غالبا ما يرتبط الابتكار الفني بالخلل النفسي، وقد تطوّر فهم هذه العلاقة مع مرور الوقت وتقدّم التحليل النفسي وظهور دراسات حول مبدعين مرضوا نفسياً أو فقدوا عقلهم، مقابل ظهور شقّ آخر يقترح علاج المرض النفسي بالفن، فهل الفن يقود إلى الجنون أم أنه قد يحمي منه؟ وهل يمكن أن يكون الجنون خلاقاً؟ وكيف يتمّ تمثيله في الفن؟ وهل يمكن اكتشاف الجنون والاضطراب النفسي من خلال العمل الفني؟
هذه الأسئلة وأكثر منها ستشكّل محاور محاضرة الطبيبة والباحثة في تاريخ الفن آن ماري دوبوا والتي تلقيها عند السابعة والنصف من بعد غد الثلاثاء في "المؤسسة الأميركية" في باريس تحت عنوان "الفن والمرض".
لدوبوا كتاب "من فن المجانين إلى العمل الفني" وهو المجلد الرابع الذي درست فيه مقتنيات متحف مستشفى سانت آن في باريس، والذي يضمّ أعمالاً يعود أقدمها إلى عام 1858، ومن بينها لوحات لفنانين من بينهم المسرحي الفرنسي أنتونان آرتو وأخرى إلى مرضى كانوا نزلاء في المستشفى، حيث كان الأطباء مهتمين بهذا التعبير التلقائي للمرضى، الذين بات من بينهم من وجد "الملجأ" من المرض والجنون في الكانفاس وفقاً لما تبيّن دوبوا في كتابها.
من أهم الأطباء النفسيين الذي شجعوا على هذا التوجّه في المصح مارسيل ريغا، وماري أوغست وروبير فولما والإيطالي لومبروزو، وبين عامي 1920 و1945، بات هذا الأسلوب متبعاً أكثر في العلاج النفسي، وتصف دوبوا مستشفى سانت آن بأنها تحوّلت إلى مدينة فنون حقيقية، حتى أنها أقامت معرضاً ضخماً للأعمال العفوية التي قدمها الفنانون-المرضى عام 1946.
آنذاك طلب الطبيب النفسي فولما من مريضه جان دوبوفيه المشاركة في المعرض، فشارك ببعض الأعمال معترضاً على ربط فنّه بفن مجانين، وقال في رسالة إلى فولما إن الأمر في المستقبل قد يتغيّر وسيصبح تعريف الجنون والمرض النفسي مختلفاً كلياً عما هو اليوم.
من الفنانين-المرضى الذين حضروا في معرض آخر أقيم عام 1950، ألبينو برا، وألوز كوربا، وغاستون دوف، وأدولف ولفي.