يحذر الدكتور محمد الرابحي رئيس اللجنة الوطنية للحجر الصحي في تونس، من سيناريو كارثي، بسبب المستهترين بإجراءات الحجر الصحي، الذي أعلنت عنه وزارة الصحة في 20 مارس/آذار الماضي لمنع انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، إذ تم إجبار 100 مصاب بالفيروس على الحجر الصحي بقوة الأمن، بعد رفضهم ذلك.
تحذير الرابحي جاء بعد استمرار مظاهر خرق الحجر الصحي من قبل رافضين للانتقال إلى المشافي أو مراكز الحجر وآخرين ممن رفضوا الخضوع للعزل الذاتي في المنزل، إذ وثقت معدة التحقيق حالة 500 مسافر عائدين إلى البلاد عبر مطار تونس قرطاج بتاريخ 20 مارس/آذار 2020، رفضوا الخضوع للحجر الصحي في المراكز المخصصة، للتأكّد من عدم إصابتهم بالفيروس وفق ما أكده الكاتب العام لنقابة أمن المطار، أنيس الورتاني، لـ"العربي الجديد".
وخصصت وزارة الصحة 27 مركزا للحجر توزعت على كافة أرجاء تونس، وتم وضع 2400 مسافر في الحجر الإجباري منذ 22 مارس المنقضي وحتى 14 إبريل/نيسان، من بينهم 29 حالة تبين إصابتهم بالفيروس، و818 حالة استكملوا مدة الحجر والمقررة بـ 14 يوما وفق ما قاله الرابحي.
اقــرأ أيضاً
تعمد مخالفة الإجراءات
تكرار حالات الرفض للخضوع للحجر الصحي في المنازل أو المراكز المخصصة للعائدين إلى البلاد، يعيده الورتاني إلى عدم شعور من يخترقون الحظر، بالخطر الجسيم الذي يشكلّونه على المواطنين، وهو ما يبدو في 3 خروقات موثقة للحجر المنزلي حدثت خلال الفترة من 23 مارس الماضي و7 إبريل، إذ تعمد زوجان مصابان بفيروس كورونا في بلدية الزهراء بالضاحية الجنوبية للعاصمة، مخالفة إجراءات الحجر الصحّي الذاتي الذي يلزمهما بالبقاء في منزلهما بمجرد قدومها من السفر، دون تمكن البلدية من معرفة الأماكن التي قصداها ومع من تواصلا تحديدا، الأمر الذي أدى إلى إصابة 6 عائلات مكونة من 16 فرد بالفيروس في تلك البلدية حتى 23 مارس الماضي وفق ما يؤكده رئيس بلدية الزهراء، ريان الحمزاوي، قائلا:" أغلب المصابين لم يحترموا العزل المنزلي بالبقاء بعيدا عن أفراد أسرهم أو عدم مغادرة بيوتهم، وهو ما دفع البلدية إلى إعلان حالة الطوارئ ونقلهم جميعا إلى الحجر الإجباري لأنهم يشكلون خطرا على عائلاتهم ومحيطهم".
وتعمدت امرأة في 6 إبريل الخروج من الحجر الصحي بمنزلها بعدما أجريت لها تحاليل الفيروس في اليوم السابق، وانتقلت إلى معتمدية سوسة جوهرة لتقف في طابور المساعدات الاجتماعية مع العديد من المواطنين، وتبين في نفس اليوم إصابتها بفيروس كورونا ما استوجب إخلاء المعتمدية، ونقل المرأة من بيتها إلى الحجر الصحي الإجباري، وفق تأكيد عادل الشليوي، الوالي السابق (أقيل 14 إبريل) لولاية سوسة بالوسط التونسي.
وفي 7 إبريل، أصيبت عاملة نظافة بمكتب بريد بعدوى الفيروس من والدتها التي حضرت حفل زفاف، رغم منع تلك التجمعات، بحسب ما يؤكده رئيس بلدية القلعة في ولاية قبلي، يونس بن عرفة لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى أن العدوى انتقلت إلى العائلة التي تتكون من 6 أفراد من بينهم طفل (5 أعوام) وجميعهم تبين أن تحاليلهم موجبة، مما استوجب نقلهم إلى مركز الحجر صحي بمدينة المنستير (تبعد 21 كم عن سوسة).
