على مدار عقود عدّة، تجاهل القائمون على "متحف أفريقيا" في بروكسل جملة الانتقادات التي وجّهت لتلك القطع الأثرية ومشاهد الحياة الطبيعية التي يعرضها من بلدان في القارة السمراء استعمرتها بلجيكا متجاهلين الإشارة إلى المجازر التي ارتكبت هناك، حيث يقدّر عدد القتلى من الكونغوليين وحدهم بالملايين.
منذ أيام، تم الإعلان عن إعادة افتتاح المتحف في كانون الثاني/ ديسمبر المقبل ضمن رؤية تنتقد الماضي الاستعماري الذي بدأ منذ استولى الملك ليوبولد الثاني (1865-1909) على الكونغو واعتبرها إقطاعية شخصية حيث أسّس شركة فيها قامت باستخدام المواطنين كعبيد لديها من أجل استخراج الماس والكوبالت والبلاتين والذهب، قبل أن تتحوّل إلى محمية عسكرية في بدايات القرن العشرين.
في واجهة المكان الذي يقع في حديقة في إحدى ضواحي العاصمة وأغلق عام 2013، يوجد تمثال من الذهب لمبشر أوروبي يحمل طفلاً أفريقياً مع لوحة إرشادية كُتب عليها: "بلجيكا تجلب الحضارة إلى الكونغو"، والتي سيتم إضافة عبارات توضّح السياق التاريخي لدخول قوات الإمبراطوية البلجيكية لأفريقيا.
لا تزال مرحلة الاستعمار الأوروبي تحظى بمراجعات عديدة حولها لدى أوساط المؤرخين والقيمين على المتاحف لم تحسم بعد، حيث أعلنت بريطانيا مؤخراً عن نيتها إنشاء متحف متخصّص لتاريخ إمبراطوريتها في القارة الأفريقية منذ القرن التاسع عشر، ولكن العديد من الباحثين يشيرون إلى أن هذه الخطوات ليست كافية في منح صورة شاملة عن نهب الموارد وتجارة الرق التي مارستها بلدان أوروبية عديدة بذريعة تحديث الأفارقة وتطوير مجتمعاتهم.
مسألة أخرى لا تزال تثير الجدل، تتعلّق بإعادة مقتنيات هذه المتاحف إلى بلدانها الأصلية، حيث تسلمت "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" (اليونسكو) الأسبوع الماضي دعوى قدّمتها إليها زامبيا تطالب فيها لندن باستعادة إحدى جماجم مواطينها الذين قضوا على يد الاستعمار البريطاني، وتم اكتشافها عام 1921.
في السياق نفسه، يحتوي "متحف أفريقيا" في العاصمة البلجيكية على آلاف الجثث لمواطنين أفارقة، ومثلها لحيوانات محنّطة، وصوراً لعينات من الصخور التي جرى استخراج المعادن منها، وآلاف الآلات الموسيقية التي تمثّل التراث الأفريقي، ومجلات وسجلات تتناول تلك الحقبة، وخرائط حملها المكتشفون والمبشرون والجنود البلجيكيين، ومنتجات زراعية للبلدان المستعمرة مثل البن والكاكاو والتبغ، وعينات من الأخشاب التي جمعت بعد اقتلاع مساحات كبيرة من الغابات، وستتيح المساحة الإضافية التي أضيفت للمتحف بعد التجديد الفرصة لتنويع المعروضات لتشمل مجموعة من قطع الفن المعاصر من أفريقيا الوسطى.