لأكثر من ربع قرن، استضافت الكاتبة والفنانة التشكيلية المغربية زهرة زيراوي (1940 – 1977)، التي رحلت أمس الإثنين في الدار البيضاء، في صالونها الأدبي معظم الكتّاب العرب الذين زاروا المغرب، ليديروا حوارات مع نظرائهم من المثقّفين المغاربة، في حالة قلّ نظيرها بسبب تباعد الجغرافيا والسياسة.
تخرّجت من "دار المعلمين" عام 1961، وعملت في التدريس عقوداً، لكنها اتجهت في وقت باكر إلى الصحافة، لتبدأ نشر نصوصها ومقالاتها، إلى جانب ممارستها الرسم، إذ شاركت في عدد من المعارض الجماعية والفردية داخل المغرب وخارجه، وكان لها اشتغالاتها في النقد التشكيلي كذلك.
تأخّرت زيراوي في إصدار عملها القصصي الأول "الذي كان" حتى عام 1994، ثم أصدرت في القصة "نصف يوم يكفي" (2000)، و"مجرد حكاية" (2002)، و"حنين" (2004). وفي الشعر، مجموعة بعنوان "لأني" (2012)، إلى جانب كتابها "الفن التشكيلي – مقامات أولى" (2005).
في روايتها الوحيدة "الفردوس البعيد" (2016) انعكاس لسيرة حياتها، هي التي ولدت في عائلة تعنى بالشأن الوطني، حيث تُحاكم والدتها المثقفة الاستعمار الفرنسي في المغرب في حديثها إلى ابنتها، وكذلك تروي اضطرار أسرتها إلى الانتقال في تلك الفترة إلى سورية، وترحالها في ما بعد بين فلسطين ومصر والحجاز وتركيا ثم عودتها إلى بلادها.
تركت تلك الأحداث أثرها في ذاكرة زيراوي، وفي تشكّل توجهاتها الفكرية، إضافة إلى تأثّرها بعدد من أساتذتها، ومنهم: الباحث المصري رشدي فكار (1928 – 2000)، والكاتبة والباحثة المصرية عائشة عبد الرحمن (1913 – 1998)، والمفكر المغربي محمد عابد الجابري (1935 – 2010).
في عام 1990، حوّلت الراحلة بيتها إلى صالون أدبي احتضن لقاءات ثقافية وأمسيات شعرية واهتمّ بالكتّاب الشباب، واستضاف ورشات في التشكيل، وكرّم عدداً من المبدعين والمثقفين العرب، وظلّ مفتوحاً حتى يوم رحيلها.