منذ بداية الصيف، يشكو مصطافون تونسيون من ممارسات ليست جديدة، لكن يبدو أنها ازدادت هذا العام. ويتذمّر بعضهم بسبب استغلال أشخاص للشواطئ ومنعهم مواطنين من إيجاد أمكنة لهم إلّا في مقابل بدل ماليّ. هؤلاء يفرضون على العائلات دفع المال للاستفادة من المظلّات التي تحميهم من الشمس، بالإضافة إلى استخدام الكراسي والطاولات. هكذا يجد المصطافون أنفسهم في مواجهة تجّار غير مرخصين.
وانتشرت أكواخ وخيام على بعض الشواطئ، ليتبيّن أنّها تابعة لفنادق سياحية ومؤسسات تجارية خاصة، وقد نُصبت بصورة غير قانونية. أكثر من ذلك، فقد جهّزت بالكراسي والطاولات. أمّا النتيجة، مُنع المصطافين من ارتياد الشاطئ. وقد أعرب هؤلاء عن استيائهم إزاء تلك الشواطئ عامة التي لم تعد مجانيّة، إذ يُجبَر المواطنون على دفع بدلات مالية.
وبهدف التصدّي للتجاوزات التي تُرتكب يومياً على الشواطئ، يؤكد وزير البيئة والتنمية نجيب درويش إطلاق حملة استثنائية من خلال تكثيف دوريّات المراقبة بمشاركة أطراف عدة، على غرار ممثّلين عن هياكل المراقبة المدعومة بوحدات حرس ورجال أمن "أعوان البلدية". وفي حال رُصِدت أي مخالفات، تصدر بلاغات تنبيه بهدف وضع حدّ لكلّ أشكال الابتزاز للمواطنين وردع المخالفين.
عبد الحميد فايد من المصطافين في المهدية، يخبر أنّه لاحظ وجود أشخاص على الشواطئ كُلّفوا من بعض أصحاب النزل لإبعاد كل من يقترب من نقاط معيّنة. يضيف أنّ "هؤلاء يحملون العصي والصفارات ويحذّرون الناس من الاقتراب أو السباحة، بحجة أنّها خاصة بالفندق"، مستغرباً مثل "هذه التصرفات التي تحرم عائلات عديدة من الاستمتاع بالشاطئ".
أمّا كريم بن هلال، فيشير إلى أنّه قصد شواطئ عدّة برفقة أصدقائه، وتفاجأ باستغلال البعض لمساحات كبيرة بهدف كسب المال. ويقول إنّ "العائلات بغالبيتها باتت غير قادرة على إيجاد مكان من دون دفع المال، على غرار بعض شواطئ محافظة بنزرت". يضيف أنّ "استحواذ عدد كبير من الأشخاص على مساحات من الشواطئ بات يفرض على المصطافين دفع مبالغ مالية كبيرة، أو يضطرون إلى الذهاب إلى شواطئ أخرى غير مجهّزة للسباحة".
من جهته، يبيّن المكلّف بإدارة الملك العام البحري في وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي، وليد الرفاعي، أنّ "الوكالة منحت 220 رخصة لاستغلال الملك العام البحري، منها 20 رخصة للبلديات"، لافتاً إلى أنّ 65 في المائة منها هي في إطار التجديد". ويؤكّد أنّ "ما يحسب لهذه الحملة الوطنية الاستثنائية هو آلية التنفيذ التي دعمتها عناصر من الأمن الوطني والشرطة البلدية والحماية المدنية، بالإضافة إلى أعوان وموظفي وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي".
على صعيد آخر، يشير إلى "تحرير أكثر من 200 محضر مخالفة خلال الحملة الوطنية الاستثنائية لمراقبة التجاوزات على الشواطئ في جميع الولايات الساحلية"، مضيفاً أنّ "عدد المخالفات المسجلة لا يعكس حجم التجاوزات الحقيقي، خصوصاً تشييد الأكشاك العشوائية على الشواطئ ووضع مظلات من دون ترخيص مسبق من وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي".
أمّا رئيس منظّمة الدفاع عن المستهلك سليم سعد الله، فيتحدّث لـ "العربي الجديد" عن "وجود سماسرة يستغلّون مساحات كبيرة من الشواطئ لتأمين الأرباح، الأمر الذي أثقل كاهل الأسر التونسية. على سبيل المثال، تدفع العائلة عشرة دولارات أميركية بدل استئجار مظلة".
تجدر الإشارة إلى أنّ وزير البيئة وبعدما التقى عدداً من المسؤولين في الولايات، أشار إلى أنّ محافظة نابل في الشمال التونسي تتصدر القائمة في عدد المخالفات المرفوعة، التي وصلت إلى 900 مخالفة، تليها محافظة بنزرت مع 380 مخالفة، ثم محافظة سوسة مع 288 مخالفة، ومحافظة صفاقس مع 276 مخالفة.
من جهة أخرى، لم تشمل الحملة كل الشواطئ في ظل العدد المحدود لأعوان الرقابة، فيما تقصد عائلات بعض الشواطئ غير المهيأة أو البعيدة عن النزل والسماسرة، حتى وإن لم تكن نظيفة. هي مضطرة إلى ذلك.
في سياق متصل، رصدت إدارة حفظ الصحة 20 شاطئاً لا يمكن السباحة عندها خلال هذا الموسم. وتعمل الوزارة على إدارة شبكة تتألّف من 517 نقطة مراقبة على امتداد الشريط الساحلي، بهدف أخذ عينات من الشواطئ لاختبارها بشكل دوري، وتقييمها ومياهها بين "حسن جداً" و"رديء جداً".
إلى ذلك، كشفت عينات في العام الجاري، أنّ أربعة في المائة من النقاط صنّفت رديئة جداً، أي 20 شاطئاً فقط. كذلك، تهتم الوزارة بمراقبة نظافة الشواطئ طيلة موسم الصيف، ومتابعة عمل البلديات.