وبعد فشل تجربة الحجر المنزلي الذاتي التي أقرتها وزارة الصحة التونسية في 2 مارس الماضي وتسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في تونس، عملت الوزارة على الإيواء الإجباري في الحجر الصحي لمن تتأكد إصابتهم بالفيروس كما يتم نقل من تسوء حالتهم الصحية إلى المستشفيات بحسب الرابحي.
تداعيات كارثية
أقر مجلس الأمن القومي التونسي تمديد الحجر الصحي الشامل لأسبوعين إضافيين، ابتداء من 5 إبريل، لمواجهة انتشار فيروس كورونا الذي أصيب به 780 حالة توفي منهم 35 مريضا حتى 15 إبريل وفق بيانات وزارة الصحة التونسية، إلا أن مخالفة هذه الإجراءات لا يزال مستمرا في العديد من المدن التونسية ومن بين الخروقات انتقال مصابين بالفيروس من جزيرة جربة شرق تونس، والتي أعلنتها وزارة الصحة بؤرة مصابة بالفيروس في 22 مارس الماضي إلى بقية الولايات عبر الإبحار خلسة في مراكب صيد بعد إغلاق الجزيرة وفق تأكيد شرف الدين التريكي عضو خلية الأزمة الاجتماعية ببلدية ميدون في جزيرة جربة التابعة لمحافظة مدنين.
وأدى تنقل مصاب بالفيروس من جربة للعاصمة، إلى إصابة 3 عائلات من أقربائه بحسب تأكيد وزير الصحة عبد اللطيف المكي في مؤتمر صحافي عقده بقصر الحكومة في 7 إبريل، مضيفا في تصريح متلفز أنه لولا مغادرة مصابين بفيروس كورونا من جربة في رحلات حرقة (عبر القوارب بشكل سري) مقابل 20 دينارا تونسيا (7 دولارات أميركية) لما انتشر الفيروس في القصرين وسط غرب تونس وتوزر جنوبا، هو ما دعا سمير عبد المؤمن عضو اللجنة الوطنية الدائمة لمتابعة ومكافحة انتشار فيروس كورونا بوزارة الصحة للقول: "يجب تطبيق القانون على هذه الحالات"، مضيفا لـ"العربي الجديد"، عدم احترام الحجر الصحي الذاتي والتنقل من محافظة إلى أخرى وراء نقل العدوى، إذ سجلنا حالة نقل مصاب الفيروس إلى 12 من عائلته وقد تنتشر العدوى منهم إلى آخرين في محافظات أخرى وفي هذه الحالة يصبح مصدر العدوى غير معلوم، ما يعقد تتبع انتشار الفيروس والوقاية منه.
وجرى سجن صاحب مركب الصيد في 6 إبريل، لاتهامه بخرق إجراءات الحجر الصحي الشامل ونقل شخص من جربة إلى منطقة الجرف، بحسب ما أكده لـ"العربي الجديد"، الناطق باسم المحكمة الابتدائية بمدنين، مراد الوردني.
مشهد آخر شابه فوضى تشكل خطرا على صحة التونسيين في زمن كورونا، إذ تجمع عدد كبير من الأشخاص المؤهلين للحصول على المساعدات التي أقرتها الدولة للمتضررين من توقف أعمالهم بسبب الفيروس، والتي تقدر بـ200 دينار (69 دولارا)، بدون تطبيق الإجراءات الاحترازية الخاصة بتقليل الزحام منعا لانتشار العدوى، ليقف هؤلاء في صفوف متلاصقة، أمام مراكز البريد في مدن عدة، ومنها فرنانة الواقعة شمال غربي تونس التي تجمع فيها يوم 3 أبريل قرابة ألف مواطن للحصول على هذه المنحة، دون أي وسائل حماية، وفق ما أكده الناشط بالمجتمع المدني، وليد الغزواني، قائلا لـ"العربي الجديد" :"ما حصل خرق للحظر الشامل وينبأ بكارثة وشيكة".
تدخلات وراء فرار المصابين من الحجر
سجلت وزارة الداخلية التونسية 1773 مخالفة لحظر التجول المعلن في 19 مارس، بالإضافة إلى عدم التزام 600 شخص بالحجر الصحي وفق إفادة الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، خالد الحيوني، والذي قال لـ"العربي الجديد" :"سجلنا 2021 مخالفة متعلقة بعدم غلق محلات تجارية، وتم سحب 59 ألف رخصة سياقة وحجز 2163 سيارة خاصة حتى الثامن من إبريل الماضي.
