يستقبل الكويتي علي الشمري، عضو لجنة جمع دية المحكوم بالإعدام السعودي عبدالكريم الشمري، المتبرعين من أبناء قبيلته شمر (واحدة من أكبر القبائل في دول الخليج والعراق وسورية) والمتعاطفين معها ضمن حملة جمع مبلغ الدية المقدر بـ12 مليون ريال سعودي (حوالي مليون دينار كويتي) لتقديمها إلى عائلة القتيل الذي راح ضحية مشاجرة نشبت في مدينة حفر الباطن، شمال المملكة العربية السعودية، قبل 14 عاماً، كما يقول الشمري لـ"العربي الجديد"، بينما يجلس مساء في خيمة كبيرة نصبت بمنطقة جنوب الصباحية (32 كم إلى الجنوب من العاصمة الكويت).
وشهدت الكويت جمع 17 دية، منها 7 ديات لسعوديين، بينهم امرأة، خلال ثلاث سنوات، وفق ما قاله الصحافي المختص في الشؤون الأمنية عزيز العنزي، لـ"العربي الجديد"، موضحا أن مبلغ الدية الواحدة يراوح بين 30 ألف دينار كويتي (حوالي 100 ألف دولار أميركي)، و10 ملايين دينار كويتي (حوالي 32.9 مليون دولار)، علما أن أعلى دية في تاريخ الكويت هي دية المقدم خالد نقا العازمي التي وصلت إلى 10 ملايين دينار كويتي، تم دفعها لعائلة الكاتبة الصحافية هداية السلطان في مايو/ أيار الماضي بعدما قتلها في 20 مارس/ آذار 2001 بسبب مقالة اعتبرها مسيئة لنساء قبيلته، كما يقول العنزي.
اقــرأ أيضاً
كيف تتم عملية جمع الديات؟
شكلت لجنة جمع دية المحكوم عليه بالإعدام الشمري، بإشراف من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي تراقب عمليات التبرع، وتضع شروطاً قاسية لمنع التلاعب بالتبرعات، ومن بين هذه الشروط أن تكون الحملة تحت مظلة مبرة خيرية، حتى تتمكن وزارة الشؤون الاجتماعية من محاسبتها إذا وجدت تجاوزات في عمليات التبرع بالأموال النقدية، بدلاً من التبرع من البطاقة الائتمانية، وهو الشرط الذي تحرص عليه الوزارة لضمان مراقبة عملية سير الأموال وعدم وجود اختلاسات، وفق ما تقول وكيلة قطاع التنمية في وزارة الشؤون الاجتماعية بالإنابة هناء الهاجري لـ"العربي الجديد".
ويقوم أهل القاتل، بعد وقوع حادثة القتل وإصدار المحاكم لحكم الإعدام ضده، بجمع عدد كبير من مشايخ قبيلة القاتل، ومشايخ من القبائل الأخرى، والذهاب إلى منزل أهل القتيل طلباً للتنازل عن الدم مقابل المال، وهو ما يسمى في عرف أهل البادية بـ"الجاهية" للنظام القبلي في الديات، كما يوضح علي الشمري.
وفي حال موافقة أهل القتيل على التنازل عن الحكم الصادر في حقه (السجن أو الإعدام) مقابل المال، فإن عائلته تحدد المبلغ المالي والذي صار مبالغاً فيه، ولا يخضع لأي قاعدة، لكن يُنظر في بعض الأحيان إلى كثرة عدد أفراد قبيلة القاتل ومقدرتهم المالية، ليضع أهل القتيل مبلغاً وفق إمكانياتهم، بحسب الشمري، وهو ما جرى مع عائلة الكاتبة الصحافية الكويتية هداية السلطان، إذ طلبت دية كبيرة للتنازل عن حكم الحبس مدى الحياة الصادر بحق العازمي، بحسب ما قاله مطلق راعي الفحماء، أحد رؤساء اللجان التنظيمية المتفرعة من لجنة رئيسية لجمع الدية، مضيفا أن المبلغ المرتفع الذي طلبته عائلة الضحية عائد إلى كثرة عدد أفراد قبيلة العوازم (أكبر قبيلة في الكويت) والغنية نسبيا، كما يقول.
وقد يضطر البعض من فقراء القبيلة إلى بيع سياراتهم أو جزء من ممتلكاتهم، لدفع مبالغ معينة من الدية، خوفاً من العار الاجتماعي الذي قد يلحق بهم في حال عدم الدفع، وفق ما أكده عيد الأسلمي، وهو أحد المنتمين لقبيلة شمر، وأحد أعضاء لجنة جمع دية عبد الكريم الشمري، لـ"العربي الجديد".
