عام 2016، كتبت المسرحية اللبنانية ريتا إبراهيم نصاً بعنوان "نقل حيّ"، كان أول محاولة لها لكتابة نص للخشبة مدفوعةً باستفزاز وسائل الإعلام وبرامج تلفزيون الواقع المختلفة. عُرض النص وقتها في بيروت، ثم أتبعته بنص آخر بعنوان "ع الأوتوستراد" كان أقرب إلى فن "الستاند آب كوميدي"، وموضوعه القيادة والشوارع والسائقون في لبنان.
وفي عرضها الجديد "كوما"، الذي يقُدمّ قريباً في بيروت، تتناول إبراهيم قصّة عائلة عالقة بسبب غيبوبة طفلها في غرفة في أحد المشافي.
في حديثها إلى "العربي الجديد"، تقول إن المسرحية "عن الأبوين اللذين ينتظران لحظة استيقاظ الابن من الكوما. نكتشف كيف يتحوّل الغائب عن الوعي إلى محور حياة الأب والأم، ونراقب تصرّفاتهما حوله والجدالات التي تحدث بينهما، وحتى التنافس على من يمنح عاطفةً أكثر للابن بينما هو غائب في عالمه، لا يجمعهما إلّا هذه الأزمة ولا يوجد موضوع بينهما سواه، ولم يعد هناك ما يمكن الحديث عنه في الانتظار".
كانت إبراهيم في البداية تستلهم عمل بيكيت "في انتظار غودو" لأنَّ فكرة الانتظار هي ما تشغلها، وكانت "الكوما" وسيلةً لمعالجة هذه الفكرة في لحظة عالقة بين الحياة والموت. يرتبط الاثنان بالعالم الخارجي من خلال الراديو، تقول المتحدّثة، ويسمع المتفرّج خلال العرض ما تبثه الإذاعة أيضاً مع الشخصيات، وكلُّ ما يصل من أخبار هذا العالم على ما يبدو هو الحرب، تنتهي واحدة وتبدأ أخرى، تُطوى صفحة الحرب الأهلية فتأتي حرب 2006 وهكذا.
يظلّ الأب والأم حبيسين في الغرفة يعيشان حالة مركّبة من الانتظار؛ أن تنتهي الحرب وأن يفيق الصبي أو يموت. الجميع يترقّب ويتوق إلى لحظة نهاية حتى وإن كانت العدم؛ الشخصيتان والناس الذين تصل أخبار حروبهم في الخارج، وكذلك الإنسان الغائب عن الوعي في انتظار الحياة أو الموت.
أكملت إبراهيم دراستها في المسرح عام 2002 ثم تابعت الماجستير؛ حيث بدأ اهتمامها بدراسة كتابة السيناريو. عن ذلك تقول: "لا يوجد لدينا الكثير من محترفي كتابة السيناريو، هؤلاء قليلون في تجربة المسرح العربي"، وتضيف: "أكتب النص والإخراج في آن واحد، وأكون قد بنيت المشهد أثناء الكتابة، وهذا يُسهّل عليَّ عملية الإخراج التي أعتقد أنها أكثر تعقيداً من عملية التأليف التي يكون فيها المسرحي حرّاً مع نصه، قبل أن يصل إلى لحظة تتطلّب الصقل والتعامل مع الشخصيات بشكل حقيقي".
تستمد إبراهيم خلفياتها المسرحية من تجارب عالمية تأثّرت بها، ورغم أنها لا تنتمي إلى عالم زياد الرحباني المسرحي، لكنها تعتبره الأقرب إليها، وتصف مسرحها بـ "العبثي"، مؤكّدة أن تجربتها ما زالت "صغيرة".
قد تتشاجر وتتجادل المخرجة مع المؤلّفة حتى حين تكونان شخصاً واحداً، لكن يظل صوت المخرجة أقوى بالنظر إلى ضرورة السيطرة على النص لحظة وصوله إلى الخشبة، يساعدها في ذلك دراستها "إعداد الممثل" في السنتين الأخيرتين.