رمى الشاب اليمني، محمد ناصر ربيد، والذي لم يتجاوز عمره الـ 17 عاما، بنصف جسده المتبقي من انفجار لغم أرضي، على كرسي إعاقة حصل عليه من فاعل خير، مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، منتظرا دوره في ورشة مركز الأطراف الحكومي في صنعاء، من أجل الحصول على قدمين صناعيتين من الصليب الأحمر الدولي تكلفان 600 ألف ريال يمني، أي ما يعادل 2392 دولارا أميركيا، بعد أن بترت قدماه في 12 يوليو/تموز من عام 2016 إثر لغم أرضي زرعه الحوثيون في منطقة حريب القراميش التابعة لمحافظة مأرب الواقعة شمال شرق صنعاء، كما يقول.
ويعد ربيد واحدا من 7000 معوق فقدوا أطرافهم منذ اندلاع حرب اليمن في 27 مارس/ آذار 2015، بحسب إحصاء اللجنة الدولية للصليب الاحمر، والتي حصرت أسباب الإعاقة في الإصابة جراء ألغام أرضية أو قصف الطائرات أو طلق ناري، فيما وثق الاتحاد العام للمعاقين (منظمة أهلية) نحو 2647 حالة ليمنيين فقدو أطرافهم، الأمر الذي أدى إلى أن يقفز عدد المعاقين في اليمن من 120 ألف معاق نهاية عام 2014 إلى ما يفوق 129 ألف معاق مطلع العام الجاري 2017، بينهم حالات الإعاقة بالحوادث حسب تأكيد عادل عبد المغني، الناطق الإعلامي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين (حكومي).
ويفاقم من معاناة فاقدي الأطراف تدني الرعاية الطبية ونقص الدواء، وتوقف صرف مخصصات مراكز الأطراف التابعة لوزارة الصحة من وزارة المالية وعدم تمكن المعاقين من السفر إلى الخارج للعلاج، وفقا تأكيد المدير التنفيذي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين المهندس، محمد الديلمي، والذي تابع في تصريحات لـ"العربي الجديد":"من المحزن أن هذه الإصابات أصبحت شائعة بصفة متزايدة خلال الحرب".
اقــرأ أيضاً
عاجزون عن العلاج
من بين المعوقين الذين لم يتمكنوا من السفر إلى خارج اليمن للعلاج، الطفل إسحاق حسان (14 عاما) والذي اختطفته مليشيات الحوثي عنوة في تعز، لإرغامه على القتال في صفوفها، وقبل أن يطلق طلقة واحدة عَثر عليه أحد أقاربه بالصدفة ينزف في طريق جبهة الضباب القريبة من المدينة بعد إصابته برصاصتين من قناص قطعت إحداهما شرايين وأعصاب فخذ وركبة قدمه اليمنى.
يروي اسحاق معاناته قائلا "أجريت عملية أولى في مستشفى الثورة بمدينة إب (تقع جنوب صنعاء) لكنها فشلت، ثم انتقلت إلى صنعاء وأجريت عملية ثانية في مستشفى الشرطة وفشلت أيضا وكان بالإمكان إنقاذي من الإعاقة في حال سافرت إلى الخارج للعلاج كما قال لي الأطباء".
ويؤكد ما ذهب إليه إسحاق استشاري جراحة العظام في مستشفى الكويت الجامعي (يقع في صنعاء) الدكتور محمد منصور قائلا: "بالإمكان إعادة العضو المبتور مرة أخرى إلى مكانه سواء كان بتراً كليّاً أو جزئيّاً إذا تم تقديم العناية الملائمة والصحيحة الفورية لهذا العضو، وهذا غير متوفر في اليمن بسبب تدهور أوضاع المستشفيات منذ بدء الحرب".
