطالبي اللجوء. حذرت السويد من فشل الاتحاد في إيجاد حل جذري لأزمة المهاجرين، خصوصاً مع وصول نحو مليون طالب لجوء العام الماضي توزعوا بنسبة كبيرة بين السويد وألمانيا.
تدفق المهاجرين نحو السويد وبالأرقام الرسمية لا يتعلق بالمهاجرين من سورية ودول الجوار فحسب، فلو جرى التدقيق قليلاً بتلك الأرقام عن الأسبوع الممتد من 21 يناير/ كانون الثاني وحتى 27 منه سنجد أنّه وبالرغم من التشديدات الحدودية فقد دخل 168 طالب لجوء من سورية و96 من العراق و72 من أفغانستان و440 من جنسيات أخرى. وبنظرة أدق، تشير أرقام مصلحة الهجرة في ستوكهولم إلى تفاقم أزمة القاصرين الآتين بلا مرافقين، فتصل نسبتهم إلى 50 في المائة من الأفغان.
الأرقام تفيد بأنّ الآتين إلى السويد من سورية العام الماضي يحتلون المرتبة الأولى من بين أكثر من 15 جنسية تشمل أكبر أعداد طالبي اللجوء. وهم يتوزعون كالتالي: 51 ألفاً من سورية. و42 ألفاً و500 من أفغانستان. و21 ألفاً من العراق. كذلك، هناك آلاف من الأشخاص الذين حضروا العام الماضي، مدعين أنهم سوريون وهم ليسوا كذلك.
أكثر من يجري الحديث عن إمكانية إبعادهم بعد رفض طلبات لجوئهم هم من تعتبر طلبات لجوئهم بلا أساس أو أرضية حقيقية. وتلك الأرقام بحسب مصلحة الهجرة كبيرة جداً، خصوصاً من أشخاص تنقلوا بين دول الاتحاد الأوروبي ووصلوا إلى السويد في موجة اللجوء الأخيرة للسوريين عبر المجر وألمانيا.
في السويد يعيش أيضاً آلاف ممن جرى إبلاغهم برفض طلبات لجوئهم "غير القانوني". وهو ما يعني وفق القرار الذي عبر عنه وزير الداخلية ولاحقاً رئيس الوزراء ستيفان لوفين، أن تجهز الشرطة ودائرة الهجرة نفسها لتوقيف هؤلاء وإعادتهم إلى الدول التي حضروا منها. وفي هذه الحالة لا يخفي السياسيون السويديون إمكانية "تشغيل رحلات طيران لإعادة جماعية إلى دول الاتحاد التي حضر هؤلاء منها وفق اتفاقية دبلن".
الإبعاد الإجباري من السويد سيكون صعباً أيضاً بحسب أحد مسؤولي مصلحة الهجرة السويدية، فدول بعينها كإريتريا وإثيوبيا وأفغانستان ما زالت تتردد بقبول مواطنيها الذين رفضت طلباتهم.
المشكلة الأخرى التي تواجهها السويد في قضية إبعاد كلّ طالبي اللجوء هؤلاء، بحسب مدير العمليات في مصلحة الهجرة في ستوكهولم ميكائيل ريبينفيك، هي أنّ "ثلث من يجري الحديث عنهم ستواجه عملية إبعادهم مشكلة قانونية تتعلق بأوراقهم الثبوتية". وقد أشارت "العربي الجديد" في تقرير سابق إلى أنّ نحو 80 في المائة ممن يحضرون إلى السويد لا يحملون أوراقاً ثبوتية.
إذاً فالأمر المتعلق بإبعاد من طلبوا اللجوء في دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي، أو أخذت بصماتهم فيها، سيتطلب وفق مصلحة الهجرة السويدية ما بين 15 شهراً إلى سنتين كاملتين. والعديد من المهاجرين وطالبي اللجوء، كما في حالة سليم، يعيشون خفية، على أمل أن تمر فترة عام ونصف وتنتهي صلاحية البصمة المسجلة في سجلات الاتحاد الأوروبي. لكن ما يجري في الواقع، ووفق مصدر رسمي في كوبنهاغن يفضل عدم ذكر اسمه، أنّ "هناك شبه توافق منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعدم مسح البصمات حتى بعد مرور 18 شهراً، نظراً للحالة الاستثنائية التي تعيشها دول الاتحاد مع الأعداد الكبيرة التي تنقلت بين دوله".