وتكمن مشكلة مخالفة الحجر الصحي في التدخلات المضرة من قبل أشخاص، يتوسطون لإخراج أقارب لهم من مراكز الحج، وهو ما أكده الدكتور سمير عبد المؤمن، رئيس قسم طب الاستعجالي وعضو اللجنة الوطنية الدائمة لمتابعة ومكافحة انتشار فيروس كورونا، إذ تلقى اتصالين هاتفيين من طبيبين طلبا التوسط لقريبين أصيبا بالفيروس لا يرغبان في الانتقال إلى المحجر الصحي، لكنه رفض كما يقول لـ"العربي الجديد".
واقعة أخرى، حذر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين من خطورتها، إذ فر رجل أعمال وزوجته من فضاء العزل الصحي الإجباري بمنطقة شط مريم بولاية سوسة بعد تدخل أشخاص متنفذين من داخل السلطة التشريعية وفق ما يقول القاضي أنس الحمايدي، رئيس الجمعية، مضيفا أنّ كل من يخرق الحجر الصحي يتم تحرير محضر له ويرسل وجوبا للنيابة، لكي تتصدى المحاكم للمخالفين.
وتم تهريب مراد الخشين رجل الأعمال والقيادي في حزب مشروع تونس، من الحجر الصحي بحسب النائب البرلماني عن ائتلاف الكرامة ماهر زيد الذي قال إن المعطيات المتوفرة لديه تفيد أن الرجل استخدم حيلة تجمهر متظاهرين للاحتجاج أمام النزل الذي يقيم فيه، ثم وصلت وسيلة نقل مواد غذائية وتولت نقله مع زوجته بحسب إفادته لـ"العربي الجديد"، لكن بمجرد علم المكتب التنفيذي لجمعية القضاة بالحادث، تم التصدي لهذا الخرق وإعادة رجل الأعمال وزوجته إلى الحجر مجددا في 1 إبريل وسيعرضان على القضاء بعد استكمال فترة الحجر، بحسب القاضي الحمايدي والذي قال: "رغم الإجراءات التي تقتضي تعليق العمل في العديد من الدوائر القضائية، إلا أن النيابة العمومية والدوائر الجزائية التي تتولى التحقيق تواصل عملها للتصدي للمخالفات المتعلقة بعدم احترام الحجر الصحي وعدم الامتثال لمقتضيات الحجر الشامل".
عقوبات رادعة
أفاد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس1، محسن الدالي، أن النيابة العمومية أصدرت خلال الفترة من 23 مارس إلى 3 إبريل، 157 إذناً بتوقيف مخالفي قرارات الحجر الصحي الشامل وحظر التجول، 49 منهم أودعوا السجن و108 مخالفين سيتم النظر في ملفاتهم، لمعرفة من لديهم مبررات بمخالفة حظر التجول.
وتدخل مخالفة حظر التجول ضمن العقوبات الواردة في الفصل التاسع من الأمر عدد 50 لسنة 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ والذي ينص على أن "كل مخالفة لأحكام هذا الأمر تعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين 6 أشهر وسنتين وخطية (غرامة) تتراوح بين 60 و2500 دينار (20 دولارا و864 دولار)، أو بإحدى هاتين العقوبتين"، وعقب مجلس وزاري بتاريخ 13 أبريل، أعلنت الحكومة التونسية عن غرامة مالية بـ 50 دينار حوالي 17 دولارا ضد مخالفي الحجر الصحي الشامل ومن الممكن أن تتضاعف في حال العود لتصبح 100 دينار (35 دولارا).
لكن تلك العقوبات لم تفلح في منع مجموعة من الأشخاص من بينهم فنان معروف كانوا خاضعين للحجر الصحي الإجباري في نزل بالمهدية بعد قدومهم من نيس الفرنسية، إذ تجمعوا في إحدى غرف النزل وعقدوا جلسة لتدخين المخدرات وتناول مشروبات كحولية بحسب تأكيد رئيسة الفرع الجهوي لمكافحة الفساد بالمهدية كريمة الغراد لـ"العربي الجديد".
