ترقد الطفلة المصرية، روان أشرف (أربع سنوات)، في مشفى أبو الريش للأطفال، بقسم العناية المركزة منذ أكثر من أسبوع، إثر إصابتها بالتهاب فيروسي مناعي بالمخ، بعد تعرضها لتشنجات أصابت الطفلة في النصف الأيمن من وجهها، نتيجة لقاح الحصبة الألمانية الذي قامت وزارة الصحة المصرية، في 31 أكتوبر/تشرين الأول من العام الجاري، بحملة موسعة من أجل تلقيح الأطفال به، من عمر تسعة أشهر إلى عشر سنوات.
بحسب إحصاءات وزارة الصحة المصرية فإن عام 2013 شهد ظهور 5 آلاف حالة من الحصبة والعام الماضي وصل العدد إلى 2600 حالة توفي منهم ستة أطفال، ما استدعى تنظيم حملة تطعيمات جديدة ضد المرض، لكن عدداً من الأهالي فوجئوا بتدهور الحالة الصحية لأبنائهم عقب تلقيهم التطعيم.
اقرأ أيضاً: لقاح أطفال سورية.. جرعة الموت
موانع التطعيم
طبقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية فإن لقاح الحصبة والحصبة الألمانية، يعد من بين اللقاحات الحية، إذ يحقن الطفل المراد تلقيحه بالفيروس المسبب للمرض، بعد أن يتم إضعافه مخبرياً وتجفيفه بالتبريد، حتى يستطيع الجهاز المناعي للطفل بناء الأجسام المضادة، ومواجهة المرض.
وتؤكد منظمة الأغذية والأدوية الأميركية "fda"، أن موانع تطعيم الحصبة والحصبة الألمانية، هي أمراض المناعة الخلقية والوراثية، وكذلك أمراض الدم، وفي حال كان الطفل يتناول الأدوية المثبطة للمناعة مثل المضادات الحيوية أو الكورتيزون، والحمى، والحساسية للجيلاتين أو النيوميسين، وارتفاع درجة الحرارة، وهو ما جعل والدة الطفل أسامه حسين (عامان ونصف العام)، إلى تطبيقه على حالة ابنها ورفض تطعيمه، رغم تأكيدات طبيب حكومي أن التطعيم لا يشكل خطورة على حياة ابنها.
تقول والدة أسامة "أصيب طفلي بعدوى هضمية استدعت تلقيه مضادات حيوية لمدة 3 أسابيع، وعقب انتهاء العلاج توجهت إلى مكتب الصحة في شبرا الخيمة، للسؤال حول إمكانية تطعيمه من عدمه، قال الطبيب إن التطعيم آمن للطفل الذي توقف عن مضادات الحيوية لتوه، إلا أنه بسبب انتهاء دوام العمل لم يتم تطعيمه".
عقب استشارة طبيب الأسرة، رفضت والدة أسامة تطعيمه، حتى لا يؤدي اللقاح إلى إصابته بمضاعفات الحصبة الألمانية وعلى رأسها الالتهاب الدماغي، بعد تأكيدات من طبيب الأسرة أنه لا خطورة على الطفل من عدم تلقي اللقاح، لأنه تلقاه قبل ذلك في التطعيم الثلاثي الإجباري.
اقرأ أيضاً: تهريب الدواء في اليمن... تجارة بآلام المرضى
وزارة الصحة المصرية: التطعيم آمن
يؤكد تقرير لمنظمة الأغذية والأدوية الأميركية، اطلعت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن تطعيم الحصبة له آثار جانبية، تبدأ من الإغماء وحتى التهاب السحايا والالتهاب الدماغي، كما أكد التقرير ضرورة معرفة مقدم الرعاية الصحية، والتاريخ المرضي للشخص المراد حصوله على اللقاح، بالإضافة إلى ضرورة تنبيه الشخص المراد تطعيمه أو الوصي بمخاطر اللقاح، وهو إجراء تفتقد له المنظومة الصحية المصرية، كما وثقت معدة التحقيق، إذ لدى سؤالها عدداً من أهالي الأطفال ممن يعانون من مضاعفات اللقاح، نفى هؤلاء تحذيرهم بمضاعفات اللقاح، من قبل مسؤولي الصحة.
تصر وزارة الصحة المصرية، في حملتها الدعائية، على أن لقاح الحصبة والحصبة الألمانية آمن، ويؤكد الدكتور خالد مجاهد المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن التطعيم آمن بنسبة 100%، ولم يتم نشر أي تحذيرات تتعلق بموانع التلقيح.
اقرأ أيضاً: المأساة في سنجار.. صرخات أطفال الأيزيديين تملأ الجبل
حالات متزايدة
في مستشفى أبو الريش للأطفال في القاهرة، وبالقرب من الطفلة روان، يرقد الطفل عبد الرحمن بكري، 10 سنوات، بعد نقله من مشفى حميات بني سويف، جنوب مصر، إثر إصابته بالتهاب دماغي أيضاً نتيجة تلقيه تطعيم الحصبة في مدرسته.
تقول والدة عبد الرحمن، "تم حقنه باللقاح ضمن الحملة التي شملت المدارس ودور الحضانة، وبعد عودته من المدرسة أصيب بارتفاع حاد في درجات الحرارة وتشنجات استدعت نقله إلى مستشفى الحميات لينقل بعدها لمستشفى أبو الريش حيث يرقد في العناية المركزة".
إلى جانبهما يرقد الطفل يوسف عبد الغني، ذو العام الواحد، بعد إصابته بالتهاب دماغي أيضاً عقب تلقيه لقاح الحصبة ضمن الحملة المخصصة للقاح في الجيزة.
يؤكد الدكتور محمد عز العرب، المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، أن الالتهاب الدماغي الفيروسي يعد أحد الأعراض للقاح الحصبة الألمانية، قائلا "كان يجب التأكد من أن مناعة الشخص المراد تلقيحه ستتحمل اللقاح". وطالب الدكتور عز العرب وزارة الصحة بشفافية الإعلان عن عدد الإصابات بالالتهاب الدماغي أو الالتهاب السحائي لأشخاص تلقوا تطعيم الحصبة ضمن الحملة القومية.
اقرأ أيضاً: مصر.. أغرب 10 تصريحات لجنرالات 30 يونيو
سوابق مرضية
في أبريل/نيسان من عام 2009 دشنت وزارة الصحة المصرية حملة للتطعيم ضد الحصبة الألمانية حتى عمر 20 عاماً، سجلت 3 حالات تم تطعيمها فوق سن 20 عاماً لأمهات حوامل، ما أدى إلى إجهاضهن، إذ تشدد منظمة الصحة العالمية على عدم تطعيم الأمهات الحوامل، والتأكد قبل التطعيم من عدم وجود حمل، بالإضافة إلى التأكد من عدم حدوث حمل لمدة 3 أشهر بعد التطعيم.
أثناء إعداد التحقيق أكدت عائلة الطفلة روان أشرف وجود 15 حالة أخرى بمستشفى حميات الفيوم، إلا أن الدكتور أحمد إبراهيم مدير المستشفى، رفض التعليق، وطالب بمخاطبة المتحدث الرسمي لوزارة الصحة لأنه المصدر الوحيد المخول له التعليق، على حد قوله.