الصعوبات المشار إليها، خصوصاً بالنسبة للإبعاد باتجاه الدول الأصلية للمهاجرين وطالبي الحماية، يعترف بها وزير الدمج السويدي مورغان يوهانسن بالقول: "القضية لا تتعلق بـ60 أو 80 ألفاً سيبعدون خلال عام واحد، بل ستتطلب إعادتهم أعواماً".
في الواقع، تعترف الدوائر الرسمية في السويد أنّ القضية لا تتعلق فقط بمن حضر العام الماضي. فهناك 11 ألف طالب لجوء رفضت طلباتهم قبل التدفق الأخير، وبعضهم غادر إلى بلدان أخرى، وبعضهم تخفّى، وجرى إبعاد 3 آلاف منهم.
كذلك، فإنّ السويد لا تتجه وحدها إلى هذه السياسة. فقد أعلنت فنلندا مساء الخميس الماضي أنّها ستبعد 20 ألفاً من مجموع 37 ألف طالب لجوء مسجلين العام الماضي. كما تتجه الدنمارك إلى إعلان نيتها إبعاد نحو 1800 شخص ممن رفضت طلباتهم. ومثلهما النروج وهولندا بالترافق مع الغضب الداخلي الألماني من سياسات المستشارة أنغيلا ميركل.
يقول خبراء في شؤون الهجرة واللجوء: "يبدو المشهد كسباق داخلي داخل الدول نفسها في سبيل إظهار سياسات متشددة أمام اكتساح اليمين المتطرف في الاستطلاعات وتأثيره في حكومات يمين الوسط. أو كسباق بين دول الاتحاد باتجاه تطبيق سياسة الحدود المغلقة". ما يشير إليه هؤلاء جرى التطرق له سابقاً، ويتعلق بحلول عجز الاتحاد الأوروبي عن تطبيقها، ليس فقط في قضية توزيع المهاجرين بين دوله، بل بما طالبت به بعض الدول، من أنّ "على أوروبا أن تحمي حدودها الخارجية". تلك التفاصيل جرى التطرق لها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بتصريحات نارية لسياسيين وقادة أحزاب في دول أوروبية شمالية وشرقية.
فبالرغم من الاتفاق مع تركيا بشأن إغلاق الحدود ومساعدتها مالياً، وطرح فكرة إقامة "مخيمات استقبال في المناطق القريبة" وغيرها من خطوات تشديد القوانين وإعادة فرض العمل بالحدود فإنّ كلّ ذلك لم يؤدّ لنتائج إيجابية. وبذلك، يشير الخبراء إلى أنّ التشدد في التصريحات خلال اليومين الماضيين يعبر في الواقع عن أزمة حقيقية يعيشها الاتحاد الأوروبي، خصوصاً مع توقعات بأن يشهد ربيع هذا العام تدفقاً كبيراً سواء نحو اليونان أو إيطاليا عبر المتوسط وإيجه.
التشديدات التي بدأتها دول الشمال وتمتد نحو هولندا وألمانيا والنمسا ودول شرق أوروبا في مسألة الإقامات الموقتة وجعل استحالة الحصول على الدائمة، تمتد إلى تأخير جمع شمل الأسر لسنوات، وتخفيض المعونات المالية إلى حدودها الدنيا، خصوصاً في الدنمارك. وهي السياسة التي انتقدها أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون شخصياً أمس الجمعة في لفتة لم تحصل سابقاً مع أيّ دولة شددت من قوانين الهجرة. وهي تشديدات تشكل بحسب مصادر أوروبية شمالية "خطوات رمزية تريد إيصال رسالة واحدة تفيد أنّ أوروبا لم تعد قادرة على استقبال المزيد".
