رحل الروائي والناقد الأرجنتيني ريكاردو بيجليا (1941 -2017) أمس الجمعة، والذي يعدّ من أبرز كتّاب القصة القصيرة والمنظّرين لها قبل أن يتوّجه إلى الرواية ويصدر رواياته الخمس، وهي: "التنفّس الاصطناعي" (1980)، و"المدينة الغائبة" (1992)، و"المال المحترق" (1997)، و"ليلة بيضاء" (2010)، و"الطريق إلى إيدا" (2013)، التي نقلها إلى العربية عبد السلام باشا، وصدرت ترجمتها عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب" عام 2015.
تتقاطع روايته الأخيرة مع اشتغاله النقدي والأكاديمي على نظريات الرواية وأدب أميركا اللاتينية، حيث درّس في عدد من جامعات بلاده وفي الولايات المتحدة، فهي من الأعمال التي تتحدّث عن الأدب والروايات ومن يكتبونها ويدرسونها، حيث يسعى بطل الرواية إلى كشف الرابط بين روايات جوزيف كونراد وعالم رياضيات اعتزل العالم خلال عشرين عاماً، وقرّر شن ّحرب على النظام الرأسمالي، ممثلاً في أميركا.
عانى صاحب كتاب "النقد والخيال" (1986) من مرض عضال أقعده عن العمل منذ سنوات ثلاث، حتى رحل البارحة في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس التي عاد إليها منذ أشهر قليلة حيث أقام سنواته الأخيرة في الولايات المتحدة، بحسب ما أعلنه ناشره "أناجراما".
تتسم أعمال بيجليا بالاتكاء على عقدة بوليسية شعبية بتخليقه شخصية محقّق في عدد من أعمالها والنهل من السيرة الذاتية لينفذ من خلالهما للحديث عن تاريخ بلاده، وتاريخ الأدب فيها وفي العالم، وقد ابتدأ مسيرته الأدبية بإصداره مجموعته القصصية الأولى التي حملت عنوان "الغزو" عام 1967، كما أصدر بعدها ثلاث مجموعات هي: "اسم مستعار" (1975)، و"السجن مدى الحياة" (1988)، و"حكايات أخلاقية" (1995).
في تنظيره حول القصة القصيرة، لفت إلى أنها "حكاية تنطوي على حكاية سرية. والمسألة هنا لا تتعلق بمعنى خفي يعتمدُ على التأويل، فاللغز ليس سوى قصة مروية بطريقة مُلغزة. توضع إستراتيجية الحكاية في خدمة السرد المشفّر والمضمر. كيف تحكي حكاية بينما يتم سرد حكاية أخرى؟ في هذا السؤال تجتمع المشكلات التقنية للقصة القصيرة".
يذكر أن ريكاردو بيجليا يعدّ أحد أبرز الكتّاب الأرجنتيين الذين شكّلت أعمالهم الروائية نقطة تحوّل على مستوى الأسلوب وتقنيات السرد، كما لاقت اشتغالاته النقدية تقديراً مماثلاً، ومن أبرزها: "الأرجنتتين في أجزاء" (1993)، و"أشكال موجزة" (1999)، و"القارئ الأخير" (2005).