من لبنان التي خرج منها متخفياً ليهرب من قوات الاستعمار الفرنسي التي كانت تطارده بسبب نشاطه المعادي لها، ليمضي في مصر بقية عمره مشغولاً بالعمل العام والصحافة والكتابة الأدبية، ونشطاً في مخاطبة الزعماء والنخب الثقافية من أجل حلمه الذي رحل دونه.
صدر عن سلسلة "طي الذاكرة" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" كتابه "مذكراتي على هامش القضية العربية" بتقديم وتحقيق خالد زيادة، الذي يوثّق مرحلة تزيد على نصف قرن من الزمن، منذ تأسيس أول المنتديات في إسطنبول حيث كان يتابع الدراسة بعد إعلان الدستور العثماني عام 1908، مروراً بالقاهرة إلى المشاركة في النشاط السياسي في دمشق إثر قيام الحكومة العربية (1918-1920)، وصولاً إلى نهاية الخمسينيات من القرن العشرين.
يشير زيادة في التقديم إلى أن "فكرة الزعيم أو القائد الذي تعلّق الأمة عليه آمالها راودت داغر مبكراً، وكان لا يزال طالباً في إسطنبول حين وجد في اللواء عزيز علي المصري الشخصيةَ القيادية التي يمكن أن تقود الأمة، خصوصًا أنه كان عسكريًّا مرموقًا خاض الكثير من المعارك، ومؤيدًا للانقلاب الدستوري وداعمًا له".
ويضيف "إلا أن داغر فقد الأمل في عزيز علي تدريجياً بعد أن شغلت أمور عديدة هذه الشخصية التي لم تعُد قادرة على أداء الدور الذي يتوخاه منها. وتسنى لداغر أن يلتقي عبد الناصر في اجتماع عامٍّ ضمَّ أصحاب الصحف، فأطال النظر إليه ودرس حركاته وسكناته، كما يقول، فوجد فيه الزعيم الذي اختاره الله لإنقاذ الأمة العربية".
في الفصل الأول "في عهد الطفولة"، يتحدث عن كيفية معرفته أنه عربي، وعن كيفية اعتناقه القضية العربية. أمّا في الفصل الثاني، "في العاصمة العثمانية"، فيروي تفاصيل سفره إلى العاصمة العثمانية التي شهد فيها خلع السلطان عبد الحميد الثاني وبوادر الخلاف بين العرب والترك، والتي عرف فيها الصهيونية أيضاً. في حين يتحدث في الفصل الثالث "قبل الحرب الأولى"، عن الآراء المتضاربة في السياسة العربية، وتعرفه إلى الملك فيصل بن الحسين، واعتقال عزيز علي المصري ومحاكمته ثم الإفراج عنه.
يتناول المؤلف في الفصل الرابع "المؤتمر العربي الأول" من حيث اجتماعه وقراراته، وتحسُّن العلاقات بين العرب والترك. ويتكلم، في الفصل الخامس "في مصر من سنة 1914 إلى سنة 1919"، عن الحماية على مصر، ووعود الحلفاء للحسين بن علي، والمظالم والفظائع في سوريا. ثم يتحدث، في الفصل السادس "الثورة العربية الأولى"، عن الأسباب المباشرة للثورة العربية، والعرب وثورة الحسين، ووعد بلفور، والعلاقات بين الحسين وزعماء العرب. وإثر ذلك يتناول، في الفصل السابع "في سوريا سنة 1919-1920"، سفره إلى دمشق، ولجنة كراين، والرأي العام وتطوره في سوريا، وتطور الوعي الوطني، ونوري السعيد وتطور سياسته.
في الفصل الثامن "في مهب العاصفة"، يعود المؤلف إلى تناول الوعي العربي، متحدثاً عن معركة ميسلون، ولجنة الاستفتاء في سوريا واتفاق فيصل – كليمنصو، والإنذار الفرنسي، وآخر لقاء مع يوسف العظمة والفتنة في حوران. ثمّ يتناول في الفصل العاشر "في مصر من سنة 1920"، مرور الملك فيصل بمصر، ومبايعته ملكاً على العراق، وأثر الثورة السورية، وفشل التفاهم بين سوريا وفرنسا. أمّا في الفصل الحادي عشر، "في بغداد"، فيتحدث عن أولى رحلاته إلى العراق، في حين يتحدث في الفصل الثاني عشر، "قصتي مع نوري السعيد"، عن حقيقة نوري السعيد وتطور علاقته به من علاقة جيدة إلى علاقة سيئة. أمّا في الفصل الثالث عشر (الفصل الأخير)، "في خلال الحرب العالمية الثانية وما بعده"، فيتكلم على مؤتمر لندن، وظهور جريدة القاهرة، وجمعية الوحدة العربية.