يقول عضو برلمان دنماركي من حزب يساري معارض لـ"العربي الجديد": "القضية لا ترتبط بالقدرات الاقتصادية والمالية للدول، بل هي أكثر ارتباطاً بمسائل التوجهات الحزبية وصعود اليمين المتشدد على حساب كلّ النقاش عن المهاجرين وطالبي اللجوء". ولتأكيد ذلك يستغرب المصدر الذي يفضل عدم ذكر اسمه "كيف يجتمع رئيس وزراء السويد ستيفان لوفين، الاشتراكي، مع زعيم أكبر الأحزاب المتطرفة. نرى كيف باتت سياسة السويد تهادن وتدخل في تسويات مع التشدد، وهو أمر يحصل في كل دول الشمال وينتقل إلى بقية الدول الأوروبية. وذلك سيخلق خضات سياسية كبيرة داخل الأحزاب السياسية وفي اختيارات الناخبين مستقبلاً".
مراقبون محليون يعتبرون الخطوات السويدية الحالية دافعاً جديداً لتخفّي مزيد من اللاجئين تحت الأرض داخل السويد وفي دول الجوار. وهو ما يتحول إلى نكبة حقيقية لسليم وعشرات الآلاف ممن حضروا إلى أوروبا على أمل إيجاد ما بحثوا عنه. فهم يشعرون أنهم مهددون بالإبعاد، وفي الوقت نفسه، لا يحق لهم حتى بزيارة طبيب في حالة مرضهم. هم "مهاجرون تحت الأرض" كما تصفهم الصحف.
اقرأ أيضاً: رهاب في الدول الإسكندنافية
يجد سليم الذي يعيش في السويد، نفسه في حالة حرج شديد مع زوجته التي تنتظر منذ عامين قراراً يمكّنها من الالتحاق به من إحدى دول شمال أفريقيا. فقد قررت السويد قبل أكثر من عام أنّ على سليم العودة إلى بلده. يتنقل المهاجر متخفياً بين مدن السويد والدنمارك الكبرى. هو استأنف قرار إبعاده واستنفدت محاميته كلّ الوسائل القانونية الممكنة بلا نتيجة.
أعلنت السويد على لسان وزير الداخلية أندرس ايغمان أنّ طلبات اللجوء المرفوضة والتي تستوجب الإبعاد قد تصل إلى 80 ألفاً. وهي لا تتعلق فقط بـ 163 ألف طلب لجوء العام الماضي، بل تمتد إلى حالات كسليم.
القرارات السويدية كانت متوقعة منذ أن دخل الاتحاد الأوروبي في "أزمة المهاجرين" في سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث ترافق التكدس والعبور من دول شرق أوروبا مع نقاش حول "توزيع عادل" لطالبي اللجوء. حذرت السويد من فشل الاتحاد في إيجاد حل جذري لأزمة المهاجرين، خصوصاً مع وصول نحو مليون طالب لجوء العام الماضي توزعوا بنسبة كبيرة بين السويد وألمانيا.
تدفق المهاجرين نحو السويد وبالأرقام الرسمية لا يتعلق بالمهاجرين من سورية ودول الجوار فحسب، فلو جرى التدقيق قليلاً بتلك الأرقام عن الأسبوع الممتد من 21 يناير/ كانون الثاني وحتى 27 منه سنجد أنّه وبالرغم من التشديدات الحدودية فقد دخل 168 طالب لجوء من سورية و96 من العراق و72 من أفغانستان و440 من جنسيات أخرى. وبنظرة أدق، تشير أرقام مصلحة الهجرة في ستوكهولم إلى تفاقم أزمة القاصرين الآتين بلا مرافقين، فتصل نسبتهم إلى 50 في المائة من الأفغان.
الأرقام تفيد بأنّ الآتين إلى السويد من سورية العام الماضي يحتلون المرتبة الأولى من بين أكثر من 15 جنسية تشمل أكبر أعداد طالبي اللجوء. وهم يتوزعون كالتالي: 51 ألفاً من سورية. و42 ألفاً و500 من أفغانستان. و21 ألفاً من العراق. كذلك، هناك آلاف من الأشخاص الذين حضروا العام الماضي، مدعين أنهم سوريون وهم ليسوا كذلك.