وتضيف الغراد أنّهم حصلوا على مقاطع توثق الخروقات التي حصلت، مضيفة أن الهيئة أحالت الملف على أنظار وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالمهدية وقد تم التعهد بالتحقيق في الموضوع لكشف مصدر المخدرات والمشروبات الكحولية وكيفية دخولها إلى الحجر الصحي.
تحذير الرابحي جاء بعد استمرار مظاهر خرق الحجر الصحي من قبل رافضين للانتقال إلى المشافي أو مراكز الحجر وآخرين ممن رفضوا الخضوع للعزل الذاتي في المنزل، إذ وثقت معدة التحقيق حالة 500 مسافر عائدين إلى البلاد عبر مطار تونس قرطاج بتاريخ 20 مارس/آذار 2020، رفضوا الخضوع للحجر الصحي في المراكز المخصصة، للتأكّد من عدم إصابتهم بالفيروس وفق ما أكده الكاتب العام لنقابة أمن المطار، أنيس الورتاني، لـ"العربي الجديد".
وخصصت وزارة الصحة 27 مركزا للحجر توزعت على كافة أرجاء تونس، وتم وضع 2400 مسافر في الحجر الإجباري منذ 22 مارس المنقضي وحتى 14 إبريل/نيسان، من بينهم 29 حالة تبين إصابتهم بالفيروس، و818 حالة استكملوا مدة الحجر والمقررة بـ 14 يوما وفق ما قاله الرابحي.
تعمد مخالفة الإجراءات
تكرار حالات الرفض للخضوع للحجر الصحي في المنازل أو المراكز المخصصة للعائدين إلى البلاد، يعيده الورتاني إلى عدم شعور من يخترقون الحظر، بالخطر الجسيم الذي يشكلّونه على المواطنين، وهو ما يبدو في 3 خروقات موثقة للحجر المنزلي حدثت خلال الفترة من 23 مارس الماضي و7 إبريل، إذ تعمد زوجان مصابان بفيروس كورونا في بلدية الزهراء بالضاحية الجنوبية للعاصمة، مخالفة إجراءات الحجر الصحّي الذاتي الذي يلزمهما بالبقاء في منزلهما بمجرد قدومها من السفر، دون تمكن البلدية من معرفة الأماكن التي قصداها ومع من تواصلا تحديدا، الأمر الذي أدى إلى إصابة 6 عائلات مكونة من 16 فرد بالفيروس في تلك البلدية حتى 23 مارس الماضي وفق ما يؤكده رئيس بلدية الزهراء، ريان الحمزاوي، قائلا:" أغلب المصابين لم يحترموا العزل المنزلي بالبقاء بعيدا عن أفراد أسرهم أو عدم مغادرة بيوتهم، وهو ما دفع البلدية إلى إعلان حالة الطوارئ ونقلهم جميعا إلى الحجر الإجباري لأنهم يشكلون خطرا على عائلاتهم ومحيطهم".
وتعمدت امرأة في 6 إبريل الخروج من الحجر الصحي بمنزلها بعدما أجريت لها تحاليل الفيروس في اليوم السابق، وانتقلت إلى معتمدية سوسة جوهرة لتقف في طابور المساعدات الاجتماعية مع العديد من المواطنين، وتبين في نفس اليوم إصابتها بفيروس كورونا ما استوجب إخلاء المعتمدية، ونقل المرأة من بيتها إلى الحجر الصحي الإجباري، وفق تأكيد عادل الشليوي، الوالي السابق (أقيل 14 إبريل) لولاية سوسة بالوسط التونسي.
وفي 7 إبريل، أصيبت عاملة نظافة بمكتب بريد بعدوى الفيروس من والدتها التي حضرت حفل زفاف، رغم منع تلك التجمعات، بحسب ما يؤكده رئيس بلدية القلعة في ولاية قبلي، يونس بن عرفة لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى أن العدوى انتقلت إلى العائلة التي تتكون من 6 أفراد من بينهم طفل (5 أعوام) وجميعهم تبين أن تحاليلهم موجبة، مما استوجب نقلهم إلى مركز الحجر صحي بمدينة المنستير (تبعد 21 كم عن سوسة).
وبعد فشل تجربة الحجر المنزلي الذاتي التي أقرتها وزارة الصحة التونسية في 2 مارس الماضي وتسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في تونس، عملت الوزارة على الإيواء الإجباري في الحجر الصحي لمن تتأكد إصابتهم بالفيروس كما يتم نقل من تسوء حالتهم الصحية إلى المستشفيات بحسب الرابحي.