وتشمل عملية جمع الأموال في إطار التضامن القبلي المعسرين والمدينين، وفق مصادر التحقيق، ومنهم محسن الخطيمي، أحد المنتمين لقبيلة (بني خالد) المنتشرة في الكويت والسعودية والعراق والأردن، والذي قال لـ"العربي الجديد"، إن ابن عمه اقترض في عام 2015 مبلغاً كبيراً من البنوك قُدر بمليوني دينار كويتي (حوالي 6.5 ملايين دولار) فتجمعت القبيلة ونصبت خيمة لمساعدته وإخراجه من السجن، وهو ما تم فعلاً بعد التبرع له.
صفة رسمية لجمع التبرعات
توثق وزارة العدل موافقة عائلة القتيل على التنازل والاتفاق على المبلغ المالي للدية باتفاق رسمي يسمى "كتاب التنازل"، ويتجه بعده أهل القاتل الذي يطالب بالدية إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وتقوم الوزارة بدورها بإصدار ترخيص رسمي لحملة جمع التبرعات وفتح حساب بنكي باسم الحملة للتبرع، وفق ما أوضحته هناء الهاجري، وكيلة الوزارة.
ولا تشترط وزارة الشؤون الاجتماعية وقوع الجريمة في الكويت للترخيص لجمع الدية. لكن الوزارة، كما تقول الهاجري، قررت وقف استقبال طلبات الترخيص ابتداء من شهر يونيو/ حزيران الماضي لإصدار لائحة جديدة تنظم عمل الديات بشكل أكثر حزما وأكثر دقة بعد تبيّن وجود مخالفات قانونية في الحملات السابقة.
وكشف مصدر مطلع (فضل عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتصريح)، عن أسباب وقف التراخيص بالقول: "من أهم الأسباب وقوع جرائم في بلدان أخرى، وكذلك صك الحكم صادر من محكمة دولة أخرى، لكن يتم جمع الدية في الكويت وهذا يسبب حرجا"، مضيفا أن التعديلات تشمل الأمر وتمنع جمع ديات لجرائم حصلت خارج الكويت لأشخاص غير كويتيين.
ولا تقتصر حملات جمع الديات على حوادث القتل في الكويت بل تمتد إلى حوادث القتل في السعودية، إذ تعمد القبائل التي لها امتداد في الكويت والسعودية إلى جمع دياتها في الكويت بسبب سهولة عمليات الجمع وإشراف الجهات الرسمية عليها، بعكس حملات جمع الدية في السعودية التي قد تتدخل فيها السلطات وتضيّق على القبائل، إذ حظرت وزارة الإعلام السعودية نشر أي إعلان يخص أي دية، سواء كان الإعلان صورة، أو اسما أو رقم حساب للتبرع، كما أن السلطات تقوم بمنع التجمعات القبلية الكبرى المخصصة للديات، وفق ما يقول الكويتي أحمد المطيري، لـ"العربي الجديد"، الذي شارك في العديد من الديات الخاصة بقبيلته في الكويت والسعودية، ومنها مساهماته في مايو/ أيار الماضي، بجمع دية السعودية المحكوم عليها بالإعدام شروق المطيري بعد إدانتها بقتل زوجها قبل 4 سنوات وكان من المفترض تنفيذ الحكم في الـ22 من مايو الماضي، مؤكدا أن جامعي التبرعات في السعودية باتوا اليوم عرضة للاتهام بدعم الإرهاب، كما يقول.
مبالغات تخالف القانون المدني
تنص المادة 251 من القانون المدني الكويتي رقم 67 لسنة 1980 على أن (1) "الدية الكاملة تقدر بعشرة آلاف دينار (حوالي 32 ألف دولار). ويجوز تعديل مقدارها بمرسوم". (2) "ويصدر بمرسوم جدول للديات، وفق أحكام الشريعة الإسلامية، تتحدد بمقتضاه حالات استحقاق الدية كليا أو جزئيا". لكن العائلات لا تطلب الدية بل تنتظر صدور حكم الإعدام أو السجن المؤبد ثم تتفاوض مع عائلة القاتل على تقديم كتاب تنازل مقابل مبلغ مالي يسمى تجاوزاً بالدية، لكنه ليس الأمر المقصود والمحدد شرعيا، بل هو "صلح على دم مقابل مال"، بحسب ما يوضحه الخبير القانوني والمحامي محمد الخالدي لـ"العربي الجديد".