وأدى تدهور الخدمة الصحية، الناتجة عن تزايد حدة الصراع في البلاد، إلى زيادة عدد المعاقين العاجزين عن الحصول على أطراف صناعية، وفقا لتأكيدات مختصين في مركز الأطراف الصناعية والعلاج الطبيعي بالعاصمة صنعاء، وإفادات مرتادي المركز الذين التقاهم معد التحقيق، ومن بين هؤلاء، منيف عزيز (24 عاما)، الذي بترت قدمه اليمنى منتصف عام 2016 بسبب لغم أرضي في منطقة الضباب بمدينة تعز.
غياب الموازنة
تزايد أعداد طالبي الخدمة، منذ بدء الحرب، جعل صندوق ورعاية تأهيل المعاقين عاجزا عن تقديم تكاليف الأطراف الصناعية والعمليات الجراحية وفقا لحديث المدير التنفيذي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين، ويؤكد الديلمي أن خفض ميزانية الصندوق من 6 مليارات ريال (23.921 دولاراً) في العام 2014 إلى مليار و844 مليوناً و581 ألف ريال (5 ملايين و270 ألف دولار) في العام 2016 وهو ما تكرر في عام 2017، تسبب في تفاقم هذا العجز.
الأمر ذاته يتكرر في مركز الأطراف الصناعية التابع لوزارة الصحة العامة الذي يعد ملاذا وحيدا لـ 70% من جرحى الحرب في العاصمة صنعاء. يعمل المركز إلى جانب فرعي عدن وحضرموت في ظل توقف فرعي تعز والحديدة نهائيا حسب المشرف الفني للمركز، الدكتور عبدالكريم المقرمي. ويقول الديلمي: "ميزانية المركز متوقفة منذ الربع الأخير للعام 2015 وبسؤالنا لمدير عام الموازنة بوزارة المالية محمد الشرفي برر ذلك بتوقف موارد الدولة السيادية بفعل الحرب".
ويستقبل المركز يوميا وفقا للمقرمي نحو 10 حالات تتوزع بين بتر يد أو قدم مقارنة بحالة أو حالتين قبل الحرب. ويضطر المركز إلى فرض مبالغ مالية على طالبي الأطراف الصناعية، وضرب المثل بتكلفة القدم الصناعية الواحدة من نوع ألماني (Otow book) والتي وصلت إلى 400 ألف ريال (1594 دولاراً) بحسب المقرمي.
وخفضت موازنة مركز الأطراف الصناعية إلى 122 مليون ريال/ ما يعادل401 ألف دولار، غير أنها أصبحت حبرا على ورق، بحسب المسؤول المالي للمركز علي الأعوج، والذي انتقد عدم اكتراث البنك المركزي بأوضاع المركز قائلا لـ"العربي الجديد:" الديون المستحقة للشركات الخاصة بالأطراف الصناعية 56 مليون ريال، ما يوزاي 184 ألف دولار، والبنك المركزي رفض توجيهات وزارة المالية بالصرف.
وطرح المركز مناقصتين لشراء مواد صناعة الأطراف الصناعية، أولاهما في منتصف 2015 والثانية في بداية 2016، ولم تتقدم لهما أي من الشركات لضخامة الالتزامات المالية على المركز وما زالت الحال كما هي في عام 2017، وفقا للمسؤول المالي للمركز.
شح الموارد
أصدرت وزارة المالية تعزيزا ماليا في الربع الأخير من عام 2015 لمركز الأطراف بمبلغ 30 مليون ريال (91 ألفاً و684 دولاراً)، لكن البنك المركزي لم يصرف المبلغ تحت مبرر أنّ لديه تعميماً حكوميّاً بصرف الرواتب فقط لشح الموارد، وفقا لما كشفه مصدر مسؤول في وزارة المالية لـ"العربي الجديد".
