ينطلق اليوم "معرض بيروت العربي الدولي للكتاب"، في دورة هي الستون من عمر التظاهرة التي انطلقت في ربيع 1956 بمبادرة من "النادي الثقافي العربي" وما زالت مستمرة إلى اليوم، إنما انضمّت إليها للتنظيم، منذ عشرين عاماً، "نقابة اتحاد الناشرين في لبنان".
في سنته الأولى كان المسؤولون عن إطلاق أول معرض للكتاب في البلاد العربية، مثقفون من جنسيات عربية مختلفة إلى جانب اللبنانية، من بينهم الشاعر نزار قباني من سورية ومحمد جردانة من الأردن، إضافة إلى استاذ الاقتصاد برهان دجاني من فلسطين، وآخرين كلهم من التيار القومي العربي.
بهذه الروحية وهذا المزاج، بدأ "بيروت العربي للكتاب" لكن إلى أين وصل اليوم؟ وأين اختفى المثقف العربي الشريك مع النادي، وكيف تلاشت علاقته بتنظيم واقتراح مبادرات في المعرض؟
في حديث إلى "العربي الجديد" يقول رئيس "النادي الثقافي العربي"، فادي تميم: "نعيش تراجعاً ثقافياً كبيراً وهذا ما وصلنا إليه على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي، لا يمكن تجاهل أثر الأحداث التي مرت بلبنان والمنطقة العربية على العلاقات الثقافية والمشاريع من هذا النوع".
ورغم الكثير من اللغط عن تراجع مستوى المعرض والمشاركات العربية والدولية في السنوات الأخيرة، إلا أن تميم يصرّ على أن ما يتاح في "معرض بيروت الدولي للكتاب" ليس متوفراً في أي معرض آخر، "فلم يحدث أن مُنع أي كتاب في تاريخ المعرض، إلى جانب رغبة الكتّاب في توقيع إصداراتهم في بيروت بإقبال أكبر من معارض الكتب الأخرى"، يقول تميم. وهذا صحيح إلى حد كبير، مقارنة بما يحدث في معارض عربية أخرى، كبعض معارض الكتاب الخليجية، من منع ومصادرة، أو ما حدث في معرض الجزائر الأخير للكتاب، حيث بلغ عدد الكتب الممنوعة مئتي عنوان تقريباً.
لم يكن يزاحم، معرض بيروت، المتواصل حتى 14 من الشهر الجاري، والذي يقام منذ عقدين في نفس التاريخ، معرض عربي آخر للكتاب في هذا التوقيت، لكنه هذا العام يتزامن مع "معرض الدوحة الدولي للكتاب". عن تأثير التزامن على حضور الناشرين، لا سيما أن عدد الناشرين في معرض الدوحة يفوق الـ 400 وفي بيروت يناهز الـ 200؛ يرد تميم بأن محاولة التنسيق مع معرض الدوحة، جرت في مؤتمر "مستقبل وتحديات معارض الكتب العربية"، والذي نظمه "اتحاد الناشرين العرب" بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية في أيلول/سبتمبر الماضي، "لكن بالنظر إلى أن معرض بيروت لا تنظمه مؤسسة حكومية بخلاف المعارض العربية الأخرى، لم يكن ممكناً التأثير على معرض الدوحة وتغيير التاريخ".
المفارقة، أن ثمة أمر مشترك آخر بين "الدوحة" و"بيروت" إلى جانب التوقيت، وهو حضور جديد للصين في كلا المعرضين.
"بيروت للكتاب"، ورغم الذكرى الستين، لم يخصص فعالية أو محاضرة حول ذاكرة المعرض الثقافية أو السياسية، ومروره بسنوات الحرب مثلاً، ويبرر تميم ذلك بأن النادي لا يرغب في استهلاك المساحة المخصصة للفعاليات الثقافية وأجنحة الكتب.