ـ كيف جرى أن تقلّص العالم من حولي
إلى كذبة.. كذبة هائلة الحجم،
بحجم الأرض مثلاً..
أرضنا.
ـ اقترح لي ورق الحظ ما يكفي من الحرمان والكذب.
حرمان يُفضي إلى حرمان ثم
حرمان...
ــ كل هذه البرك الموحلة ظهرت كعلامات فارقة
لمّا جثم الحزن على المدينة.
ماكر هذا الحزن،
يعرف كيف يدخل من الأبواب المواربة
ليضغط حتى الهواء الساكن في الصدور.
حينها لم يكن لديّ متسع من الوقت كي أحيا
كنت مشغولة في عمليات الحتّ والتعرية..
تعرية وحتّ
حتى تلاشيت.
ــ سأكنس إلى الهامش
كل أوراق الأشجار المتجلّدة..
الذينَ ينشرون الكذب بيننا
الغجريةَ التي تنبّأت لنا يوماً بالسعادة
الشعارات كثيرة الهلام
كوابيس نهاية العالم
المحظورات
الأوسمة التي لم ننلها
ضحكنا القسريّ
أشجار الزيزفون المعمّرة
القلاع نصف المهدمّة
فوهات البراكين المتربصة
إلا أنت أيها الشعر العظيم، لن تكون على الهامش
رغم العجز الذي يأكلك.
ــ هل استيقظ شهر الكذب؟
ولكن ماذا عن مشيته غير الواثقة، وعينيه المتعبتين؟
لو عاد أدراجه سيكتهل الكون.
التُهمُ الموجّهة ضدّي غير مُقنعة،
شطبوا اسمي من التاريخ لأن
دمائي غير ملكية،
قالوا: "أنتِ كذبة"
شوّهوا وجهي المنحوت على خط الأفق،
وأثقلوا كاهلي بقصص وأساطير لا تُحصى.
كلّ الذي اقترفته هو أنني عبرتُ
النهر رفقة أرواح عائمة إلى
وديان تطلق العنان لحجارة
تشجُّ نواياهم.
ــ ظللت أرقب تفتّح الأقحوان على الثلج
حتى ومضَتْ روحي.. روحي التي لا تكذب،
بدا الأمر حينها وكأنّ
كوناً اندثر وآخر ولد.
ــ أفكار لا طائل منها تناثرت حينما
فقأنا خرّاج الذاكرة، وأتلفنا كل الكذب
وعادت قلوبنا ريّانة.
ــ وسأنتظر
لأنني أحتاج انتظاري كحاجته لي،
أنا المشتري المجهول له.
شكّلته من ماس أصفر ونادر.. نادر للغاية،
وها أنا أنتظر.
اخترت لانتظاري قلادة؛ خفافيشها المرصّعة
لجلب الحظ الجيد كما أظن،
وعلى كتفي نقش بارز أسود
ليحميني ويحمي انتظاري الخاص جداً،
اشتريته من أحدهم
بقطع من الزمرد وكثير من الماس.
يوماً ما سينضب انتظاري،
وهذا مؤسف للغاية،
بل مفزع.
* شاعرة سورية؛ صدرت لها ثلاث مجموعات شعرية؛ كانت أولاها بعنوان "لا تشِ بي لسكّان النوافذ" (2009)، أتبعتها بـ "أمكث في الضّدّ" (2011)، ثم "لمّا استقبلني الماء" (2013). تترجم الشعر عن اللغة الإنكليزية وصدر لها الترجمة "كتاب الهايكو" للشاعر الأميركي جاك كيرواك (2014، منشورات "ضفاف" و"الاختلاف").