التبرير عينه أكده مجددا في 23 مايو/أيار 2017 مختص من قطاع العمليات المصرفية في البنك المركزي اليمني، تحتفظ العربي الجديد بنسخة منه، قائلا:"البنك عاجز تماما عن صرف أي تعزيزات مالية للمركز منذ منتصف 2015 فضلا عن عجزه دفع رواتب القطاع الحكومي لثمانية أشهر مضت".
وتابع بالقول :"هذه المشكلة تسببت في أن يفرض مركز الأطراف وغيره من القطاعات الحكومية مبالغ مالية على طالبي الخدمة حتى لا يتوقفوا بالكلية عن تقديم الخدمة".
دعم خجول
يبرز إلى سطح المشهد سؤال جوهري عن دور المنظمات الدولية العاملة في المجال الطبي والإنساني عموما، في وضع كهذا، بحسب ما يقول المسؤول المالي لمركز الأطراف الصناعية في صنعاء، والذي حمل على اللجنة الدولية للصليب الأحمر قائلا:"لا يتجاوز دعم اللجنة الدولية للصليب الأحمر 40 ألف دولار سنويا".
لكن المتحدث الإعلامي باسم الصليب الأحمر في اليمن، عدنان حزام، أكد لـ"العربي الجديد" أن اللجنة تدعم مراكز الأطراف في صنعاء وعدن وحضرموت بمواد تصنيع الأطراف الصناعية ومجالات تدريب الكادر منذ سنين. وقال إن 35 ألفاً من ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين استفادوا من هذا الدعم خلال فترة الحرب.
في المقابل يقول من فقدوا أطرافهم إن هذا الدعم لا يكفي، حتى أن بعضهم صار يكابد أوضاعا نفسية مزعجة، من بينهم إبراهيم عقلان والذي عقد العزم على الانتحار بعد أن فقد قدميه بسبب شظية نتجت عن انفجار في حي عطان بصنعاء في 20 أبريل/نيسان 2015 وتحول إلى معاق بعد أن كان يعول من عمله (بنشري سيارات) ست شقيقات وثلاثة إخوة أصغر منه أصبحوا في مهب الضياع والحرمان.
الحرمان من العلاج
ويعد إبراهيم واحدا من 100 حالة فقدوا أطرافهم خلال الحرب، وزع عليهم معد التحقيق استبيانا على مدى أسبوعين أظهر أن 29% منهم فقدوا أطرافهم بسبب ألغام مزروعة في مناطق المواجهات و24% برصاص قناصة و37% بـانفجار صاروخ أو قذيفة و10% في حوادث لا علاقة لها بالحرب. وكشف الاستبيان عن أن 32 %من المبحوثين لا يستطيعون مراجعة مركز الأطراف بانتظام للخضوع لعلاج طبيعي بسبب ظروفهم المادية الصعبة الناتجة عن توقف الأعمال والرواتب.
ومن بين أسباب الحرمان من العلاج، وفقا للاستبيان، عدم قدرتهم على دفع 50% من قيمة الأطراف الصناعية التي يشترطها مركز الأطراف بعد توقف ميزانيته الحكومية.
ويحدث هذا في ظل واقع يعيش فيه نحو نصف سكان اليمن، البالغ تعدادهم حوالى 26.8 مليون نسمة، في مناطق متضررة بشكل مباشر من الصراع، ويحتاج أكثر من 21.1 مليون يمني (80% من السكان) إلى مساعدات إنسانية مقارنة بمعدل فقر لم يكن قبل الحرب يتجاوز 54% وفقا لتقديرات مكتب البنك الدولي في اليمن الصادرة في مارس/آذار2017.
ويختلف الحال مع من يتلقون الرعاية عبر مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية والإغاثية، إذ يبدو حالهم أفضل بعد أن وقع المركز عقداً لعلاج الجرحى اليمنيين في محافظة تعز مع أحد المستشفيات الخاصة هناك، قابلاً للتجديد، إضافة إلى التمديد لثلاثة مستشفيات أخرى في عدن لذات الغرض وفق حديث وكيل وزارة الصحة المساعد، الدكتور عبد الرقيب الحيدري، لكن الزيادة الكبيرة في عدد الحالات تحتاج إلى دعم أكبر، كما يقول مسؤولو مراكز الأطراف الصناعية وصندوق رعاية وتأهيل المعاقين، إذ يكابد هؤلاء عذابات لا تحتمل في ظل حاضر مرير ومستقبل مظلم.