أكثر من يجري الحديث عن إمكانية إبعادهم بعد رفض طلبات لجوئهم هم من تعتبر طلبات لجوئهم بلا أساس أو أرضية حقيقية. وتلك الأرقام بحسب مصلحة الهجرة كبيرة جداً، خصوصاً من أشخاص تنقلوا بين دول الاتحاد الأوروبي ووصلوا إلى السويد في موجة اللجوء الأخيرة للسوريين عبر المجر وألمانيا.
في السويد يعيش أيضاً آلاف ممن جرى إبلاغهم برفض طلبات لجوئهم "غير القانوني". وهو ما يعني وفق القرار الذي عبر عنه وزير الداخلية ولاحقاً رئيس الوزراء ستيفان لوفين، أن تجهز الشرطة ودائرة الهجرة نفسها لتوقيف هؤلاء وإعادتهم إلى الدول التي حضروا منها. وفي هذه الحالة لا يخفي السياسيون السويديون إمكانية "تشغيل رحلات طيران لإعادة جماعية إلى دول الاتحاد التي حضر هؤلاء منها وفق اتفاقية دبلن".
الإبعاد الإجباري من السويد سيكون صعباً أيضاً بحسب أحد مسؤولي مصلحة الهجرة السويدية، فدول بعينها كإريتريا وإثيوبيا وأفغانستان ما زالت تتردد بقبول مواطنيها الذين رفضت طلباتهم.
المشكلة الأخرى التي تواجهها السويد في قضية إبعاد كلّ طالبي اللجوء هؤلاء، بحسب مدير العمليات في مصلحة الهجرة في ستوكهولم ميكائيل ريبينفيك، هي أنّ "ثلث من يجري الحديث عنهم ستواجه عملية إبعادهم مشكلة قانونية تتعلق بأوراقهم الثبوتية". وقد أشارت "العربي الجديد" في تقرير سابق إلى أنّ نحو 80 في المائة ممن يحضرون إلى السويد لا يحملون أوراقاً ثبوتية.
إذاً فالأمر المتعلق بإبعاد من طلبوا اللجوء في دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي، أو أخذت بصماتهم فيها، سيتطلب وفق مصلحة الهجرة السويدية ما بين 15 شهراً إلى سنتين كاملتين. والعديد من المهاجرين وطالبي اللجوء، كما في حالة سليم، يعيشون خفية، على أمل أن تمر فترة عام ونصف وتنتهي صلاحية البصمة المسجلة في سجلات الاتحاد الأوروبي. لكن ما يجري في الواقع، ووفق مصدر رسمي في كوبنهاغن يفضل عدم ذكر اسمه، أنّ "هناك شبه توافق منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعدم مسح البصمات حتى بعد مرور 18 شهراً، نظراً للحالة الاستثنائية التي تعيشها دول الاتحاد مع الأعداد الكبيرة التي تنقلت بين دوله".
الصعوبات المشار إليها، خصوصاً بالنسبة للإبعاد باتجاه الدول الأصلية للمهاجرين وطالبي الحماية، يعترف بها وزير الدمج السويدي مورغان يوهانسن بالقول: "القضية لا تتعلق بـ60 أو 80 ألفاً سيبعدون خلال عام واحد، بل ستتطلب إعادتهم أعواماً".
في الواقع، تعترف الدوائر الرسمية في السويد أنّ القضية لا تتعلق فقط بمن حضر العام الماضي. فهناك 11 ألف طالب لجوء رفضت طلباتهم قبل التدفق الأخير، وبعضهم غادر إلى بلدان أخرى، وبعضهم تخفّى، وجرى إبعاد 3 آلاف منهم.
كذلك، فإنّ السويد لا تتجه وحدها إلى هذه السياسة. فقد أعلنت فنلندا مساء الخميس الماضي أنّها ستبعد 20 ألفاً من مجموع 37 ألف طالب لجوء مسجلين العام الماضي. كما تتجه الدنمارك إلى إعلان نيتها إبعاد نحو 1800 شخص ممن رفضت طلباتهم. ومثلهما النروج وهولندا بالترافق مع الغضب الداخلي الألماني من سياسات المستشارة أنغيلا ميركل.