ويرى أستاذ الدراسات الإسلامية في كلية الشريعة في جامعة الكويت عبد العزيز المطيري، أن المبالغة في الديات تخالف الهدف الموضوع للديات في الشريعة الإسلامية، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أن ما يحدث من حوادث صلح على دم هو التفاف على الشرع الحنيف، كما أن مبالغ الديات العالية مدعاة لنشر التعصب القبلي أثناء عملية جمعها، وهو ما رأيناه أخيراً قد حدث، وعندما يشاهد الشاب أن القبائل تتبارى لإخراج أبنائها القتلة وسط أجواء احتفالية، فإن ذلك يعظم في نفسه استسهال جريمة القتل، وهو ما يؤكده الباحث الاجتماعي في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت، خليل خالد، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن الأمور قد تخرج عن السيطرة إذا لم تقم الدولة بسن إجراءات حازمة، لأن المراهقين الذين يشاهدون جمع الأموال للقتلة عبر المقاطع التي تُتداول في مواقع التواصل الاجتماعي مرفقة بأغنيات قبلية سيظنون أن بإمكانهم القتل ودفع المال ما دامت قبيلتهم قوية وغنية، مضيفا أن ظاهرة جمع الديات بالشكل الحالي تحولت إلى مهرجان تجييش سياسي واجتماعي وديني، ويستغل ذوو الطموحات السياسية من أبناء القبيلة افتتاح خيمة لجمع التبرعات، ليعلنوا عن تبرعهم بمبالغ مالية، كمساهمة منهم لجمع الدية، كدعاية انتخابية أمام القبيلة في الانتخابات البرلمانية التي تعد القبائل إحدى ركائزها الأساسية، بحسب الأسلمي، لكنه يقول إن أغلب هذه التبرعات السياسية لم تدفع، إذ أعلن نائب سابق في البرلمان ومرشح للانتخابات البرلمانية القادمة عن تبرعه بـ100 ألف دينار كويتي لدية عبد الكريم، لكنه لم يدفع المبلغ حتى الآن.
وسجلت بعض حملات جمع الديات الأخيرة جمع تبرعات نقدية، وتبرعات عينية، منها قطعان من الماشية، وهو ما يعد مخالفة للوائح جمع التبرعات التي تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والتي تلزم مستقبلي جمع التبرعات بالحصول على الأموال عن طريق البطاقات الائتمانية فقط، وفق ما قالته وكيلة وزارة الشؤون الاجتماعية هناء الهاجري، مضيفة أن تقريرا بهذا الخصوص رفع إلى مجلس الوزراء في مايو/ أيار الماضي ولا بد من مواجهة الظاهرة.
وشهدت الكويت جمع 17 دية، منها 7 ديات لسعوديين، بينهم امرأة، خلال ثلاث سنوات، وفق ما قاله الصحافي المختص في الشؤون الأمنية عزيز العنزي، لـ"العربي الجديد"، موضحا أن مبلغ الدية الواحدة يراوح بين 30 ألف دينار كويتي (حوالي 100 ألف دولار أميركي)، و10 ملايين دينار كويتي (حوالي 32.9 مليون دولار)، علما أن أعلى دية في تاريخ الكويت هي دية المقدم خالد نقا العازمي التي وصلت إلى 10 ملايين دينار كويتي، تم دفعها لعائلة الكاتبة الصحافية هداية السلطان في مايو/ أيار الماضي بعدما قتلها في 20 مارس/ آذار 2001 بسبب مقالة اعتبرها مسيئة لنساء قبيلته، كما يقول العنزي.
كيف تتم عملية جمع الديات؟
شكلت لجنة جمع دية المحكوم عليه بالإعدام الشمري، بإشراف من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي تراقب عمليات التبرع، وتضع شروطاً قاسية لمنع التلاعب بالتبرعات، ومن بين هذه الشروط أن تكون الحملة تحت مظلة مبرة خيرية، حتى تتمكن وزارة الشؤون الاجتماعية من محاسبتها إذا وجدت تجاوزات في عمليات التبرع بالأموال النقدية، بدلاً من التبرع من البطاقة الائتمانية، وهو الشرط الذي تحرص عليه الوزارة لضمان مراقبة عملية سير الأموال وعدم وجود اختلاسات، وفق ما تقول وكيلة قطاع التنمية في وزارة الشؤون الاجتماعية بالإنابة هناء الهاجري لـ"العربي الجديد".