ويعد ربيد واحدا من 7000 معوق فقدوا أطرافهم منذ اندلاع حرب اليمن في 27 مارس/ آذار 2015، بحسب إحصاء اللجنة الدولية للصليب الاحمر، والتي حصرت أسباب الإعاقة في الإصابة جراء ألغام أرضية أو قصف الطائرات أو طلق ناري، فيما وثق الاتحاد العام للمعاقين (منظمة أهلية) نحو 2647 حالة ليمنيين فقدو أطرافهم، الأمر الذي أدى إلى أن يقفز عدد المعاقين في اليمن من 120 ألف معاق نهاية عام 2014 إلى ما يفوق 129 ألف معاق مطلع العام الجاري 2017، بينهم حالات الإعاقة بالحوادث حسب تأكيد عادل عبد المغني، الناطق الإعلامي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين (حكومي).
ويفاقم من معاناة فاقدي الأطراف تدني الرعاية الطبية ونقص الدواء، وتوقف صرف مخصصات مراكز الأطراف التابعة لوزارة الصحة من وزارة المالية وعدم تمكن المعاقين من السفر إلى الخارج للعلاج، وفقا تأكيد المدير التنفيذي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين المهندس، محمد الديلمي، والذي تابع في تصريحات لـ"العربي الجديد":"من المحزن أن هذه الإصابات أصبحت شائعة بصفة متزايدة خلال الحرب".
عاجزون عن العلاج
من بين المعوقين الذين لم يتمكنوا من السفر إلى خارج اليمن للعلاج، الطفل إسحاق حسان (14 عاما) والذي اختطفته مليشيات الحوثي عنوة في تعز، لإرغامه على القتال في صفوفها، وقبل أن يطلق طلقة واحدة عَثر عليه أحد أقاربه بالصدفة ينزف في طريق جبهة الضباب القريبة من المدينة بعد إصابته برصاصتين من قناص قطعت إحداهما شرايين وأعصاب فخذ وركبة قدمه اليمنى.
يروي اسحاق معاناته قائلا "أجريت عملية أولى في مستشفى الثورة بمدينة إب (تقع جنوب صنعاء) لكنها فشلت، ثم انتقلت إلى صنعاء وأجريت عملية ثانية في مستشفى الشرطة وفشلت أيضا وكان بالإمكان إنقاذي من الإعاقة في حال سافرت إلى الخارج للعلاج كما قال لي الأطباء".
ويؤكد ما ذهب إليه إسحاق استشاري جراحة العظام في مستشفى الكويت الجامعي (يقع في صنعاء) الدكتور محمد منصور قائلا: "بالإمكان إعادة العضو المبتور مرة أخرى إلى مكانه سواء كان بتراً كليّاً أو جزئيّاً إذا تم تقديم العناية الملائمة والصحيحة الفورية لهذا العضو، وهذا غير متوفر في اليمن بسبب تدهور أوضاع المستشفيات منذ بدء الحرب".
وأدى تدهور الخدمة الصحية، الناتجة عن تزايد حدة الصراع في البلاد، إلى زيادة عدد المعاقين العاجزين عن الحصول على أطراف صناعية، وفقا لتأكيدات مختصين في مركز الأطراف الصناعية والعلاج الطبيعي بالعاصمة صنعاء، وإفادات مرتادي المركز الذين التقاهم معد التحقيق، ومن بين هؤلاء، منيف عزيز (24 عاما)، الذي بترت قدمه اليمنى منتصف عام 2016 بسبب لغم أرضي في منطقة الضباب بمدينة تعز.
