رغم أن فلسفة الجمال برزت في القرن الثامن عشر وفق مفاهيم وتنظيرات متماسكة، إلا أن العديد من الباحثين يعيدون تأسيسها إلى الحضارات القديمة، حيث أشار الفلاسفة الأغريق إلى الجمال كحالة جدل بين الشكل والمادة أو في تفسيرهم لعملية المحاكاة في الفن.
في الحضارة الإسلامية، يبرز اسم الفارابي الذي وضع أولى الأدبيات في هذا الحقل الفلسفي، الذي حاول الجمع بين الفلسفة اليونانية والنصوّف حيث الجمال هو تحقيق قيم الخير والاقتراب من العقل الفعال وأن الفنان يسعى إلى إضفاء المزيد على جماليات الطبيعة صمن عملية إبداعه، إلى جانب كتابات ابن سينا عن التناسب والأخلاق كمجال عند ابن رشد ومقاييس الجمال عند أبي حيان التوحيدي وآخرين.
"فلسفة جمالية إسلامية؟ مناهج واستكشافات" عنوان المحاضرة التي يلقيها أستاذ الجماليات الفلسفية في "الجامعة اللبنانية الأميركية" الباحث سمير محمود عند السابعة من مساء اليوم الأربعاء في "مدرسة الفنون التقليدية" بـ"مؤسسة الأمير" في لندن.
يتناول المحاضر الأساليب المختلفة التي يتبعها الباحث عند دراسة علم الجمال الإسلامي والثقافة البصرية، مشيراً إلى عدم وجود مصطلح يوازي فلسفة الجمال او الأستطيقا كما هو موجود في الفلسفة الغربية التي استندت إلى التراث الإغريقي في تشكيله.
يوضّح محمود أن فهم "الحساسيات الجمالية" للمجتمعات الإسلامية على مرّ القرون وفي أجزاء مختلفة من العالم، فإن المجال الأساسي الذي يعكس جملة التنظيرات والممارسات حول الجمال هو الفن والعمارة اللذين ترجما العديد من المخرجات والخلاصات المتعلّقة بالفلسفة والمؤلّفات حول العقيدة والأدب والنقد وسواها.
لا يذهب الباحث إلى أية محاولة لإيجاد معادل لمصطلح فلسفة الجمال والمفاهيم المرتبطة بها مثل الإدراك والصورة والشكل والتناسق في تاريخ الإسلام، إنما يقدّم رؤية نقدية لفهم المسلمين الأوائل للعلاقة بين الجمال والفن حيث لم يسعوا مطلقاً لتطوير نظرية في هذا المجال، حيث ربطوا بين الجماليات والنقاشات اللاهوتية والفلسفية والفقهية أو سياقات فكرية تتصل بعلوم أخرى.
لكنهم في الوقت نفسه، بحسب محمود، لكنهم درسوا بشكل معمّق اللون كعنصر أساسي في الفن والعمارة وتفسيراتهم المتعدّدة حوله، إلى جانب إدراكهم لطبيعة التذوق الجمالي وتنظيرهم حول تلقّي الفنون.