ويقوم أهل القاتل، بعد وقوع حادثة القتل وإصدار المحاكم لحكم الإعدام ضده، بجمع عدد كبير من مشايخ قبيلة القاتل، ومشايخ من القبائل الأخرى، والذهاب إلى منزل أهل القتيل طلباً للتنازل عن الدم مقابل المال، وهو ما يسمى في عرف أهل البادية بـ"الجاهية" للنظام القبلي في الديات، كما يوضح علي الشمري.
وفي حال موافقة أهل القتيل على التنازل عن الحكم الصادر في حقه (السجن أو الإعدام) مقابل المال، فإن عائلته تحدد المبلغ المالي والذي صار مبالغاً فيه، ولا يخضع لأي قاعدة، لكن يُنظر في بعض الأحيان إلى كثرة عدد أفراد قبيلة القاتل ومقدرتهم المالية، ليضع أهل القتيل مبلغاً وفق إمكانياتهم، بحسب الشمري، وهو ما جرى مع عائلة الكاتبة الصحافية الكويتية هداية السلطان، إذ طلبت دية كبيرة للتنازل عن حكم الحبس مدى الحياة الصادر بحق العازمي، بحسب ما قاله مطلق راعي الفحماء، أحد رؤساء اللجان التنظيمية المتفرعة من لجنة رئيسية لجمع الدية، مضيفا أن المبلغ المرتفع الذي طلبته عائلة الضحية عائد إلى كثرة عدد أفراد قبيلة العوازم (أكبر قبيلة في الكويت) والغنية نسبيا، كما يقول.
وقد يضطر البعض من فقراء القبيلة إلى بيع سياراتهم أو جزء من ممتلكاتهم، لدفع مبالغ معينة من الدية، خوفاً من العار الاجتماعي الذي قد يلحق بهم في حال عدم الدفع، وفق ما أكده عيد الأسلمي، وهو أحد المنتمين لقبيلة شمر، وأحد أعضاء لجنة جمع دية عبد الكريم الشمري، لـ"العربي الجديد".
وتشمل عملية جمع الأموال في إطار التضامن القبلي المعسرين والمدينين، وفق مصادر التحقيق، ومنهم محسن الخطيمي، أحد المنتمين لقبيلة (بني خالد) المنتشرة في الكويت والسعودية والعراق والأردن، والذي قال لـ"العربي الجديد"، إن ابن عمه اقترض في عام 2015 مبلغاً كبيراً من البنوك قُدر بمليوني دينار كويتي (حوالي 6.5 ملايين دولار) فتجمعت القبيلة ونصبت خيمة لمساعدته وإخراجه من السجن، وهو ما تم فعلاً بعد التبرع له.
صفة رسمية لجمع التبرعات
توثق وزارة العدل موافقة عائلة القتيل على التنازل والاتفاق على المبلغ المالي للدية باتفاق رسمي يسمى "كتاب التنازل"، ويتجه بعده أهل القاتل الذي يطالب بالدية إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وتقوم الوزارة بدورها بإصدار ترخيص رسمي لحملة جمع التبرعات وفتح حساب بنكي باسم الحملة للتبرع، وفق ما أوضحته هناء الهاجري، وكيلة الوزارة.
ولا تشترط وزارة الشؤون الاجتماعية وقوع الجريمة في الكويت للترخيص لجمع الدية. لكن الوزارة، كما تقول الهاجري، قررت وقف استقبال طلبات الترخيص ابتداء من شهر يونيو/ حزيران الماضي لإصدار لائحة جديدة تنظم عمل الديات بشكل أكثر حزما وأكثر دقة بعد تبيّن وجود مخالفات قانونية في الحملات السابقة.
وكشف مصدر مطلع (فضل عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتصريح)، عن أسباب وقف التراخيص بالقول: "من أهم الأسباب وقوع جرائم في بلدان أخرى، وكذلك صك الحكم صادر من محكمة دولة أخرى، لكن يتم جمع الدية في الكويت وهذا يسبب حرجا"، مضيفا أن التعديلات تشمل الأمر وتمنع جمع ديات لجرائم حصلت خارج الكويت لأشخاص غير كويتيين.