غياب الموازنة
تزايد أعداد طالبي الخدمة، منذ بدء الحرب، جعل صندوق ورعاية تأهيل المعاقين عاجزا عن تقديم تكاليف الأطراف الصناعية والعمليات الجراحية وفقا لحديث المدير التنفيذي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين، ويؤكد الديلمي أن خفض ميزانية الصندوق من 6 مليارات ريال (23.921 دولاراً) في العام 2014 إلى مليار و844 مليوناً و581 ألف ريال (5 ملايين و270 ألف دولار) في العام 2016 وهو ما تكرر في عام 2017، تسبب في تفاقم هذا العجز.
الأمر ذاته يتكرر في مركز الأطراف الصناعية التابع لوزارة الصحة العامة الذي يعد ملاذا وحيدا لـ 70% من جرحى الحرب في العاصمة صنعاء. يعمل المركز إلى جانب فرعي عدن وحضرموت في ظل توقف فرعي تعز والحديدة نهائيا حسب المشرف الفني للمركز، الدكتور عبدالكريم المقرمي. ويقول الديلمي: "ميزانية المركز متوقفة منذ الربع الأخير للعام 2015 وبسؤالنا لمدير عام الموازنة بوزارة المالية محمد الشرفي برر ذلك بتوقف موارد الدولة السيادية بفعل الحرب".
ويستقبل المركز يوميا وفقا للمقرمي نحو 10 حالات تتوزع بين بتر يد أو قدم مقارنة بحالة أو حالتين قبل الحرب. ويضطر المركز إلى فرض مبالغ مالية على طالبي الأطراف الصناعية، وضرب المثل بتكلفة القدم الصناعية الواحدة من نوع ألماني (Otow book) والتي وصلت إلى 400 ألف ريال (1594 دولاراً) بحسب المقرمي.
وخفضت موازنة مركز الأطراف الصناعية إلى 122 مليون ريال/ ما يعادل401 ألف دولار، غير أنها أصبحت حبرا على ورق، بحسب المسؤول المالي للمركز علي الأعوج، والذي انتقد عدم اكتراث البنك المركزي بأوضاع المركز قائلا لـ"العربي الجديد:" الديون المستحقة للشركات الخاصة بالأطراف الصناعية 56 مليون ريال، ما يوزاي 184 ألف دولار، والبنك المركزي رفض توجيهات وزارة المالية بالصرف.
وطرح المركز مناقصتين لشراء مواد صناعة الأطراف الصناعية، أولاهما في منتصف 2015 والثانية في بداية 2016، ولم تتقدم لهما أي من الشركات لضخامة الالتزامات المالية على المركز وما زالت الحال كما هي في عام 2017، وفقا للمسؤول المالي للمركز.
شح الموارد
أصدرت وزارة المالية تعزيزا ماليا في الربع الأخير من عام 2015 لمركز الأطراف بمبلغ 30 مليون ريال (91 ألفاً و684 دولاراً)، لكن البنك المركزي لم يصرف المبلغ تحت مبرر أنّ لديه تعميماً حكوميّاً بصرف الرواتب فقط لشح الموارد، وفقا لما كشفه مصدر مسؤول في وزارة المالية لـ"العربي الجديد".
التبرير عينه أكده مجددا في 23 مايو/أيار 2017 مختص من قطاع العمليات المصرفية في البنك المركزي اليمني، تحتفظ العربي الجديد بنسخة منه، قائلا:"البنك عاجز تماما عن صرف أي تعزيزات مالية للمركز منذ منتصف 2015 فضلا عن عجزه دفع رواتب القطاع الحكومي لثمانية أشهر مضت".
وتابع بالقول :"هذه المشكلة تسببت في أن يفرض مركز الأطراف وغيره من القطاعات الحكومية مبالغ مالية على طالبي الخدمة حتى لا يتوقفوا بالكلية عن تقديم الخدمة".
