على مر العصور، جمع الجسد الأنثوي بين أن يكون مرغوباً ومدهشاً وأن يكون مخيفاً وأن يتعرّض إلى الإساءة والاضطهاد وأن يُوسم بأجمل وأقبح الصفات، تحاول الباحثة الأكاديمية الهولندية مينيكه شيبر أن تقارب تاريخ هذا الجسد في كتابها "تلال الفردوس، تاريخ الجسد الأنثوي بين السلطة والعجز" الصادر مؤخراً عن "دار صفصافة" في القاهرة بترجمة عبد الرحيم يوسف.
توضّح المؤلّفة كيف أن تشريح الجسد الأنثوي وغموضه على الرجل والخوف من تبعية الأخير للرحم وممرّاته المظلمة ساهم في خلق الأساطير حوله لتهدئة هذه المخاوف، ما أدّى لاحقاً إلى حرمان النساء من الوصول إلى المجالات العامة بسبب "تشويه" الذكور للتشريح المؤنت.
كتاب شيبر هو مساهمة عميقة في فهم أصول عدم المساواة بين الرجل والمرأة، والتي تكمن في المقام الأول في الاختلافات الجنسية الجسدية التي يظهرونها، حيث تحلّل الكاتبة المعاني الثقافية التي أعطيت للطمث والإرضاع والولادة وحليب الأم وغيرها.
يلتقي قارئ الكتاب بنظرة الذكر التاريخية والعابرة للجغرافيا إلى الجسد الأنثوي في الفن والأمثال والأساطير والتعاليم و"العلم" والكتاب المقدس، إنه بمثابة قصة لكيف أنكر الرجال على مرّ العصور القوّة الجسدية للمرأة، والسعي في الوقت نفسه للسيطرة عليها.
تدعو صاحبة "إياك والزواج من كبيرة القدمين" و"المكشوف والمحجوب" إلى إعادة النظر والسعي إلى مسار أفضل حيث لا يُعتبر الاختلاف الجنسي عذراً للتسلسل الهرمي.
تقدّم شيبر جهداً معرفياً كبيراً لدحض فكرة أن المرأة بطبيعتها هي الجنس الأضعف، ففي رأيها كانت النساء دائماً تهديدًا لسلطة الرجال، وبالتالي كان ينبغي ترويضها بشكل منهجي والبداية كانت من الجسد.