لم تشكّل هذه الحادثة سبباً أساسياً في رفض صاحب "السيمفونية التاسعة" للأنظمة الملكية في أوروبا آنذاك نتيجة اضطهادها السياسي والطبقي، بل كان تمردّه أسبق بكثير عبر تأييده للعديد من التيارات الثورية في عصره، وانعزاله في فترة متأخرة من حياته صالونات الطبقة البرجوازية.
"بيتهوفن: الثائر بلا هوادة" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً عن منشورات "دبليو. دبليو. نورتون آند كومباني" للباحث والمؤرخ الفني جون كلوب، الذي يعود إلى سنوات الشباب الأولى من حياة الموسيقار في مدينته بون حيث طغت الأفكار الراديكالية على حديث المقاهي والجامعات في تلك الفترة.
من الأجواء الليبرالية التي عاشتها بون إلى حدٍ كبير، آنذاك، انتقل صاحب "سوناتا ضوء القمر" إلى مدينة فيينا المحافظة. التي كانت عاصمة إمبراطورية هابسبورغ التي كان حكّامها يمارسون القمع السياسي تجاه معارضيهم ويفرضون رقابة شديدة على جميع سكّانها.
يربط المؤلّف بين موسيقى بيتهوفن وبين إيمانه بالتنوير ومبادئ الثورة الفرنسية وإعجابه بشخصية نابليون بونابرت وصعوده المتسارع في مواجهة الملكيات التي كان مؤمناً بزوالها وبزوغ جمهوريات تحترم مواطنيها على أساس من العدالة، لكن السعي إلى تأمين لقمة العيش حال دون أن يعبّر عن آرائه.
يحلل كلوب أفكار الموسيقار الألماني من أفكاره من خلال موسيقاه، وتحديداً السيمفونية الثالثة (أو سيمفونية البطولة) التي ألفها عام 1803، وتشير العديد من الروايات أنها كانت مخصّصة في البداية لنابليون، وكذلك العمل الأوبرالي الوحيد الذي ألّفه تحت عنوان "فيديليو" عام 1805.
كلا القطعتين تعتبران مؤلّفات ثورية في موضوعها وبنيتها الموسيقية قياساً إلى تلك الفترة، وبحسب العديد من المعطيات وتحليل بعض الحوادث، يخلص الكتاب إلى أن بيتهوفن توازي أفكاره الثورية ما قدّمه كلّ من فريدريك شيلر ويوهان غوته وجورج غوردون بايرون وألفيكونت دوشاتوبريان وفرانشيسكو غويا.