دعم خجول
يبرز إلى سطح المشهد سؤال جوهري عن دور المنظمات الدولية العاملة في المجال الطبي والإنساني عموما، في وضع كهذا، بحسب ما يقول المسؤول المالي لمركز الأطراف الصناعية في صنعاء، والذي حمل على اللجنة الدولية للصليب الأحمر قائلا:"لا يتجاوز دعم اللجنة الدولية للصليب الأحمر 40 ألف دولار سنويا".
لكن المتحدث الإعلامي باسم الصليب الأحمر في اليمن، عدنان حزام، أكد لـ"العربي الجديد" أن اللجنة تدعم مراكز الأطراف في صنعاء وعدن وحضرموت بمواد تصنيع الأطراف الصناعية ومجالات تدريب الكادر منذ سنين. وقال إن 35 ألفاً من ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين استفادوا من هذا الدعم خلال فترة الحرب.
في المقابل يقول من فقدوا أطرافهم إن هذا الدعم لا يكفي، حتى أن بعضهم صار يكابد أوضاعا نفسية مزعجة، من بينهم إبراهيم عقلان والذي عقد العزم على الانتحار بعد أن فقد قدميه بسبب شظية نتجت عن انفجار في حي عطان بصنعاء في 20 أبريل/نيسان 2015 وتحول إلى معاق بعد أن كان يعول من عمله (بنشري سيارات) ست شقيقات وثلاثة إخوة أصغر منه أصبحوا في مهب الضياع والحرمان.
الحرمان من العلاج
ويعد إبراهيم واحدا من 100 حالة فقدوا أطرافهم خلال الحرب، وزع عليهم معد التحقيق استبيانا على مدى أسبوعين أظهر أن 29% منهم فقدوا أطرافهم بسبب ألغام مزروعة في مناطق المواجهات و24% برصاص قناصة و37% بـانفجار صاروخ أو قذيفة و10% في حوادث لا علاقة لها بالحرب. وكشف الاستبيان عن أن 32 %من المبحوثين لا يستطيعون مراجعة مركز الأطراف بانتظام للخضوع لعلاج طبيعي بسبب ظروفهم المادية الصعبة الناتجة عن توقف الأعمال والرواتب.
ومن بين أسباب الحرمان من العلاج، وفقا للاستبيان، عدم قدرتهم على دفع 50% من قيمة الأطراف الصناعية التي يشترطها مركز الأطراف بعد توقف ميزانيته الحكومية.
ويحدث هذا في ظل واقع يعيش فيه نحو نصف سكان اليمن، البالغ تعدادهم حوالى 26.8 مليون نسمة، في مناطق متضررة بشكل مباشر من الصراع، ويحتاج أكثر من 21.1 مليون يمني (80% من السكان) إلى مساعدات إنسانية مقارنة بمعدل فقر لم يكن قبل الحرب يتجاوز 54% وفقا لتقديرات مكتب البنك الدولي في اليمن الصادرة في مارس/آذار2017.
ويختلف الحال مع من يتلقون الرعاية عبر مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية والإغاثية، إذ يبدو حالهم أفضل بعد أن وقع المركز عقداً لعلاج الجرحى اليمنيين في محافظة تعز مع أحد المستشفيات الخاصة هناك، قابلاً للتجديد، إضافة إلى التمديد لثلاثة مستشفيات أخرى في عدن لذات الغرض وفق حديث وكيل وزارة الصحة المساعد، الدكتور عبد الرقيب الحيدري، لكن الزيادة الكبيرة في عدد الحالات تحتاج إلى دعم أكبر، كما يقول مسؤولو مراكز الأطراف الصناعية وصندوق رعاية وتأهيل المعاقين، إذ يكابد هؤلاء عذابات لا تحتمل في ظل حاضر مرير ومستقبل مظلم.