تداعيات كارثية
أقر مجلس الأمن القومي التونسي تمديد الحجر الصحي الشامل لأسبوعين إضافيين، ابتداء من 5 إبريل، لمواجهة انتشار فيروس كورونا الذي أصيب به 780 حالة توفي منهم 35 مريضا حتى 15 إبريل وفق بيانات وزارة الصحة التونسية، إلا أن مخالفة هذه الإجراءات لا يزال مستمرا في العديد من المدن التونسية ومن بين الخروقات انتقال مصابين بالفيروس من جزيرة جربة شرق تونس، والتي أعلنتها وزارة الصحة بؤرة مصابة بالفيروس في 22 مارس الماضي إلى بقية الولايات عبر الإبحار خلسة في مراكب صيد بعد إغلاق الجزيرة وفق تأكيد شرف الدين التريكي عضو خلية الأزمة الاجتماعية ببلدية ميدون في جزيرة جربة التابعة لمحافظة مدنين.
وأدى تنقل مصاب بالفيروس من جربة للعاصمة، إلى إصابة 3 عائلات من أقربائه بحسب تأكيد وزير الصحة عبد اللطيف المكي في مؤتمر صحافي عقده بقصر الحكومة في 7 إبريل، مضيفا في تصريح متلفز أنه لولا مغادرة مصابين بفيروس كورونا من جربة في رحلات حرقة (عبر القوارب بشكل سري) مقابل 20 دينارا تونسيا (7 دولارات أميركية) لما انتشر الفيروس في القصرين وسط غرب تونس وتوزر جنوبا، هو ما دعا سمير عبد المؤمن عضو اللجنة الوطنية الدائمة لمتابعة ومكافحة انتشار فيروس كورونا بوزارة الصحة للقول: "يجب تطبيق القانون على هذه الحالات"، مضيفا لـ"العربي الجديد"، عدم احترام الحجر الصحي الذاتي والتنقل من محافظة إلى أخرى وراء نقل العدوى، إذ سجلنا حالة نقل مصاب الفيروس إلى 12 من عائلته وقد تنتشر العدوى منهم إلى آخرين في محافظات أخرى وفي هذه الحالة يصبح مصدر العدوى غير معلوم، ما يعقد تتبع انتشار الفيروس والوقاية منه.
وجرى سجن صاحب مركب الصيد في 6 إبريل، لاتهامه بخرق إجراءات الحجر الصحي الشامل ونقل شخص من جربة إلى منطقة الجرف، بحسب ما أكده لـ"العربي الجديد"، الناطق باسم المحكمة الابتدائية بمدنين، مراد الوردني.
مشهد آخر شابه فوضى تشكل خطرا على صحة التونسيين في زمن كورونا، إذ تجمع عدد كبير من الأشخاص المؤهلين للحصول على المساعدات التي أقرتها الدولة للمتضررين من توقف أعمالهم بسبب الفيروس، والتي تقدر بـ200 دينار (69 دولارا)، بدون تطبيق الإجراءات الاحترازية الخاصة بتقليل الزحام منعا لانتشار العدوى، ليقف هؤلاء في صفوف متلاصقة، أمام مراكز البريد في مدن عدة، ومنها فرنانة الواقعة شمال غربي تونس التي تجمع فيها يوم 3 أبريل قرابة ألف مواطن للحصول على هذه المنحة، دون أي وسائل حماية، وفق ما أكده الناشط بالمجتمع المدني، وليد الغزواني، قائلا لـ"العربي الجديد" :"ما حصل خرق للحظر الشامل وينبأ بكارثة وشيكة".
تدخلات وراء فرار المصابين من الحجر
سجلت وزارة الداخلية التونسية 1773 مخالفة لحظر التجول المعلن في 19 مارس، بالإضافة إلى عدم التزام 600 شخص بالحجر الصحي وفق إفادة الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، خالد الحيوني، والذي قال لـ"العربي الجديد" :"سجلنا 2021 مخالفة متعلقة بعدم غلق محلات تجارية، وتم سحب 59 ألف رخصة سياقة وحجز 2163 سيارة خاصة حتى الثامن من إبريل الماضي.
