يعرض الكتاب في بدايته الفترة التي عايشها عبد الرحمن في سورية، بعد انتقاله مع أسرته مهاجرًا من قرية لوبيا في فلسطين إلى لبنان، ومن ثم إلى دمشق، حيث تفتّح وعيه السياسي، فالتحق بحزب البعث الاشتراكي فور إعادة تشكيله في عام 1962.
كما شهد ثلاثة انقلابات في سورية؛ الأول في عام 1961، والثاني والثالث في عام 1963، ليتفرغ بعد الانقلاب الأخير للعمل الحزبي، ويتولى إدارة مكتب صحيفة البعث في حلب.
ينقلنا الكتاب إلى مرحلة جديدة من حياة المؤلف، بالتحاقه بصفوف حركة فتح فور إعلان انطلاقتها في عام 1965، ليعمل فيها مراقبًا ماليًا مركزيًا، ثم مشرفًا على تنظيم العمال التابع للحركة، ومسؤولًا عن إذاعة "صوت العاصفة" و"صوت فتح" في القاهرة في عام 1969، ثم مسؤولًا عن إذاعتها البديلة التي كانت تبث من مخيم برج البراجنة في لبنان، ليعود بعد حوادث أيلول/ سبتمبر في الأردن إلى دمشق ويتولى رئاسة تحرير صحيفة فتح التي كانت تصدر هناك.
بدأت رحلة العمل الدبلوماسي لخير الدين عبد الرحمن، كما يروي الكتاب، حين تولى مسؤولية مكتب التعبئة والتنظيم التابع لحركة فتح في عام 1971، فأُسندت إليه في تلك الفترة مهمات دبلوماسية خارجية.
يأخذنا الكتاب في جولة في القارة الأفريقية، ليقدم لنا من خلالها صورة مقربة لطبيعة العلاقات الفلسطينية – الأفريقية، مقابل العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية. ويعرض نماذج للمعارك السياسية التي كانت تخوضها المنظمة في أهم معاقل النشاط الاستخباراتي الصهيوني، كما كان الحال في كل من كينيا وإثيوبيا وزائير وغيرها.
من جانب آخر، يقدّم الكتاب في ثنايا التجربة الخاصة بالمؤلف صورة للنظام السياسي الداخلي الذي ربما فرضه الظرف التاريخي على منظمة التحرير الفلسطينية، فهي من ناحية لها شكل ديمقراطي ينبذ العصبيات المناطقية والقبلية، ويصهر جميع الفصائل في بوتقة نضال واحدة، تدعو إلى الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني، ومن ناحية أخرى لا تلتزم مبدأ التشاركية في اتخاذ القرارات وتنفيذ الإجراءات.
يورد الكتاب مواقف وحوادث تعكس تقلباتٍ وعدم توافق في الصف الفلسطيني الداخلي، لم تقتصر على التحولات والانشقاقات وحالات التمرد التي شهدتها حركة فتح، وإنما بلغت أحيانًا حدّ ازدواجية التمثيل الخارجي.
يذكر أن خير الدين عبد الرحمن شغل منصب المفوض السياسي العام ومسؤول دائرة التعبئة الفكرية والتوجيه السياسي في القيادة العامة لقوات العاصفة، وممثل فلسطين وسفيرها في دول عديدة.