يقول خبراء في شؤون الهجرة واللجوء: "يبدو المشهد كسباق داخلي داخل الدول نفسها في سبيل إظهار سياسات متشددة أمام اكتساح اليمين المتطرف في الاستطلاعات وتأثيره في حكومات يمين الوسط. أو كسباق بين دول الاتحاد باتجاه تطبيق سياسة الحدود المغلقة". ما يشير إليه هؤلاء جرى التطرق له سابقاً، ويتعلق بحلول عجز الاتحاد الأوروبي عن تطبيقها، ليس فقط في قضية توزيع المهاجرين بين دوله، بل بما طالبت به بعض الدول، من أنّ "على أوروبا أن تحمي حدودها الخارجية". تلك التفاصيل جرى التطرق لها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بتصريحات نارية لسياسيين وقادة أحزاب في دول أوروبية شمالية وشرقية.
فبالرغم من الاتفاق مع تركيا بشأن إغلاق الحدود ومساعدتها مالياً، وطرح فكرة إقامة "مخيمات استقبال في المناطق القريبة" وغيرها من خطوات تشديد القوانين وإعادة فرض العمل بالحدود فإنّ كلّ ذلك لم يؤدّ لنتائج إيجابية. وبذلك، يشير الخبراء إلى أنّ التشدد في التصريحات خلال اليومين الماضيين يعبر في الواقع عن أزمة حقيقية يعيشها الاتحاد الأوروبي، خصوصاً مع توقعات بأن يشهد ربيع هذا العام تدفقاً كبيراً سواء نحو اليونان أو إيطاليا عبر المتوسط وإيجه.
التشديدات التي بدأتها دول الشمال وتمتد نحو هولندا وألمانيا والنمسا ودول شرق أوروبا في مسألة الإقامات الموقتة وجعل استحالة الحصول على الدائمة، تمتد إلى تأخير جمع شمل الأسر لسنوات، وتخفيض المعونات المالية إلى حدودها الدنيا، خصوصاً في الدنمارك. وهي السياسة التي انتقدها أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون شخصياً أمس الجمعة في لفتة لم تحصل سابقاً مع أيّ دولة شددت من قوانين الهجرة. وهي تشديدات تشكل بحسب مصادر أوروبية شمالية "خطوات رمزية تريد إيصال رسالة واحدة تفيد أنّ أوروبا لم تعد قادرة على استقبال المزيد".
يقول عضو برلمان دنماركي من حزب يساري معارض لـ"العربي الجديد": "القضية لا ترتبط بالقدرات الاقتصادية والمالية للدول، بل هي أكثر ارتباطاً بمسائل التوجهات الحزبية وصعود اليمين المتشدد على حساب كلّ النقاش عن المهاجرين وطالبي اللجوء". ولتأكيد ذلك يستغرب المصدر الذي يفضل عدم ذكر اسمه "كيف يجتمع رئيس وزراء السويد ستيفان لوفين، الاشتراكي، مع زعيم أكبر الأحزاب المتطرفة. نرى كيف باتت سياسة السويد تهادن وتدخل في تسويات مع التشدد، وهو أمر يحصل في كل دول الشمال وينتقل إلى بقية الدول الأوروبية. وذلك سيخلق خضات سياسية كبيرة داخل الأحزاب السياسية وفي اختيارات الناخبين مستقبلاً".
مراقبون محليون يعتبرون الخطوات السويدية الحالية دافعاً جديداً لتخفّي مزيد من اللاجئين تحت الأرض داخل السويد وفي دول الجوار. وهو ما يتحول إلى نكبة حقيقية لسليم وعشرات الآلاف ممن حضروا إلى أوروبا على أمل إيجاد ما بحثوا عنه. فهم يشعرون أنهم مهددون بالإبعاد، وفي الوقت نفسه، لا يحق لهم حتى بزيارة طبيب في حالة مرضهم. هم "مهاجرون تحت الأرض" كما تصفهم الصحف.
اقرأ أيضاً: رهاب في الدول الإسكندنافية