وتكمن مشكلة مخالفة الحجر الصحي في التدخلات المضرة من قبل أشخاص، يتوسطون لإخراج أقارب لهم من مراكز الحج، وهو ما أكده الدكتور سمير عبد المؤمن، رئيس قسم طب الاستعجالي وعضو اللجنة الوطنية الدائمة لمتابعة ومكافحة انتشار فيروس كورونا، إذ تلقى اتصالين هاتفيين من طبيبين طلبا التوسط لقريبين أصيبا بالفيروس لا يرغبان في الانتقال إلى المحجر الصحي، لكنه رفض كما يقول لـ"العربي الجديد".
واقعة أخرى، حذر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين من خطورتها، إذ فر رجل أعمال وزوجته من فضاء العزل الصحي الإجباري بمنطقة شط مريم بولاية سوسة بعد تدخل أشخاص متنفذين من داخل السلطة التشريعية وفق ما يقول القاضي أنس الحمايدي، رئيس الجمعية، مضيفا أنّ كل من يخرق الحجر الصحي يتم تحرير محضر له ويرسل وجوبا للنيابة، لكي تتصدى المحاكم للمخالفين.
وتم تهريب مراد الخشين رجل الأعمال والقيادي في حزب مشروع تونس، من الحجر الصحي بحسب النائب البرلماني عن ائتلاف الكرامة ماهر زيد الذي قال إن المعطيات المتوفرة لديه تفيد أن الرجل استخدم حيلة تجمهر متظاهرين للاحتجاج أمام النزل الذي يقيم فيه، ثم وصلت وسيلة نقل مواد غذائية وتولت نقله مع زوجته بحسب إفادته لـ"العربي الجديد"، لكن بمجرد علم المكتب التنفيذي لجمعية القضاة بالحادث، تم التصدي لهذا الخرق وإعادة رجل الأعمال وزوجته إلى الحجر مجددا في 1 إبريل وسيعرضان على القضاء بعد استكمال فترة الحجر، بحسب القاضي الحمايدي والذي قال: "رغم الإجراءات التي تقتضي تعليق العمل في العديد من الدوائر القضائية، إلا أن النيابة العمومية والدوائر الجزائية التي تتولى التحقيق تواصل عملها للتصدي للمخالفات المتعلقة بعدم احترام الحجر الصحي وعدم الامتثال لمقتضيات الحجر الشامل".
عقوبات رادعة
أفاد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس1، محسن الدالي، أن النيابة العمومية أصدرت خلال الفترة من 23 مارس إلى 3 إبريل، 157 إذناً بتوقيف مخالفي قرارات الحجر الصحي الشامل وحظر التجول، 49 منهم أودعوا السجن و108 مخالفين سيتم النظر في ملفاتهم، لمعرفة من لديهم مبررات بمخالفة حظر التجول.
وتدخل مخالفة حظر التجول ضمن العقوبات الواردة في الفصل التاسع من الأمر عدد 50 لسنة 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ والذي ينص على أن "كل مخالفة لأحكام هذا الأمر تعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين 6 أشهر وسنتين وخطية (غرامة) تتراوح بين 60 و2500 دينار (20 دولارا و864 دولار)، أو بإحدى هاتين العقوبتين"، وعقب مجلس وزاري بتاريخ 13 أبريل، أعلنت الحكومة التونسية عن غرامة مالية بـ 50 دينار حوالي 17 دولارا ضد مخالفي الحجر الصحي الشامل ومن الممكن أن تتضاعف في حال العود لتصبح 100 دينار (35 دولارا).
لكن تلك العقوبات لم تفلح في منع مجموعة من الأشخاص من بينهم فنان معروف كانوا خاضعين للحجر الصحي الإجباري في نزل بالمهدية بعد قدومهم من نيس الفرنسية، إذ تجمعوا في إحدى غرف النزل وعقدوا جلسة لتدخين المخدرات وتناول مشروبات كحولية بحسب تأكيد رئيسة الفرع الجهوي لمكافحة الفساد بالمهدية كريمة الغراد لـ"العربي الجديد".
وتضيف الغراد أنّهم حصلوا على مقاطع توثق الخروقات التي حصلت، مضيفة أن الهيئة أحالت الملف على أنظار وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالمهدية وقد تم التعهد بالتحقيق في الموضوع لكشف مصدر المخدرات والمشروبات الكحولية وكيفية دخولها إلى الحجر الصحي.