ولا تقتصر حملات جمع الديات على حوادث القتل في الكويت بل تمتد إلى حوادث القتل في السعودية، إذ تعمد القبائل التي لها امتداد في الكويت والسعودية إلى جمع دياتها في الكويت بسبب سهولة عمليات الجمع وإشراف الجهات الرسمية عليها، بعكس حملات جمع الدية في السعودية التي قد تتدخل فيها السلطات وتضيّق على القبائل، إذ حظرت وزارة الإعلام السعودية نشر أي إعلان يخص أي دية، سواء كان الإعلان صورة، أو اسما أو رقم حساب للتبرع، كما أن السلطات تقوم بمنع التجمعات القبلية الكبرى المخصصة للديات، وفق ما يقول الكويتي أحمد المطيري، لـ"العربي الجديد"، الذي شارك في العديد من الديات الخاصة بقبيلته في الكويت والسعودية، ومنها مساهماته في مايو/ أيار الماضي، بجمع دية السعودية المحكوم عليها بالإعدام شروق المطيري بعد إدانتها بقتل زوجها قبل 4 سنوات وكان من المفترض تنفيذ الحكم في الـ22 من مايو الماضي، مؤكدا أن جامعي التبرعات في السعودية باتوا اليوم عرضة للاتهام بدعم الإرهاب، كما يقول.
مبالغات تخالف القانون المدني
تنص المادة 251 من القانون المدني الكويتي رقم 67 لسنة 1980 على أن (1) "الدية الكاملة تقدر بعشرة آلاف دينار (حوالي 32 ألف دولار). ويجوز تعديل مقدارها بمرسوم". (2) "ويصدر بمرسوم جدول للديات، وفق أحكام الشريعة الإسلامية، تتحدد بمقتضاه حالات استحقاق الدية كليا أو جزئيا". لكن العائلات لا تطلب الدية بل تنتظر صدور حكم الإعدام أو السجن المؤبد ثم تتفاوض مع عائلة القاتل على تقديم كتاب تنازل مقابل مبلغ مالي يسمى تجاوزاً بالدية، لكنه ليس الأمر المقصود والمحدد شرعيا، بل هو "صلح على دم مقابل مال"، بحسب ما يوضحه الخبير القانوني والمحامي محمد الخالدي لـ"العربي الجديد".
ويرى أستاذ الدراسات الإسلامية في كلية الشريعة في جامعة الكويت عبد العزيز المطيري، أن المبالغة في الديات تخالف الهدف الموضوع للديات في الشريعة الإسلامية، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أن ما يحدث من حوادث صلح على دم هو التفاف على الشرع الحنيف، كما أن مبالغ الديات العالية مدعاة لنشر التعصب القبلي أثناء عملية جمعها، وهو ما رأيناه أخيراً قد حدث، وعندما يشاهد الشاب أن القبائل تتبارى لإخراج أبنائها القتلة وسط أجواء احتفالية، فإن ذلك يعظم في نفسه استسهال جريمة القتل، وهو ما يؤكده الباحث الاجتماعي في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت، خليل خالد، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن الأمور قد تخرج عن السيطرة إذا لم تقم الدولة بسن إجراءات حازمة، لأن المراهقين الذين يشاهدون جمع الأموال للقتلة عبر المقاطع التي تُتداول في مواقع التواصل الاجتماعي مرفقة بأغنيات قبلية سيظنون أن بإمكانهم القتل ودفع المال ما دامت قبيلتهم قوية وغنية، مضيفا أن ظاهرة جمع الديات بالشكل الحالي تحولت إلى مهرجان تجييش سياسي واجتماعي وديني، ويستغل ذوو الطموحات السياسية من أبناء القبيلة افتتاح خيمة لجمع التبرعات، ليعلنوا عن تبرعهم بمبالغ مالية، كمساهمة منهم لجمع الدية، كدعاية انتخابية أمام القبيلة في الانتخابات البرلمانية التي تعد القبائل إحدى ركائزها الأساسية، بحسب الأسلمي، لكنه يقول إن أغلب هذه التبرعات السياسية لم تدفع، إذ أعلن نائب سابق في البرلمان ومرشح للانتخابات البرلمانية القادمة عن تبرعه بـ100 ألف دينار كويتي لدية عبد الكريم، لكنه لم يدفع المبلغ حتى الآن.
وسجلت بعض حملات جمع الديات الأخيرة جمع تبرعات نقدية، وتبرعات عينية، منها قطعان من الماشية، وهو ما يعد مخالفة للوائح جمع التبرعات التي تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والتي تلزم مستقبلي جمع التبرعات بالحصول على الأموال عن طريق البطاقات الائتمانية فقط، وفق ما قالته وكيلة وزارة الشؤون الاجتماعية هناء الهاجري، مضيفة أن تقريرا بهذا الخصوص رفع إلى مجلس الوزراء في مايو/ أيار الماضي ولا بد من مواجهة الظاهرة.